لا شك أن تقرير عمل اللجنة البرلمانية كان عملا جبارا و انجازا عظيما وما خرجت به من تبديد للثروة وسرقة ممنهجة للمال العام كان مدهش لدرجة لم يسلم منه أي قطاع دق التقرير بابه ليؤكد ذالك ببساطة ان الفساد مستشرى ، و أن السلطة الحاكامة اصبحت اليوم أمام مسؤولية اخلاقية و قانونية فى محاسبة هؤلاء للصوص ليس فقط بتجريدهم من مناصبهم السامية كما كان يقع فى بعض الأحيان حينما يكون الهول عظيم و صدمة الشارع كبيرة، بل لابد من مصادرة ممتلاكاتهم كاملة وعرضها فى المزاد العلنى بما فيها السكن الشخصي ثم بعد هذه العملية و لايتوقف الأمر عند هذا بل اضافة الى ذالك يتم التشهير بهم فى الإعلام الرسمي ، و يحرمون من طيلة حياتهم من كل الوظائف و المناصب الإنتخابية وحسب تصورى الخاص ، السجن و التجريد و العزل المهنى ليسا عقوبة رادعة لهؤلاء ، و لا يعد إجراء منصفا فى حق ضعفاء هذا البلد من فقراء و مساكين و يتاما ، و مرضى و أبناء سبيل نهبت أموالهم جهارا نهارا فى وقت يفترض أن هناك سلطة منتخبة تسهر على مصالحكهم و تحمي ممتلكاتهم من عبث العابثين ، أحرى أن تتعرض للسرقة و يظل المرتكب لهذا الفعل المشين فى العرف و القانون دون عقاب ، يمشي ملكا مرفوع الرأس واثق الخطى .
أكدت لجنة التحقيق البرلمانية طيلة عملها فى جمع الوثائق و الأدلة ماتوصلت إليه من فساد فلم تلقى الكلام على عواهنه ، إستمعت وتقصت ، و قارنت، وجمعت كل الوثائق المتعلقة بالملفات لم تصرح كما كنا نتوقع لكن المبالغ المالية المختفية محصية بدقة و أسماء المتورطين معرفوة بالبداهة لدى اللجنة .
كل ماننتظره فقط هو تطببق القانون فى هذه الشخصياة التى يوما ما كانت مسؤولة عن ادارتها لهذه المناصب فنسيت أن من يظلل يأتى بما ظل يوم القيامة .
أتمني أن يصدر الرئيس تعليماته بمعاقبة هؤلاء و أن ينفذ القضاء أمره إنطلاقا من مسؤوليته وعمله و اقتداء و عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم فى عدالة لم يشهد التاريخ مثلها : ( و الله لو أن فاطمة بنت رسول الله سرقت لقطعت يدها ) أو يكون قضاءنا المحترم بدرجة من الصرامة تكون شبيهة بما فعل عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يوما حين قيل له إن عبدالله إبنك يشرب الخمر !!! فماذا فعل عمر الفاروق مع هذا الخبر ... ؟ ارسل إليه وجلبه بالقوة و جلده بنفسه أمام الناس احقاقا للحق و تبرئة للذمة وكان يقول رضي الله عنه فى كل ضربة : ( بلغ ربك اذا جئته أن أباك يقيم الحدود ) .
اخيرا على السلطة اذا قصرت لاقدر الله فى معاقبة شلة المفسدين المكشوفة و المعلومة لدى الكل و التى لايزال يسير بعضها الآن مرافق عامة و حساسة للأسف الشديد ، أن تنتظر ثورة جياع عارمه لاتبقى ولاتذر قوم أكلهما الحرمان و الصمت ، ساعتها حين تنطلق شرارة هذه الثورة فإنها لن تراعي إلا و لا ذمة فى أحد ستحرق الجميع ، لن يتضرر حينها بشكل كبير إلا الأغنياء البخلاء فقد تقى صنائع المعروف ثلة قليلة منهم لن يخسر الفقراء فى هذه الثورة شيئا كبيرا إلا أنها ستقوم حتما بتصحيح الوضعية الإجتماعية المختلة منذو أمد بعيد وترجع اللحمة الإجتماعية اقوى و أكثر تماسكا من ذى قبل بعد ان زالت الطبقية التى كرست الغبن ، و الزبونية ، و الفساد ، و الظلم .
لا يعقل أبدا أن يقف العامي يشير بسبابته فيقول : هؤلاء سرقوا المليارات ، ثم تأتى المفتشية القطاعية فتقول هؤلاء سرقوا المليارات ، ثم المفتشية العامة لتقول هؤلاء سرقوا المليارات ، ثم محكمة الحسابات تؤكد وتقول هؤلاء سرقوا المليارات ، ثم تأتى لجنة التحقيق البرلمانية فتقول أيضا هؤلاء سرقوا المليارات ايعقل أن يستمر هذا دون تغير ؟ .... هل يمكن أن تبحر السفينة النجاة الى بر الأمان ، هل يمر الوضع دون محاسبة و دون ثورة ؟
بأي منطق و بأي شريعة أن يكون نخبة المجتمع من الأساتذة و أطباء يتظاهرون لنيل علاوة هزيلة ترفع من قيمة رواتبهم القابعة فى حدود مئة الف اوقية فى نفس الوقت مدراء ووزراء تزيد رواتبهم على المليون و مع ذالك يتحايلون فى كل لحظة
بأي منطق ان تكون رواتب القطاعات الأمنية هزيلة وهي التسهر من أجل ان ننام و تكل من أجل أن نستريح ، بأي منطق يقع هذا النهب و المؤسسات العموية فى وضعية يرثى لها و العطش يعصف بالمدن و القرى مع ظلام دامس و مع ذالك هناك ثلة قلة تنعم بالمليارات ولا يطالها القانون .
كل ما اعرفه هو أن ثورة الجياع قادمة حتما اذا تم اتغاضى وصك الآذان عن هؤلاء اللصوص و تركهم يعبثون بمقدرات البلد ليجعلوا أمنه و ستقراره على كف عفريت ولسان حالهم " سيحمى القانون ثروتنا وسعادتنا و لتذهبوا جميعا الى الجحيم " .