القطاع الزراعي واستمرار الهدر / مولاي ولد أب ولد أكيك

منذ ما يقارب الشهر والمزارعون يدقون ناقوس الخطر، ويحذرون من وقوع كارثة ستحل بمحصولهم من الأرز ويطالبون بالتدخل وانقاذه من الضياع، وذلك بسبب النقص الحاصل في الحاصدات الزراعية. مما أخر عملية الحصاد وأصبحت الحقول عرضة للتساقطات المطرية، التي تعد أحد أبرز الأخطار التي تؤرق هاجس مزارعي الأرز، الشيء الذي جعل الكثير من الحقول يتعرض للتلف وخسارة المحصول.

في السابق، كانت غالبية المزارعين تؤجر الحاصدات المستجلبة من السنغال، إلا أن إغلاق الحدود بين البلدين جراء تفشي فيروس كورونا أدى إلى تعذر استجلابها. ويذهب البعض الى أن السنغال هي من حال دون السماح لهذه الحاصدات بالعبور لأنهم لاحظوا أن ذلك يؤخر حصاد بعض مزارعهم وبالتالي تعرض محصولها للخسارة.

وأمام هذا الوضع وفي ظل مناشدة المزارعين الدولة التدخل لإيجاد حلول آنية، لم يحرك القطاع المعني ساكنا، مما تسبب في تلف نسبة كبيرة من هذا المحصول.

وقد أظهرت صور الأقمار الصناعية الملتقطة أخيرا أن ما يقارب 11560 هكتار من المساحة المزروعة بالأرز قد تعرضت للضياع.
وتمثل هذه المساحة نسبة 40% من إجمالي المساحة المزروعة خلال الحملة الصيفية الحالية. مما يعني أن النتائج المنتظرة منها أصبحت بعيدة من التحقق.
تشير التقديرات الأولية، أن حجم الخسائر زاد على 56.000 طن من الأرز الخام، وهو ما تبلغ قيمته 6.358 مليار أوقية قديمة (دون احتساب بعض المحاصيل التي يقول أصحابها أن حقولهم لم يشملها تقييم الخسائر).
رقم مَهولٌ وخسارة كبيرة في بلد يعيش تبعات كورونا وتداعياته، وهدرٌ للمال والجهد وانهيارٌ لرؤية وبرنامج حدد تحقيق الاكتفاء الذاتي من مادة الارز هدفا له في الحملة الزراعية المقبلة، كما أنه نسفٌ للالتزامات والوعود بزيادة إنتاج الأرز ب 70.000 طن خلال الحملة الزراعية (2020-2021)، حسب تصريح سابق لوزير التنمية الريفية.
إن قيمة الخسارة هذه كفيلة باستيراد وجمركة ما يزيد على 450 حاصدة من نوع ((Kartar 4000 Combine Harvester والتي يبلغ عرض شريطها القاطع mm4400، وهذا العدد لا شك أنه كفيل بسد العجز في المعروض من الحاصدات أثناء موسم الحصاد. فحسب أحد المختصين في القطاع، يستجلب المزارعون عند كل عملية حصاد، ما بين الستين والمائة حاصدة من السنغال.

أسئلة كثيرة تدور في أذهان الكثيرين، لعل من أبرزها: لماذا لم يتدخل القطاع الوصي بشكل استباقي لإيجاد حل لهذه المشكلة ويحول دون وقوع الكارثة؟ ألم يكن بإمكانه توفير آلات الحصاد قبل هطول الأمطار؟ ألا يملك القطاع رؤية استراتيجية ترتكز على توفير الآلات والمعدات الضرورية الكافية، دون اللجوء لتأجيرها من دول الجوار؟ ماذا فعل مسؤولو القطاع تجاه النداءات المتكررة، وأحيانا الاحتجاجات، للمزارعين أن ينقذوهم من الخطر الذي يهددهم سوى الانتظار حتى وقعت الفأس في الرأس؟

في الأسبوع الماضي وخلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء، أعطى رئيس الجمهورية السيد: محمد ولد الشيخ الغزواني أوامره بمآزرة المزارعين وتعويض المتضررين منهم، وتم، على ذلك الأساس، تشكيل لجنة تضم الإدارة وممثلين عن المزارعين لتحديد المستفيدين من هذا الدعم.
وحسب المعلومات المتداولة، فإن مبلغ الدعم بلغ 2 مليار ونصف من الأوقية. سيكون مقدار التعويض 169000 أوقية للهكتار. وقد عبر بعض المزارعين عن ارتياحهم لهذا الدعم واللفتة الكريمة تجاههم في هذا الوقت الحرج.

لكن كان بالإمكان أحسن مما كان. لو أن من أوكلت لهم مهمة تطبيق البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية في شقه المتعلق القطاع الزراعي قاموا ببناء استراتيجية للنهوض بالقطاع وامتلكوا رؤية لما ستكون عليه الزراعة في المستقبل معتمدين في ذلك على إطار مرجعي، بعيدا عن سياسة ردود الأفعال وانتظار أوامر وتعليمات رئيس الجمهورية لتدارك وإصلاح بعض أفسدوه.

مما سبق، يتضح جليا أن النقص الحاد في الحاصدات الزراعية يشكل مشكلة كبيرة ويسبب هدرا للجهود وضياعا للمحصول، وأي سياسة زراعية لم تعتمد نهج تمكين المزارعين من تملّك الحاصدات محكوم عليها بالفشل. ولن يتأتى ذلك إلا بمنح قروض سهلة وبضمانات ميسرة وتكون إجراءات منحها مبسطة وسريعة.

فمن يُعلق الجرس؟

 

6. أغسطس 2020 - 13:25

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا