طلب مني البعض رأيا بخصوص تفسير مقتضيات المادة 20 من القانون النظامي رقم 021-2008 المتعلق بمحكمة العدل السامية، فلم أجد بدا من الاستجابة رغبة في الاستفادة وتعميق النقاش القانوني في "النوازل القانونية" التي تشهدها الظرفية الحالية.
أشير بدءا إلى تحفظي على تفسير هذه المادة ( تم الاحتفاظ بموقعها ونصها في القانون النظامي المعدل المصادق عليه أمس من قبل الجمعية الوطنية) بأن المقصود بالقضاة المشار إليهم في هذه المادة والذين يمنع عليهم حضور جلسات النقاش والتصويت على الاتهام، ان المقصود بهم قضاة المحكمة العليا، وذلك للاعتبارات التالية:
بالاطلاع على مقتضيات احكام القانون النظامي يبدو انه فيما يتعلق بالاتهامات المصادق عليها من قبل الجمعية الوطنية والمحالة إلى محكمة العدل السامية للنظر فيها تمر بمرحلتين:
-مرحلة التحقيق للتأكد من صدقية لاتهام وإثباتاته، وهذه تقوم بها هيئة تدعى "هيئة التحقيق"مشكلة من ثلاثة قضاة وقاضيين خلفيين تختارهم كل سنة الجمعية العامة للمحكمة العليا من قضاتها الجالسين ( م 13)؛
-مرحلة الترافع امام قضاة محكمة العدل السامية في حال توصلت هيئة التحقيق إلى وجود أدلة كافية لإدانة المتهم.
تأسيسا على ذلك فإن القضاة الذين يطلق عليهم "قضاة محكمة العدل السامية" ( كما في المادة 20 المشار إليها اعلاه) هم القضاة الذين تتشكل منهم هذه المحكمة وينتخبهم البرلمان من بين أعضائه. والقول بخلاف ذلك يحتاج التعضيد بمسوغات مؤسسة قانونا.
اما اعضاء "هيئة التحقيق" فهؤلاء قضاة منتدبون من طرف المحكمة العليا، وذلك حرصا من المشرع على أن يكون هناك "فصل بين الخصم والحكم":
فجهة الاتهام بدءا هي الجمعية الوطنية وقضاة المحكمة هم في الأصل نواب منتخبون من بين أعضاء الجمعية، فكان لزاما لتحقيق العدل ان يعهد بالتحقيق في ثبوت الاتهام إلى هيئة مستقلة من خارج دائرة السلطتين التشريعية والتنفيذية !
والله أعلم