مبادرة الزعيم الليبي ... هل تحقق اختراقا؟ / سيدي ولد سيد احمد

altيتطلع الكثير من الموريتانيين إلى معرفة حقيقة ونتائج فرصة الحوار التي منحتها المجموعة الدولية لأطراف الأزمة السياسية  للبحث عن حل توافقي تحت الخيمة الإفريقية وبرعاية الزعيم الليبي معمر القذافي الرئيس الدوري للإتحاد الإفريقي.

ولا شك أن  الرجل  يملك تجربة كبيرة في الحكم وقدرة على تجاوز الصعاب مما جعل من نظامه أحد أقدم وأعرق الأحكام العربية التي استطاعت أن تجدد نفسها كلما تجاوزتها الظروف ولتبقى على وجه الحياة.

قفد غير خطابه القومي العربي إلى خطاب إفريقي ليحول قبلته من الدعوة للوحدة العربية إلى الدعوة لقيام "الولايات المتحدة الإفريقية" بعدما تأكد أن العرب عاجزون عن حمايته في وجه الحصار الظالم الذي ضربه الغرب على نظامه، فاستطاع أن يدير مناورات من داخل القبة الإفريقية وأن يسلم ما ملكت يداه من السلاح النووي مقابل التمديد لحياة نظامه.

وجاءت رئاسته للإتحاد الإفريقي لمدة سنة كاملة بمثابة صدمة كبيرة لقوى الحرية والديمقراطية بوصفه أحد أكبر المناهضين للنظام الديمقراطي والتعددية السياسية، وهو الذي يدعو للقضاء على المعارضات السياسية،  لكن بعضهم إعتبرها فرصة له ليكتسب الحكمة ،  كما قال "كريسوجون زكمورو" رئيس المنظمة البوركينابية لحقوق الإنسان والشعوب.

وحسب رئيس المنظمات حقوق الإنسان الوطنية في موريتانيا السيد "صارممادو"، فإن ماتحتاجه إفريقيا هو رجل براجماتي  قادر على حل مشاكلها  وأن مايهم قذافي هو الحكم فقط.

 إن للزعيم الليبي مؤهلات مهمة اقتصادية وسياسية وعلاقات تربطه بمختلف الفرقاء السياسيين في الساحة الوطنية  منها ما هو ضارب في أعماق التاريخ ومنها ماهو جديد  بفعل العلاقات بين البلدين إلا أن الإعتراف الليبي مبكرا بإنقلاب السادس من اغسطس/آب ومناهضة سيشكل حاجزا فعليا يتوجب على الزعيم أن يعبره بسلامة لخلق أرضية حقيقية للحوار وبذل جهد إضافي في معرفة لب الصراع على الحكم دون إغفال للنظام الديمقراطي كوسيلة لتنظيمه وضمانة للتبادل السلمي على السلطة في بلد ظل العسكر يهيمن على القرار السياسي فيه لأكثر من ثلاثين سنة.

إن أي حل لهذه الأزمة لا يمكن تحقيقه إلا على أساس إحترام النظام الديمقراطي والعودة بالبلاد إلى نظامها الدستوري ، فهل سيأخذ العقيد ذلك في الحسبان وهو الذي يرى أن الديمقراطية  مصدرا من مصادر عدم الإستقرار في افريقيا ويساوي بينها وبين الإنقلابات ويد عو إلى مناهضتها.

فهل سيركز القذافي على النموذج الديمقراطي الغربي لإيجاد تصور للحل أم أن عداءه للديمقراطية سيحول دون  إيجاد أي تصور على أساسها لأن  الحكم على الشئ جزء من تصوره، وهذا ما سيجعل المبادرة الليبية بحاجة لرعاية من الإتحاد الإفريقي لصقلها وانضاجها،  أم أن الزعيم يبحث للعسكر عن مخرج يبقيه في الحكم ويحول دون قيام حكم ديمقراطي حقيقي في موريتانيا وهو الذي وصف التجربة السابقة  بالمهزلة حين كان المجتمع الدولي يصفها بالنموذج الديمقراطي  في العالم العربي.

هل جاء قبول الأطراف المعنية بالأزمة  كمناورة سياسية للتخفيف من الضغوط الدولية وعدم خسارة صداقة الزعيم الليبي أم أن هذه المبادرة هي من تصميم المجتمع الدولي وسيقدم لها الدعم  السياسي والتنظيمي كفرصة أخيرة  لحل الأزمة قبل وصول ملفها لمجلس الأمن الدولي وهذا ربما ما يفسر دعوة  القذافي إلى معالجة الملف إفريقيا وعدم تدويله بإعتبار أن نتائج التدويل ستكون وخيمة على  البلاد، لكن ماغاب عن ذهن الزعيم والرئيس الدوري للإتحاد هو أن قرار التدويل هو قرار إفريقي أولا لأنه صادر عن مجلس السلم والأمن الإفريقي.

فهل بإستطاعة العقيد الذي لبث في الحكم مليا أن يدفع جنرالات السادس من اغسطس للتخلي عن الحكم بعد عدة أشهر من الإستيلاء عليه؟

وهل تتخلى الجبهة عن مطلب عودة ولد الشيخ عبد الله مقابل أن تحصل على ضمانات بقيام حكومة وحدة وطنية تملك فيها حق الفيتو على طريقة تسيير المرحة الإنتقالية؟

أسئلة كثيرة يبقى الجواب عليها رهينا بحسن إرادة أطراف الأزمة وبقبولهم للتنازل المؤلم  لمصلحة الوطن وبقدرة المشرفين على التزام الحياد والبحث عن مخرج حقيقي للأزمة على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب".

إن كل المؤشرات لا توحي بسهولة تحقيق اختراق لحل هذه الأزمة، فًأصحاب الإنقلاب يسمونه تصحيحا وهم ماضون في خارطة طريقهم الأحادية الجانب ومقتنعون أن الجميع سيلحق بهم عاجلا أم آجلا، دون أن يدركوا تعقيدات الملف وخطورة عدم التجاوب مع مطالب المجتمع الدولي، مما ستدفع البلاد ثمنه غاليا وربما يدفعون هم أنفسهم ثمنه في المستقبل القريب، أما أصحاب الجبهة فيراهنون على حل دولي قد يغرق هذا الوطن في وحل الوصاية الدولية وتداعياتها الخطيرة على السيادة والإستقلال والإستقرار.

27. فبراير 2009 - 0:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا