سيدي الرئيس صاحب الفخامة
بعد ما يليق بمقامكم من التقدير و الاحترام، نوجه إليكم صرخة استغاثة لإنقاذ بلادنا من على شفا حفرة من النار بعد أن أمر الله عليها مرتزقة من المترفين ليكون دمارها و خرابها على أيديهم وأنت على ذلك من الشاهدين، فأنقذها قبل أن يحق عليها القول فيصبح الجميع من النادمين. إننا نعرف جميعا حجم الدمار و الويلات والخراب التي عرفت البلاد خلال فترة العسرية و اكتبها عسرية بالسين لان صاحبها اخذ كتاب تسييرها بشماله وليس بيمينه و كان جمعه من اخلائه اشد منه فسادا و مكرا. فكان حريا بالادعاء العام مباشرة اجراءات استعجالية تحفظية مثل الحبس الاحتياطي و حجز الممتلكات او الاقامة الجبرية لان المتهمون يستطيعون جيدا الفرار من قبضة العدالة عبر حدودنا المفتوحة لكل متسلل دخولا و خروجا كما يستطيعون اخفاء الادلة و نقل و تفويت الممتلكات و كل ما من شئنه عرقلة المسطرة القضائية. سيدي الرئيس، الكل يعرف جيدا أن حاشية الرئيس السابق و أعوانه عاثوا في الأرض فسادا و نهبوا خيراتها حتى وصل الفقير منهم إلى ثراء فاحش بعد أن كان يطلب الصدقات من الملابس و الدراهم. و خير مثال على ذلك تصريحه هو نفسه أن لديه ثروة طائلة في حين أنه سبق و أن صرح أنه لايمتلك سوى حفارة و ممتلكات بسيطة جدا. إن هذا الثراء السريع أقل ما يستوجب المسائلة من أين لك هذا؟ أم أن السماء أمطرت عليه ذهبا خلافا للمثل المعروف. سيدي الرئيس، بلادنا هشة على كل المستويات و وهن الدولة أخطر من ذلك و كل محيطنا يشتعل، مما يدفع بنا إلى تفادي الإنهيار بترسيخ العدالة و محاسبة المجرمين حتى تصبح الدولة قوية و ذات هيبة. فبالعدالة وحدها و محاسبة المفسدين يمكن لنا التجاوز إلى بر الأمان. سيدي الرئيس، أنتم تعرفون المفسدين كل باسمه و نحن نعرفهم فردا فردا و لاسبيل إلى منهج آخر سوى أخذهم بقبضة من حديد حتى يعرف كل واحد أن الدولة لديها أنكالا و جحيما و طعاما ذاغصة و عذابا أليما. سيدي الرئيس، يتوجب على القضاء أن يحمي المسطرة القضائية من التلاعب الذي يحاوله المفسدون عبر الترويج لأنواع الشائعات و تزييف المعلومات و التسريبات و المغالطات لوهم العامية أنهم ضحية سياسية، بل إن القضاء يجب أن يحمي هؤلاء المفسدين من أنفسهم كي لايقدم أحدهم على ارتكاب جرائم أخرى بشعة مثل تصفية الشهود أو الإنتحار كمايفعل بعض أشياعهم من الغربيين من أمثال ابيير بيريكوفوا الوزير الأول السابق لفرنسا حين انتحر إثر فضائح فساد. و لايفوتكم أن الرعية على دين الملك حيث كانت حاشية الرئيس السابق تبالغ في امتثال هذه المقولة فنظمت أبشع الخراب و الدمار حتى صار تسعة رهط يتعلمون الفساد من تلك المرتزقة التي لم يجلب بعض عناصرها من الخارج إلا أساليب المافيا الإيطالية و لم يطبق من عمليات الرياضيات إلا قسمة ضيزى، أمابقية عناصرها الآخرين فكانت قلوبهم قاسية حيث لم يكفهم وعظا انصهار الحديد في الأفران الصناعية و لا رحلة الشتاء و الصيف سعيا لرزق الله ورعي البهيمة بل كانوا يمرون على آيات الله و هم عنها غافلون. سيدي الرئيس، لابد أن تنقذوا البلاد والعباد قبل أن يقضي عليها مكر هذه المرتزقة حيث ستكونون أول ضحاياهم لاقدر الله. أنتم تعلمون علم اليقين أن الرئيس السابق انقلب على كل شيء بدءا بانقلابين عسكريين على الشرعية، مرورا بانقلابه على أهله و على رجال أعمال منهم و من غيرهم و على أصدقائه و تتذكرون مافعل بهم و انقلب عليكم أنتم حيث احتقر كل الموريتانيين بتحديه لرئيس منتخب و الذي يمثل رمزا سياديا حتى وصل به الفجور إلى أحداث الإستقلال و مخططه الذي فشل و لله الحمد. إن الرئيس السابق نصب نفسه دجالا للعالم كله خلافا لكل القوانين و الأعراف الدولية التي تفرض على كل رئيس سابق أخلاقيات التحلي بتلك الصفة وذلك في جميع الدول و التي من بينها دول الجوار و لم يعبأ بتلك الأعراف التي تقتضي من الرؤساء السابقين مزاولة أنشطتهم دون المساس بالقوانين و الهيئات الدستورية و المؤسسات الديمقراطية بل و الإبتعاد عن كل نهج من شأنه التشويش على عملها و منهجها. لقد عمد الرئيس السابق أن يكون مثل الدجال الوارد في الحديث لايترك السلطة قبل أن تزهق روحه على يد سيدنا المسيح عليه السلام، فلكم أن تخلصوا البلاد من هذا الدجال وتقيموا حدود الله. سيدي الرئيس، لاخيار أمامكم في مسائلة و محاسبة رهط الغاوين، فمن كان منهم بريئا سلكتم به سبيل يوسف عليهم السلام بعد تبرئته و خروجه من السجن و من أدانه القضاء يزج به حتى يذوق وبال أمره. إن العدالة لابد من تحكيمها حتى لايكون المجتمع الغربي أكثر منا تطبيقا لشرع الله بمحاسبته للمسؤولين و الرؤساء حيث كان من ضمنهم جاك شيراك و ساركوزي و آخرهم ملك إسبانيا بطرده إلى المنفى و كأنهم أحرص منا على تطبيق شرع الله العدل في قوله تعالى : (إنما جزآؤ الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم)، أم أن المسؤولين في بلادنا معصومون من الخطإ و العصيان رغم أن أبانا آدم عليه السلام أزله الشيطان فتلقى من ربه كلمات فتاب عليه، أم أن مكانة هؤلاء المسؤولين فوق القانون رغم أن سيد الخلق عليه أفضل الصلاة و السلام قال لوأن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها. أم أنكم يافخامة الرئيس، تفضلون قانون لتفتار الذي سيفرض نفسه لامحالة في غياب القوانين الأخرى حيث ورد على لسان بعض حكماء هذا الشعب أنه
في الجماهير تكمن المعجزات و من الظلم تولد الحريات
و أن إرادة الشعوب لاتقهر. فهذا شعب النضال و الجهاد و رفع التحديات حتى ذلل الصحاري القاحلات و الجبال الراسيات ليرفع مكانته و يغمر إشعاعه مشارق الارض و مغاربها. وأنا على يقين من أنكم ياسيادة الرئيس ستضعون الموازين القسط لكي نتجنب ماحل ببعض الدول في جوارنا إثر تحول الدولة إلى دولة هزيلة، و نمنع أن يعيد التاريخ نفسه مما كانت عليه بلادنا قبل دخول المستعمر لأن العباد لابد أن ترد إليهم حقوقهم قبل فوات الأوان.
سيدي الرئيس، إن ملف العدالة لابد من المرور به إلى بر الامان وإصلاح الإختلالات المتجذرة، ليس في هذا القطاع فقط، بل في الكثير من القطاعات التي قلب رأسها على عقبها وأخذ الباغون سياستها بشمالهم خلال العسرة (المعروفة بالعشرية)، و نحن في عونكم مادمتم في هذا الطريق. فمن أمثلة تلك الإختلالات الجوهرية غياب جمع الزكاة (زكاة العمر و المال) و إدارتها ضمن سياسة مكافحة الفقر في حين أنها أول حق من حقوق الفقراء يجب رده إليهم و خاصة أن ميزانيتها تشمل العاملين عليها. و الإختلالات كثيرة كغياب تطوير و عقلنة الثروة الحيوانية بدمج مشاريع لزراعة الأعلاف و المحميات الرعوية لفترة الصيف إلى غير ذلك. في حين أن سياسة العسرة البائدة نهجت إلى تدمير الثروة السمكية و البئة البحرية بالتلوث الذي سيظهر بعد سنين نتيجة مركزية صناعات استخراج الذهب في الشامي قرب أماكن تجدد الثروة البحرية و السماح لها باستخدام تقنيات خطيرة التلوث مثل الزئبق و الغبار و نحو ذلك، بل إن تدمير تلك البئة سيمتد لامحالة إلى حوض آركين مما سيؤدي حتما إلى فقدان توازنات بيئية على المستوى العالمي للأكوسيستم الأرضي. سيدي الرئيس، نحن مستعدون لوضع النقاط على الحروف كي تستنير سياستنا الإقتصادية و التنموية حتى نتغلب على كل المعوقات و نرفع من ثروتنا و نعزز تنميتها و نثريها بقيمة مضافة معتبرة و خاصة تحديد و إبراز المجالات التي ترفع من الناتج المحلي حتى تشكل دعائم وثيقة لبرنامج تعهداتي الذي بني لأول مرة في تاريخ بلادنا على إعادة الإعتبار للحياة اليومية للمواطن و جعله أولوية في مركز القرار. سيدي الرئيس، لاتعد عيناك عن وصية الله للاولين و الآخرين أن اتقوا الله (ولوا أن أهل القرى آمنوا و اتقوا لفتحتنا عليهم بركات من السماء و الارض ) فلا تترك التقوى في تسيير هذه البلاد كي يرزقك الله كل البركات في جميع القطاعات و تذكر قول الملك الذي نصبك علينا :(ولنسألن الذين أرسل إليهم و لنسألن المرسلين) صدق رب العالمين مالك يوم الدين.