أعلنت وزارة التشغيل والشباب والرياضة مع مطلع العام الجاري 2020 عن مسابقة الاختيار 500 مشروع تحت مسمى " مشروعي مستقبلي " ، تلقى الشباب العاطل عن العمل الخبر بالترحيب والارتياح والسرور ظنا منهم بجدوائيته ، وبدأ التحضير لتلك العملية ، فأعد الكثير من العاطلين مشاريعه وطرحها ، وانتظرت النتائج الأولية لعدة شهور ، ولم تخرج حتى بداية يونيو الماضي ، وبعدها مباشرة بدأ الخوض في غمار المرحلة الثانية من التقويم ، والتي عن طريقها رسب من رسب ، ونجح من نجح ، وفور خروج نتائج تلك المرحلة تم استدعاء الناجحين على فترات متفرقة حسب كل ولاية ، بغية التكوين والتدريب بواسطة مكاتب دراسات متعاقدة مع الوزارة ، وبعد الاطلاع على حجم المبلغ المقدم ، والفترة الزمنية المحددة من طرف الدولة لاسترداد المبالغ كاملة ، فقد اتضح أن العملية برمتها - حسب مشاركين - مجرد شعار سياسي، لم يكن المقصود منها تمويل الشباب ، وإعطائهم فرصة لثنائيتي التحصيل والتشغيل ؛ بل كان الهدف منها سمعة تمويل الشباب إعلاميا بغض النظر عن الفائدة المأمولة ، والنتيجة المرجوة ، وذلك واضح من خلال المعلومات التي تحدث عنها ممثلو الوزارة بصورة عامة ، والتي يمكن إجمالها في مايلي :
أولا : عدم اعتبار المبلغ المذكور في الدراسة المقدمة للمشروع ، والتي نجح المشروع على أساسها ؛ فممثلو الوزارة يضحكون على الشباب فأي دراسة قارب مبلغها الاجمالي خمسمائة ألف أوقية جديدة ، يقولون لصاحبها بأنه عليه تقليصها ؛ لأنهم لن يقبلوا له في الدراسة المالية مبلغ أكثر من ثلاثمائة وخمسين ألف أوقية جديدة مهما كانت وجاهته ، وأن عليه أن يقلص مبلغه حتى يصل للمبلغ المقرر سلفا من طرف الوزارة .
ثانيا : أن فترة الإعفاء الكلي من الشروع في رد المبلغ محددة بستة شهور فقط ، والغريب في الأمر أن وكالة تشغيل الشباب رغم فسادها وزبونيتها كانت تحدد فترة الإعفاء بنفس المدة.
ثالثا : أن الملبغ يجب أن يتم دفعه كاملا قبل سنتين ؛ مما يعني أن بعد سنتين ونصف يجب أن تستلم الدولة كافة الفلوس .
وإذا نظرنا إلى هذه المعلومات يكون الأمر مهزلة بكل المقاييس ؛ إذ لو افترضنا أن صاحب المشروع تم تمويله بمبلغ ثلاثمائة وخمسون ألف أوقية جديدة كحد أقصى ، و بدأ مشروعه ، وبعد ستة شهور فقط شرع في دفع مبلغ قدره أربعة عشر ألف وخمسة مائة أوقية جديدة مقابل كل شهر ، وذلك بتقسيم المبلغ على الفترة المحددة سلفا من الوزارة ؛ فهذا المبلغ يصعب على أي مشروع جديد أن يوفره مقابل كل شهر ، إضافة لمصروفات المشروع من إيجار وعمال وكهرباء وضرائب ...
ومحل الخطورة هنا يكمن في أن الشباب الذين نجحوا - رغم المنافسة الشرسة - تحاول الجهات المعنية أن تضيف لهم مشاكل على مشاكلهم بإعطائهم مبالغ لاهي تكفي لحجم المشروع ، ولاهي أعطت فترة طويلة للإعفاء ، واسترداد المبلغ كالفترات المتوقعة أصلا لمثل هذا النوع من التمويلات .
ولو أعطوهم ما طلبوا من تمويلات لمشاريهم لكان لهم الحق في تقليل فترة الاعفاء ، والدفع معا ؛ أما أن يمنعوهم من المبلغ المطلوب ، ويضغطون عليهم بعد ذلك بالدفع فذاك خطير جدا ، وبعيد كل البعد من وصف العملية بأنها قروض ميسرة .
ومادام هذا هو الحال فأخشى حدوث كارثة قد تؤدي بسجن كل المستفيدين بسبب الخسارة التي قد تترتب على عدم احترام الدراسة المقدمة من طرف طالب التمويل ، وإعطاء الوقت المناسب له تيسيرا ، إضافة لخسارة " الصندوق الشعبي للادخار والقرض" ( كابيك) المسئول عن المبالغ المالية بوجب اتفاقه مع وزارة الشباب.