سيدي الرئيس القضايا الملحة تزداد إلحاحا! / التراد سيدي

إن قضايانا تتسم بالتعقيد والإلحاح بالدرجة التي تجعلنا قلقين ومشفقين وباحثين عن كل السبل التي تمكننا من لفت نظر القادة ومن يهمه الأمر إننا لا نستطيع التعامل مع عدد غير قليل من قضايانا بالتراخي ونقص الإهتمام وتأجيل المباشرة في علاجها لأنها بكل بساطة ليست قابلة للتأجيل والتأخير والتسويف لدينا ما لايمكن لنا تأجيله إنها قضايا بلغت من التدهور والتعقيد مايحتم الدخول في علاجها دون تأخير وبمنتهى السرعة والجدية و منتهى الحزم والوضوح... وإلا تحولت إلى معضلات غير قابلة للحل و إلى أمراض سرطانية قاتلة تهدد الكيان.
السيد الرئيس لدينا ثلاثة أمور تَأَخَرْنَا كثيرا في مباشرة علاجها حتى بلغت درجة من الخطورة والتهديد لكيان الوطن ما جعل زمن التهاون في مباشرة علاجها قد ولى فليست هناك دقيقة واحدة نستطيع تضييعها قبل أن نباشر علاج هذه الأمور فكل تأخر في مباشرة علاج حالة البيئة ومسألة الوحدة والمساواة ومسألة التسيير وإنهاء الفساد يشكل خطرا يجب تجنبه بأية وسيلة وبأي ثمن إن اعتبار هذه المشكلات الثلاث مثل كل المشكلات الكثيرة التي نعاني منها في مختلف القطاعات و مختلف جوانب الحياة ليس صحيحا قد نستمر زمنا طويلا بلا طرق كما تعودنا وبلا بنى تحتية كثيرة و يمكننا الاستمرار زمنا طويلا لا نحمي مجالنا البحري وتتعرض ثروتنا البحرية للاستنزاف رغم خطورة ذلك وضرره وقطاعنا المعدني الذي يحتاج تصحيح و تقويم السياسات المتبعة في استغلاله قد نستمر بعض الزمن نمارس فيه تلك السياسات التي تنقصها الصحة والحصافة وغير ذلك كثير من الأمور التي رغم أهميتها قد لا نعالجها بالسرعة دون أن يشكل ذلك خطرا كبيرا على كيان الوطن في الحاضر و المستقبل.. بينما المسائل الثلاث التي ذكرنا ( البيئة؛ الوحدةوالمساوات؛ إنهاء الفساد وتبني تسيير رشيد ) كل واحد من هذه المسائل الثلاثة يشكل عدم علاجه وبالسرعة المناسبة خطرا حقيقيا!! فكيف يكون الحال إذا استمرت المسائل الثلاث كلها دون علاج؟ إن عدم إدراك هذه الحقائق واستمرارها نتعامل مع قضايانا هذه بما تعودناه في الماضي أصبح أمرا يصعب تصوره لأنه ضد المصالح العليا للوطن...
أيمكن أن يكون هناك أحد لا يرى خطورة المسائل الثلاث ؟ وهل هناك من لايرى أن عدم حلها يشكل تهديدا وخطرا وجوديا لبلدنا وأنه لن يستطيع بعد الآن التقدم قيد أَنْمُلَة والمشكلات الثلاث دون تغيير ودون علاج أو بدء خطوات جادة لمباشرة العلاج ؟!
لايخالجني شك في وعي القيادة لكل هذه المشكلات لكنني أخاف من وضعها في مكان أقل مما يجب وضعها فيه إن للقيادة الوطنية رؤيتها وخبرائها الذين يتمتعون بالأهلية والقدرة ولديها سياساتها التي بدأ بعضها يشهد النور.
لكنني أرى أن بداية العلاج في تركيز النظر للموضوعات بوصفها أولويات وتأسيس هيئات تباشر العمل بخطط وبرامج تأخذ جوانب الموضوعات كلها إن عدم وجود هذه الرؤية وهذه الهيئات هو دليلي على أن الموضوعات لم ينظر إليها بما تستحق من الأهمية التي تناسب خطورتها و بالتالي لم توضع حتى الآن بما يناسب أهميتها إن تأسيس لجان عليا لعلاج هذه المشكلات الثلاث قد يكون هو البداية الصحيحة لبدء العلاج لأن لكل واحدة من هذه المشكلات جوانب عديدة وتشعبات يجب لمن يريد علاجها دراستها جميعا و وضع خطط وبرامج و هيئات متابعة للتنفيذ.
إننا سيادة الرئيس لانرى مشكلة الوحدة يكفي فيها ماجرى في الماضي من طرف الأنظمة السابقة وإنما لابد من بحث الموضوع وعلاج ما لم يعالج منه من طرفكم و لا يمكن اعتبار مخلفات الرق وحالة عدم المساواة المزمنة يكفي فيها بعض الإجراءات وبعض الصناديق رغم أهمية كل ذلك لابد من إيلاء الموضوع أهمية أكبر إن عدم تكوين لجنة سامية تعالج مختلف جوانب مشاكل الوحدة والتهميش والتفاوت يعني عدم بدء علاج جدي ينقذنا من مصير خطير... كما أننا في مواجهة ما حل ببيئتنا لم نبذل حتى الآن مايدل على إدراكنا للمخاطر إننا نحتاج دون تأخير إجراءات كثيرة لوقف التدهور المستمر للبيئة ومن بينها على سبيل المثال إجراءين:
أولا: بدء دراسة ماذا يجري في أماكن نشاطات البحث عن الذهب والكوارتز و وقف أي تلوث للتربة من الزئبق وغيره من الملوثات.
ثانيا: تقرير زيادة رأس مال( سوماغاز) وتوفير الغاز لجميع المواطنين وإنهاء استعمالات الخشب والفحم كلية و وقف قطع الأشجار وحرقها للاستغلال المنزلي إن عدم بدء الخطوة الأولى في تلك الرحلة الطويلة لعلاج البيئة تعني عِظَمَ حاجتنا للتحرك في هذا الإتجاه.
وفي مسألة الفساد نحتاج وضوحا وحسما وبرمجة فالفساد أقوى تجذرا وأخطر تأثيرا مما يُعْتَقَدُ وإن علاجه ومواجهة أشكاله ومظاهره مهمة ضخمة وعملا معقدا لأن المجتمع تكيف مع سلوك تعوده وأصبح جزءا من العقلية بحيث أكثر الطبقات الارستقراطية والوجوه السياسية وقوى المجتمع المؤثرة كلها متأثرة بحالة مختلطة من السلوكيات الفاسدة إن لم يكن في عدم الأمانة واختلاس المال العام فيكون بإعطاء الرشوة وأخذها أو في الوساطة و الزبونية في القبلية والجهوية أو في التزوير بجميع أصنافه إن معالجة الفساد يحتاج وضوحا في التفكير وتصميما وطول نفس ويتطلب مؤمنين نظيفين و مجتمعا معبئا إنه يتطلب الكثير ولا خيار لنا عن إنهائه مهما كلف من أثمان!!!
خلاصة:
إن أخطر ما يخيفنا أن يعتقد المسؤولون أنه مادام الوضع كان قائما في الأنظمة السابقة دون علاج هذه الأمور فإنه قد يستمر أيضا الآن دون علاجها هذا التفكير في غاية الخطورة لأن هذه المشكلات ظلت تتفاقم حتى وصلت في وقتنا الحاضر إلى مستوى لا يمكن استمرارها لقد كلفنا استمرار سياسات فاسدة في الماضي الكثير مما لا يمكن تقويمه فالمشكلات الثلاث استمرت تتفاقم وضاعت فرصا كان يمكن فيها علاج بعض مشاكلنا ولم نفعل واستمرت المشكلات تتضخم وتتعقد حتى أوصلتنا لحالنا اليوم حيث يتحتم وقف التدهور وبدء العلاج أو قبول التعرض لمخاطر لا يمكن لدماغ يسكنه عقل الاستسلام لها وانتظارها لأنها خطيرة ومضرة جدا سدد الله قادتنا وسلم بلدنا من كل مخوف ومكروه.!!!

 

15. أغسطس 2020 - 10:10

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا