إننا في مرحلة حبلى بالأحداث بحيث يشبه وضعنا مرحلة التأسيس فقد أدت السياسات المُتَبَنَاة مذ الاستقلال سنة ١٩٦٠ حتى الآن إلى وصول البلاد إلى حالة انسداد لا مخرج منه إلا بتحديد طريق جديد وسلوك جديد وتوجه جديد يختلف عن الطريق والسلوك والتوجه الذي سبب مانحن فيه من الضياع ومن الحيرة وتشتيت الأذهان نحتاج سياسة تضمن طلاقا بالثلاث لما ساد منذ الاستقلال حتى الآن من عبث وفوضى أهلكت الحرث والنسل ومنعت التقدم في كل المجالات. إن علاقات المجتمع الداخلية غير طبيعية وتتسم بالهشاشة والتناقض و البيئة مدمرة بشكل يصْعُبُ تصور علاجه ومختلف جوانب الحياة يطبعها الضعف والعيوب غير المحدودة،في كل جوانبها. التعليم في غاية الضعف والتأخر على مستوى الكم من حيث الانتشار وحجم التمدرس ومستوى النوع حيث نقص الجودة و نقص التناسب مع الواقع وحاجة السوق والحاجات الضرورية للمجتمع وأولوياته ومتطلباته وكذلك قطاع الصحة يوجد في وضع أبعد ما يكون من تلبية المتطلبات في حدها الأدنى ولا يختلف الإقتصاد بكل جوانبه الصناعية والمعدنية والمالية عن ذلك وفي الزراعة واستصلاح الأراضي وبناء السدود وقطاع تنمية المواشي في غاية السوء.. جميع هذه القطاعات والمجالات تتنافس في أيها أكثر تدهورا وأسوء وضعا و أولى بالاهتمام والعلاج قبل غيرها... أمام هذه الأوضاع يجد من وضعته الظروف في المقدمة آخذا بمقود سفينة الوطن نفسه أمام خيارات محدودة وصعبة ليس من بينها متابعة السياسات السابقة إنما عليه الاختيار بين القطيعة الكاملة والفورية مع الماضي وبدء سياسات ناجعة في كل جوانب الحياة أو تبني سياسة متدرجة تتسم بشيء من الحذر والسير بتَؤُدَة وتمهل لكن أيضا بتصميم نحو أداء جديد وسلوك يناسب حاجة البلد للتغيير.. في كل الأحوال لا خيار لمسؤول البلد عن الإقلاع عما كان وبدؤ نهج جديد وسلوك جديد! في هذه الظروف يجوز لنا الاختلاف في الرؤى بل يتحتم الاختلاف في بعض التصورات الأساليب والبرامج والأولويات ... لكنه لايجوز لنا ولا يمكننا تصور أنه يمكن متابعة التعايش مع الفساد الذي كان سائدا في مختلف مراحل الماضي وفي مرحلة تلك العشرية العجيبة! فليس يجوز أن يجتهد أحد ويحاول تبرير الفساد مهما كان مستوى معارضته لسلطة معينة أو حزب معين أو لشخص فخامة الرئيس !!؟ فلن يجد أحد مايبرر به سياسات ضيعت علينا الزمن والفرص أوقعتنا في متاهات من الفوضى والتخبط جعلتنا نقف الآن أمام مرآت تعكس واقعا فاضحا نرى فيه أنفسنا متأخرين في كل شيء بلا صناعة ولا زراعة وبلا طرق ولا بنى تحتية ولا أي شيء يستحق الذكر.. يهددنا العطش من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب نعالج الرمد وحب الشباب في تونس والسنغال ! ونعتمد في غذائنا على فضلات الخضار المغربي التي لم تصلح للتوجه إلى أوروبا !! لكل أحد الحق في تحديد اتجاهه السياسي ورأيه حول مختلف القضايا باستثناء الموقف من الفساد فلا يمكن مساندة الفساد ولا تبرير حصوله واستمراره فذلك الموقف الذي يجب أن لا نختلف فيه مع أي إنسان سَوِي لا يشعر بمس في عقله لانستطيع التساهل ولا نستطيع التفاهم مع من يدعم الفساد الفساد - فقط- لا يمكننا تفهم داعميه !! ...يجب أن نتفق والأحسن أن نتعاون على محاربة الفساد واجتثاثه وتخليص البلد من شروره تتوغيره من الأمور لا نشترط فيه الاتفاق رغم ما في الاتفاق من الفضلية والخَيْرِيَة أعاننا الله على الاتفاق وسلم بلدنا من كل مكروه .!!!