موريتانيا: صحة الرئيس.. مؤشرات على نهاية حقبة / سيدي ولد سيد احمد

altغاب الرئيس والرجل القوي عن الوطن وغابت أخباره عن الشعب، منذ أن أصابته رصاصات غامضة المصدر والهدف، في الثالث عشر من اكتوبر، وحلت الشائعات الصديقة والقريبة والبعيدة محل الأخبار الرسمية.

 واصطدمت  الروايات والتصريحات، المبشرة بقرب عودة الرجل، مع واقع حركة الزمن، فلم يعد بالإمكان تصديقها، فأضحت هباء منثورا، تلاشت معه لافتات الترحيب ومهرجانات الأحبة والمناصرين.

 وأضحت تلك الأخبار مجرد أضغاث أحلام، لا تملك رصيدا من واقع يؤكد  كل يوم على عدم مصداقية ما تناقلته تلك المصادر عن قرب عودة الرئيس وقيامه بمهامه الدستورية، كما يؤشر على أن مقام الرجل في عاصمة النور سيطول، كما سيطول معه انتظار مستقبليه:

 المؤشر الأول: على المستوى الحزبي والشعبي، تراجعت وتيرة التحضيرات لعودة سيادته للوطن، واضمحلت أصوات طالما ملأت قاعات البرلمان دفاعا عن سياسات الرجل، وهم العارفون بخبايا السياسة والحكم  وممن لهم تجربة كبيرة في التخلي عن الذاهبين وقنص الوافدين إلى القصر الرمادي، لأنهم لا يحبون الآفلين من الرؤساء والزعماء وأصحاب مراكز القوة، كما قال الدكتور جمال حسن رحمه الله: "كل ما جاء حاكم صفقوا له وإذا سقط همزوا فيه"..

 المؤشر الثاني:  التدرج التنازلي في تعاطي الإعلام الرسمي مع الملف الصحي لرئيس الجمهورية  من الصوت والصورة ومرورا بالبرقيات الرسمية وخطاب العيد ووصولا إلى تعتيم كامل ومطبق حول أخباره، مما اضطر المقربين منه للجوء لوسائل إعلام حرة لتمرير شائعاتهم حول صحة الرئيس وقرب عودته وآخر صوره.

المؤشر الثالث: العودة المبكرة لكل الرسميين، الذين رافقوا الرئيس في رحلته الاستشفائية إلى باريس وعدم توجه أي فريق رسمي آخر إلى باريس لمتابعة ملفه الصحي عن قرب، مع ما رافق ذلك من غياب للبيانات والتصريحات الرسمية عبر وسائل الإعلام الرسمية.

 المؤشر الرابع: شائعات السبت المشهورة والمتمثلة في استيلاء الجيش على السلطة وما صاحبها من إخضاع الحرس الرئاسي  لقيادة الأركان وإعادة انتشار السلاح، بعيد انتهاء اجتماع لمجلس الأمن العسكري الموسع في ذلك اليوم.

 المؤشر الخامس: عدم حصول أية زيارة للرئيس من طرف أي  مسئول سياسي فرنسي رفيع المستوى باستثناء الزيارة غير الرسمية لوزير الدفاع الفرنسي، الذي جاء لعيادة بعض الجنود الفرنسيين القادمين من افغانستان.

المؤشر السادس: تجميد رئيس البرلمان لمبادرته بعد اتصاله بالرئيس ومهرجانه المثير للجدل ومطالبة واستعداد المعارضة لفتح حوار موسع مع جميع الأطراف السياسية، يفضي إلى إجماع وطني من أجل ملء الفراغ الحاصل في السلطة، وهي التي طالما رفضت الحوار وطالبت برحيل النظام.

المؤشر السابع: الحراك الدبلوماسي غير العادي واللقاءات المتكررة لقائد أركان الجيش مع سفراء دول مهمة وفاعلة في القرار السياسي الدولي والتحولات الجارية في المنطقة.

المؤشر الثامن: عجز المحيطين بالرئيس والمقربين منه وانصاره عن تقديم ملف بالصوت والصورة لطمأنة الشعب الموريتاني، في ظل الانتشار الواسع  لأخبار عن تدهور صحته وعجزه عن أداء مهامه الدستورية، ولجوئهم إلى فبركة الصور ونشرها عن طريق مواقع خاصة وتخصيصهم لها بمقابلات، بدل تمرير تلك الصور والأخبار في وسائل الإعلام الرسمي.

المؤشر التاسع: التحول البادي من مواعيد محددة باليوم لعودة الرئيس إلى مجرد مواعيد مفتوحة إلى حين من الدهر، انتظارا لفحوصات ونقاهة، يحتاجهما الرئيس بعد فترة إقامته في مستشفى بيؤسي.

المؤشر العاشر:  غياب أي تقرير طبي رسمي، رغم مرور قرابة شهر على إصابة الرئيس ولد عبد العزيز وانتقاله للعلاج في فرنسا.

كل تلك المؤشرات توحي ببداية عملية ترتيب مرحلة ما بعد ولد عبد العزيز، التي ستحدد فيها ملامح الخارطة السياسية للبلاد وفقا لتوجهات وإرادة القوى الوطنية الأساسية المتمثلة في الجيش ومنسقية المعارضة والقوى التي كانت تعيش على هامش النظام من أغلبية ومعاهدة.

11. نوفمبر 2012 - 0:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا