الطريق إلى مفهوم الدولة ! / محمد سالم حبيب

إن كل ما نشاهده أيامنا هذه من أخذ ورد، وهرج ومرج ومن حيص بيص ومن ردات فعل من هنا وهناك، ماهو إلا إرهاصات ميلاد مفهوم جديد وشق طريق معبد وسالك إلى وجهة مهمة وأساسية لأي مجتمع يراد له أن يكون إنه: "مفهوم الدولة"

ومتى كان  المخاض يسيرا؟

بل وكثيرا ما استلزم في أحايين كثيرة عمليات قيصيرية.

إن المنعطفات الكبرى في تاريخ الدول، فترات حاسمة يؤرخ لها و تبقى محفورة في الذاكرة الجمعية لشعوبها لحقب عديدة قادمة.

إن بلدنا للأسف لم يقدر له حكامة رشيدة، تولي وجهه قبل المسار الآمن، الذي يخرجها من ظلمات الفساد وسوء التسيير إلى نور الإصلاح وحسن التدبير.

لم يكن الوطن يوما بالنسبة لنا شيئا يذكر.

عادة ورثناها من البداوة أثناء صراعنا مع نشوء نواة بناء الدولة فترة الحقبة الاستعمارية، فارتبط مفهوم الدولة عندنا بتلك الحقبة.

فكرة عششت في أدمغتنا، وأتخذنا من الدولة عدوا لدودا، وأصبحنا حريصين على تبني أي خطوة من شأنها أن تضعف أو تفت في عضدها، ومن تجليات ذلك؛

- التحايل على دفع الضرائب

- الاندفاع في الحصول على ما أمكن من المال العام.

- غياب صيانة الممتلكات العامة...

وغير ذلك كثير مما يضيق المقام عن ذكره.

نقوم بكل ذلك، ونحن نحسب أننا نحسن صنعا، إن لم نشعر أننا نثاب على ذلك.

إن البدء في علاج هذه الظواهر المترسبة في تعاطي الأفراد مع الشأن العام ليس من السهولة بمكان، وأمامه الكثير من العقبات والتحديات واالمطبات والعقليات المتجذرة، وإقناع المواطنين، بالخطوة الأولى والمتمثلة في الإقلاع عن مثل هذه المسلكيات المتنافية ومفهوم الدولة، أمر من الصعوبة بمكان، خاصة إن بدأت هذه المرة من أعلى الهرم، وهي تحديات تحتاج قائدا بحجم أمة، يأخذ من كل مكونات القيادة بطرف:

صبر أيوب

حكمة لقمان

تدبير يوسف

عدل الفاروق

حزم الصديق

دهاء ابن العاص...

 إنما نراه اليوم من حراك ومحاولة تشويش على المشهد ووضع المتاريس على الطريق العام، لهو مؤشر على صدقية وفاعلية خطوات هذا التوجه، ويدعو للعض عليها بالنواجذ والصبر عليها وتسيير هذا الواقع الصعب غير المفروش بالورود بما هو متاح من إمكانات وطنية بحكمة وحزم ودهاء، واضعين العدل نصب الأعين.

 وحين ذاك ووقت ذاك فقط، تأكدوا من أن كل تلك الجهود سيكون لها بالغ الأثر على الدولة ومفهومها، مثلها تماما كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تأتي أكلها كل حين بإذن ربها.

21. أغسطس 2020 - 21:20

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا