كان اختيار فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لمعالي الوزير الأول الجديد السيد محمد ولد بلال اختيارا موفقا، لنظافة يده وخبرته الطويلة في الإدارة من جهة، ولإلمامه الجيد بالملفات التي عمل عليها الوزير الأول السابق من جهة أخرى.
وهو ما من شأنه - حين تشكل الحكومة الجديدة - من العمل بشكل محترف ومستمر على تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية الطموح للنهضة بموريتانيا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وعلى كافة الصعد.
إن الحياد والابتعاد عن كافة الشبهات هو ما يجعل السياسية الحكيمة لرئيس الجمهورية توفق في النأي بنفسها عن المطالب الشعبية لمحاسبة المفسدين، وقد أكدت كل محطات الملف حياد الدولة التام عنه، وهو ما حدا باستقالة الحكومة ليتسنى للملف العرض على القضاء المستقل دون أي صدامات مع السلطة التنفيذية.
إن المتتبع للشأن الحكومي ببلادنا لا شك سيرى التقدم الكبير في العمل الحكومي، والتكامل والتعاون بين مختلف القطاعات، خاصة بعد منح حكومة المهندس إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا الصلاحيات الكاملة للاضطلاع بعملها دون عقبات، لتحقيق أهداف برنامج "تعهداتي".
ولعل سبب فاعلية الحكومة التي ضمت كفاءات وطنية بارزة جعلها تحسن إدارة قطاعاتها بل وتبدع في أحيان كثيرة من خلال اقتراح سياسات قطاعية تتماشى مع السياقات الخاصة بكل قطاع، ولن تغيب تلك الكفاءات عن حكومة الوزير الأول ولد بلال لأنها فرضت نفسها بقوة ونالت ثقة المواطنين وثقة رئيس الجمهورية والوزير الأول، وستعرف وجوها جديدة تحمل هم الوطن وتتقاطع في الرؤى مع مشروع وبرنامج الجمهورية.
وهو ما سيقوم به خلفه الوزير الأول المهندس محمد ولد بلال الذي خبر سياسة الحكومة وعلى اطلاع شديد بمختلف الملفات التي عملت عليها قطاعاتها المختلفة، لذا وإن تغيرت مواقع ستبقى السياسة هي نفسها جادة ومتكاملة.
إن استقالة الحكومة بقيادة الوزير الأول المهندس اسماعيل ولد الشيخ سيديا تعتبر رسالة بليغة لإشاعة روح الديمقراطية وتجسيد المصلحة العليا للوطن، ولعلاج محطات هامة في سياق التحويل والطريق إلى الجمهورية، التي بث أمل تحققها فخامة رئيس الجمهورية وتلقاها المواطنون بفرح كبير، وبثت الارتياح الكبير في مختلف القوى السياسية ذات المشارب المختلفة، والتي أضناها طوال عقود الصالح العام، وقد وجدوا أنفسهم مرغمين للترحيب بخطاب رئيس الجمهورية المبشر بعد أفضل.
ورغم أن التحليلات السياسية الراهنة للمشهد الوطني تقول إن البوصلة ستحدد اتجاهها لتشكيل حكومة تكنوقراط تقوم بعمل جاد على الميدان، مغفلة أجواء ما يجري داخل القضاء من التحقيق في شبهات وتهم الفساد، إلا أننا قد نشهد خلال أقل من عام حكومة جديدة تحتفي بجو دولة القانون والشفافية والحكم الرشيد، وتمثل بصدق انتصار موريتانيا على حقبة الفساد وميلاد عصر جديد قوامه الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.