في الوقت الذي بدأ المفسدون يخافون الملاحقة والمسائلة، يحس أغلب المراقبين للمشهد السياسي في موريتانيا، أن هنالك إرادة سياسية تنتصر للوطن، ولا تحمي المفسدين، ولا تخفي أفعال من خانوا الأمانة.
إننا نرى - وجل المراقبين - أوضح من الشمس دعما شعبيا منقطع النظير، لما يقام به على صعيد البرلمان الموريتاني لكشف الفساد، يجعلنا نندفع جميعا لدعم هذا التوجه الإيجابي لتخليص موريتانيا من تاريخ طويل من التلاعب بمقدرات شعب، إلى اليوم ما تزال تنهكه تبعات ماض ثقيل، من الفقر والمجاعة والجهل.
إننا نتجه لتشكيل ملامح دولة قائمة على الشفافية، وسلطة القانون، وهو ما سيمنحنا انطلاقة جديدة لأجيال يتربون على قيم الدولة الحديثة، في مدارس جمهورية، تكون بالنسبة لهم صمام أمان في المستقبل من العبث بالثوابت والرموز الوطنية، ناهيك عن احترام ممتلكات الشعب وحوزته الترابية، التي لن يفرطوا في شبر منها.
لكن كل هذا لن يتم ولن يؤتي أكله ما لم يخضع المفسدون إلى جلسات أمام الرأي العام يعترفون فيها بما عملته أيديهم، ويعتذرون للشعب كل الشعب، ولهم بعد ذلك أن يعفى عنهم إن استرجعوا الأموال المنهوبة.
ما أحوجنا إلى مثل ما تم في جنوب إفريقيا من جلسات المصارحة الوطنية، حيث اعترف وأعتذر الجلاد من الضحية، وغير بعيد منا، في تونس حيث تم التأسيس لعدالة اجتماعية قوامها كشف ملفات الماضي الأليم والبحث عن حلول للحاضر والمستقبل.
إن السياسة التي ينتهجها رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني تثبت كل يوم أنها تقوم على احترام مصلحة الشعب، وتقوم بإرضاء أهداف وطننا، وذلك من خلال تعزيز الحرية، والتعددية وفتح آفاق الإبداع والابتكار، حيث تم تسليم حكومة معالي الوزير الأول السيد إسماعيل ولد بده ولد الشيخ كامل الصلاحيات لتطبيق برنامج رئيس الجمهورية.
كما تحقق حياد الجمهورية والنأي بنفسها عن تهم تصفية الحسابات وبناء الأمور على طابع شخصي، وهو ما يثبت صلاحيات المؤسسات الدستورية المحدد الأساس لدولة القانون والحكم الرشيد.
وهو ما مكن من انشغال الدولة في برامجها ومشاريعها بعيدا من الدخول في التجاذبات النقابية المهنية والعمالية، وهو ما ظهر جليا في انتخابات الهيئة الوطنية للمحامين الذي جرى في شفافية وحياد تام عن دعم طرف عن طرف.
سوف تلتقي أجيال مختلفة من أبناء هذا الوطن عند حقيقة مفادها أنه آن الأوان، لإحداث نقلة نوعية على كافة الصعد والمستويات، قوامها التخطيط الاستراتيجي واحترام القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان، من أجل النهوض بالوطن، وانتشال قيم شنقيط تلك الحضارة الزاخرة بقيم التسامح والسلام، وجعلها في مكانها اللائق بها رمزا لبلد يستفيد من تاريخه الغني، وحاضره المبني على الاستثمار في رأس المال البشري، من خلال عائدات الأنشطة الاقتصادية الوطنية، واستغلال ثروات الوطن، والثروات المتجددة بحيث نحفظ لأجيال الغد مستقبلا مليئا بالأمل والرفاه والنماء.