قبل سنة من الآن كانت بوادر الجفاف تضرب لعامها الثالث على التوالي بموريتانيا حينما كانت الحكومة الجديدة تأخذ مكانها للعمل، بادرت في وقتها بإقامة صلاة الاستسقاء على كامل التراب الوطني وبالفعل خلال اقل من يومين عمت الأمطار جميع مناطق البلاد واعادتها مرة بعد مرة وهكذا خفت وطات الجفاف واضمحلت آثاره في مناطق متعددة من البلاد. لقد وفقت الحكومة يومها بهذه الخطوة التي أغنت عن عشرات المليارات التي كانت تصرف فى سبيل مكافحة الجفاف دون أن تصل إلى مستحقيها،
قبل عام تقريبا استطاع الرئيس محمد الشيخ الغزوانى الخروج إلينا بتشكيلة وزارية متزنة من بين تكنوقراط خدموا قطاعاتهم بكل إتقان وتفان وتدرجوا فيها كما هي حال وزارة الصحة والتي كان لها الفضل في إدارة أزمة كورونا بكل كفاءة واحترافية منقطعة النظير وكذلك العدل والتعليم الثانوي وغيرهم ، وبين من أتوا من منظمات إقليمية ودولية مرموقة مع تجربة وخبرة عالمية كما هي حال وزارة الخارجية والتعاون.
بدأ الرئيس جميع نشاطاته السياسية من خلال لقاءات مع قادة المعارضة التقليدية واستطاع بخبرته وحصافته أن يستقطب إليه جميع الأطياف السياسية المعارضة حيث سمع منهم وتشارك معهم رؤيته للبناء ومقومات العمل السياسية التشاركي وهو إنجاز لم يستطع الحكام في البلد مذ نشاءتها إلى اليوم النجاح فيه ، فكل الأنظمة المتعاقبة على البلد كانت لديها معارضة مغرضة تنافح جميع عملها السياسي إيجابيا كان أو سلبيا، لقد استطاع الرئيس بهذ الخطوة أن يؤسس أجواء من الانفتاح السياسي والعمل المشترك بين مختلف الأطياف السياسية بما يخدم المصلحة العامة دون أن تكون هنالك *مأرب* شخصية من إقصاء أو تهميش أو أي شكل من أشكال التجاذبات السياسية السليبة التي كانت معوقا للسياسيات العامة للدولة و البرامج الإنمائية التي يستفيد منها المواطن البسيط.
كانت لوحة عيد الاستقلال أولى النتائج الفعلية للانفتاح السياسي وكانت منصة الشرف تتزين بألوان الطيف السياسي الموريتاني لأول مرة في سابقة لم يعهدها الموريتانيون وتبين للسلطات والشعب أن موريتانيا لكل الموريتانيين و ان الممارسة الديمقراطية ليست بالضرورة الإقصاء والاستئثار بالسلطة والسيادة.
لقد كانت منصة الشرف شرف لكل الموريتانيين بكل أجيالهم و أعمارهم وأطيافهم و مكوناتهم العرقية فمن جيل الاستقلال إلى ما بعد انقلاب 78 ثم أجيال الثمانينيات والتسعينيات فما بعد، وغيرها من التشكيلات التي تدخل السرور على كل بيت موريتاني ، لقد أحرزت فيها لأول مرة ابرتوكولات الشرف للموظفين السامين السابقين من الرؤساء ورؤساء الحكومات وغيرهم من الأعيان والعسكريين القدماء ممن خدموا هذا الوطن، لقد كانت بحق منصة شرف للجمهورية الإسلامية الموريتانية الجديدة التي تأخذ من الشرف والإخاء والعدالة شعارا لها و قيمة للدولة.
كانت أيضا شنقيط ومهرجانها بداية لحقبة جديدة من التعاطي الإيجابي مع الموروث الشعبي وكانت منصتها أيضا تجمع موريتانيا بجميع أطيافها السياسية والثقافية كانت لوحة فنية بديعة من الوجوه التي كانت إلى وقت قريب لا يمكن أن تجتمع تحت سقف واحد أحرى أن تتعانق وتتبادل أطراف الحديث وكأنها تقول موريتانيا لكل الموريتانيين.
بدأ السيد الرئيس رحلاته الخارجية بحضور فعال في مؤتمرات ذات أهمية كبيرة على المستوى الدولي فمن نيويورك الى موسكو وباريس وغيرها كان السيد الرئيس محل ترحيب وكان دبلوماسية موريتانيا متألقة كما هي عادتها،
ثم جاءت زيارة الإمارات العربية لتتوج كحدث ذا مدلول لعلاقات عريقة بين بلدين شقيقين و صديقين تجمعهما علاقة ضاربة في عمق التاريخ ، لقد كانت توجيهات السلطات الإماراتية باستثمارات بقيمة ملياري دولار دلالة واضحة على صدقة الأخوة بين المحمدين وبين الشعبين الكريمين وهي ثقة في محلها، تلتها أيضا زيارة المملكة العربية السعودية التي أسفرت هي الأخرى عن أبروتوكولات تعاون مشترك بين البلدين.
على المستوي الإقليمي لعب السيد الرئيس دورا محوريا في توجيه و إدارة بوصلة قوة دول الساحل وكان له الفضل في مؤتمر باريس ثم مؤتمر نواكشوط الأخير المتوج لجمع للتمويلات والمنح بخصوص عمل قوات هذه المنظمة وأيضا مجالات تدخلها ، لقد لعب الرئيس دورا محوريا في جعل شركاء التمويل وغيرهم يقتنعون بان الحرب ضد الإرهاب ومكافحة الهجرة جزء من المهام التي تضلع بها هذه القوات كما ونحج الرئيس في إقناع قادة الرأي الدولي مثل المستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي والسكرتير التنفيذي للاتحاد الأوربي و الايطاليين والأسبان بأهمية الحدث.
أيضا نجحت موريتانيا في خلق جو من التقارب السياسي بين الجارتين الشماليتين حيث حظيت موريتانيا باهتمام كبير لدي قصر المرادية وهو اهتمام انعكس بجلاء خلال زيارة وفد رفيع المستوي في أول حراك دبلماسي بعد موجات كورونا حيث زار البلد وفد جزائري متعدد الاختصاصات ورفيع المستوى وكانت نتائج عمله مع الجانب الموريتاني إيجابية إلى أبعد الحدود وقبلها زيارات لوفود وزارية في إطار الشراكة الاقتصادية بين البلدين.
وفى جو أخوي أيضا زار موريتانيا في فبراير الماضي رئيس الدبلوماسية المغربي ناصر بورطة في زيارة لمدة يومين تكللت بالنجاح وكانت قبلها زيارة لبعض المسئولين المغاربة في إطار افتتاح معرض المغرب في نواكشوط و كانت كلها زيارة ناجحة موطدة العلاقة بين البلدين الشقيقين والصديقين ومتجاوزة الإبعاد الاقليمة لبعض القضايا العالقة.
جنوبا تحظى موريتانيا بعلاقة متميزة مع جارتيها فقد زار الرئيس دكار لعقد الاتفاقيات المشترك بخصوص استغلال الغاز وكانت نتائج عمله هنالك مثمرة جدا ، لقد أعرب الرئيس ماكي صال خلال زيارته لنواكشوط عن شعوره بالغبطة والسرور وقال أنه يعتز بالصداقة بين الشعبين والدوليتين وهو تعبير دبلوماسي يصف العلاقة بين البلدين بأنها ممتازة.
جاءت أزمة كوفيد لتشل حركة العالم والاقتصاد العالمي ، لكن حكومتنا كانت متقدمة بخطوة على تلك الأزمة فلقد بادرت بالحجر الكلي قبل أن تسيطر على الوضع في فترة الذروة ، وفى حين كانت دول كبيرة ذات منظومات صحية لا تقارن ببلدنا تنهار وتعيش ظروف كارثية ، كنا في موريتانيا نرفل في نعم وخير كبير حتى أننا أعلنا البلد خاليا من الوباء قبل أن يعيد الكرة مع متسللين للأسف الشديد ، لقد كانت جهود الحكومة وتدابيرها الوقائية التي اتخذتها كافية ليكون المواطن البسيط في مأمن من ذلك الوباء المتفشي بسرعة كبيرة،
لقد استطاعت الحكومة وبتوجيهات مباشرة من السيد الرئيس ورغم شح الإمكانيات أن تدير هذه الأزمة بكفاءة عالية وبمهنية منقطعة النظير، حتى بعد الانقشاع ورفع الحجر استطاعت الجهود المبذولة تخفيف الصدمات والارتدادات المنعكسة من تلك الأزمة.
لقد كانت إدارة هذه الأزمة لوحدها تكفي لهذه السنة فقد جنبت موريتانيا اوضاع كانت لتكون كارثية بما في الكلمة من معنى وعلى جميع الأصعدة .
أخيرا تكلل عمل الجهاز التنفيذي بقيادة السيد الرئيس في اقل من سنة بعمل جبار على مستوى فصل السلطات وعدم التداخل بينها ، فقبل أيام قدمت لجنة التحقيق البرلماني تقريرها بعد عمل لمدة 6 أشهر مضنية من الاستماع والشهود دون أن يتدخل في عملها من قريب او بعيد الجهاز التنفيذي أو أي سلطة اخرى لقد قامت تلك اللجنة بعملها على أكمل وجه دون تدخل من الرئيس أو الحكومة ودون توجيه أو تأثير مباشر أو غير مباشر ، وهو تكريس محمود لمبدأ فصل السلطات بتنا اليوم ننعم به دون الكثير من المزايدات.
لم أستعرض عن برامج أولوياتي الذي يستهدف المواطن البسيط بشكل مباشرة ، لم أتطرق للشيلة ولا إلى برامج التنمية الاخرى وعمليات مندوبية التآزر لم أتطرق إلى عمليات تعبئة الموارد غير التقليدية التي تحدث دون ضجيج و لم أتعرض لعمليات التشغيل ولا إلى عمليات إصلاح التعليم ، ولم اتطرق الى مشاريع البنية التحية التى انجزت والتى بدأت الاشغال فيها من طرق ومدارس ومستشفيات ،لم اتطرق الى لاستصلاح الزراعي والتمية الحيوانية، لم أتطرق إلى العمل الإنساني الذي أصبح نار على علم.
هذا غيض من فيض انجازات رجل يعمل بصمت و بكفاءة عالية ، عام مضى من مأمورية من تعهد وللعهد عنده معنى ان ينتشل موريتانيا من القاع، استطاع في هذا العام لوحده أن يكرس دعائم أسس الحكامة الرشيدة والديمقراطية التشاركية وحسن الجوار التكاملي، استطاع خلق جو مناسب للعمل التشاركي لبناء موريتانيا مزدهرة تنعم بالأمن الاستقرار.