توقف التاريخ وقد تتوقف الجغرافيا في انتظار التاريخ .. إنطلقت المسيرات وبدأت الإعتصامات ..
عمت الإضرابات وكثرت الإعتقالات.. زادت الأسعار .. وكثرت الطرقات..
عمت الإصلاحات كافة القطاعات .. ونجحنا أخيرا في محاربة الفساد ألقي الجفاف بظلاله .. ونجحت خطة أمل 2012
حرر الفضاء السمعي البصري.. واحرقت أمهات الكتب
خصصت إذاعة للقرآن الكريم.. وانشئت جامعة إسلامية.. وتم إغلاق المعهد العالي
جسدت التعددية السياسية والحزبية .. وبلغت بنا الديمقراطية أن وجدنا للنظام معارضة.. وللمعارضة معارضة
كل هذا كان في عهد الخلافة العزيزية, تلك الخلافة التي قد يجد المؤرخون صعوبة في تحديد شرعيتها ويجد المحللون مرونة في الخوض في تفاصيل سلبياتها وإجابياتها ويجد المعارضون فيها من الأخطاء التسيرية ما يكفي للمطالبة برحيلها ويجد الموالون فيها من الإزدهار والرخاء ما يكفي للمطالبة ببقائها وربما إلي الأبد.
في لحظة همجية من تاريخ هذه الأمة استيقظ الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله علي كابوس لم يكن ليجد منه مناصا حتي وإن تراجع عن قراره الذي صمم علي المضي قدما فيه. لم يكن سيدي وهو يتخذ القرار يعرف أنه آخر قرار جمهوري يصدر عنه ولا غرابة في القصة فمن يعنيهم القرار أعلي من رئاسة الجمهورية.
في صباح حار من أيام آغشت عام 2008 استيقظ المواطن علي كابوسه هوا الآخر., ليجد أن كل شيئ قد تغير بين عشية وضحاها. تغير جذري سيعيشه المواطن خلال الأربعة سنوات القادمة. فالرئيس لم يعد رئيس الشعب بمختلف مكوناته وإنما أصبح حصريا علي الفقراء منه. بدأ مسلسل الوعود تحت شعار التغير البناء, وما إن إنتهت الإنتخابات حتي بدأ الخليفة في انجاز بعض من وعوده و إن كان لا يوصف بنصيب الأسد منها. فقام بإفتتاح إذاعة للقرآن الكريم وأعطي توصياته للحكومة بخصوص القضاء علي السكن العشوائي ( الكزرات) ليتم القضاء عليها بشكل نهائي قبل نهاية عام 2010 لنصل منتصف 2012 دون ما تنفيذ لنصف الخطة. قام بإنجاز طرقات كثيرة اضفت منظرا حضاريا علي العاصمة وأعطتها رونقها وساهمت في الحد من مشاكل الزحمة ولأنها طرقات بدون إنارة ساعدت في أن تنتزع نواكشوط لقب عاصمة الظلام وبكل جدارة.
قام بمحاربة الفساد ونجح في استرجاع بعض من أموال الشعب التي نهبها بعض من الخونة قبل خلافته للمسلمين, وقام بتوزيعها علي حزء من مواطنيه الحصريين. لتجد حوانيت التضامن طريقها إلي النور, ويجد المواطن فيها ضالته المنشودة. وعندما ضرب الجفاف ربوع هذه البلاد قامت الحكومة بتخصيص مبلغ 43 مليار أوقية لتفادي حدوث كارثة ولعلها لخطة الأنحج تسيرا منذ توليه الخلافة.
قام بإصلاحات جذرية في مختلف المجالات من بينها التعليم. فتتم افتتاح جامعة إسلامية بمدينة لعيون وتم تغير المناهج الدراسية لتكون علمية أكثرولنتمكن من الحاق بركب العالم المتحضرفلا شعر ولا شعراء ولاكتابة ولا كتاب. تم إغلاق المعهد العالي لدراسات والبحوث الإسلامية ليتم استبداله بالجامعة الوليدة, ولكن في ضخم هذه القرارات الإصلاحية وجدت وزارة التعليم نفسها أمام الكثير والكثير من المشاكل, فلم تنجح في إغلاق المعهد ولكن نجحت في شل الدراسة ليس في المعهد فحسب وإنما في الجامعة أيضا, لتكون السنة الدراسية 2011-2012 أقل ما يقال عنها أنها سنة بيضاء وإن لم تكن شكلا فهي لامحالة مضمونا.
وعلي غرار التعليم قامت الحكومة بمحاولة إنتشال المواطن الموريتاني التائه بين عروبته التاريخية وجغرافيته الإفريقية وذالك بإ عداد إحصاء شامل أثار جدلا واسعا بين فيئات المجتمع كما أثار الكثير من الإنتقادات والإنتقادات المضادة. تمخضت عن مولود جديد إسمه " حركة لا تلمس جنسيتي" سياسيا وفي عهد الخلافة العزيزية قامت الحكومة بمد جسر التواصل بينها والمعارضة وذالك من أجل الجلوس علي طاولة الحوار ومناقشة القضايا الشائكة. لكن المعارضة وبفعل التغيرات الإقليمية للمنطقة وفي ظل ما بات يعرف بالربيع العربي كانت طموحاتها أكثر من الحوار. فقام النظام بصناعة معارضة تعارضه أحيانيا وتعارض المعارضة أحيانا أخري.
ولكن المعارضة هي الأخري وردا علي النظام قامت بصناعة معارضة لها وللنظام ولمعارضة معارضة النظام إنها حركة "إيرا الإنعتاقية". تلك الحركة التي خرجت عن طورها المألوف لتعارض الأمة وتعارض الدين وتعارض البشرية. ساهمت الجهات الأمنية في توسعها وساهم الجهل في إنتشارها وتبجحها وساعدت وسائل الإعلام في شعبيتها. لتخرج علي الدين والقيم والمبادئ وذالك بقيادة قائدها المتعجرف بيرام ولد الداه ولد اعبيدي وعلي مرئي ومسمع من الجميع قامت بحرق أمهات الفقه المالكي وفي وضح النهار وبحضور وسائل الإعلام. فأي همجية هذه وأي سخرية تلك وأي حرية يتحدث عنها النظام.
حرق الدين إذن وأكلت نيرن بيرام رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه, ليركب الجميع موجة غلطة المعتوه بيرام ولد الداه ولد اعبيدي, بسناريوه سياسي رديئ وبمسرحية سيئة الإخراج بدأ النظام يتلاقف التهم مع المعارضة. وبدأت المعارضة تلقي اللوم علي النظام وتتخلي عن من وقفت بجانبه يوما بقي بيرام في ضيافة الأمن النظامي خوفا عليه من من يأذيه وبقيت إيرا حرة طليقة وفي كل يوم تتظاهر لإطلاق سراح قائدها رغم إنه لم يكن يوما معتقلا.
بين هذا وذاك وفي هذا الجو المشحون سياسيا شهدت الساحة الوطنية في عهد خلافة عزيز الكثير من الحركات التحررية بتداءا "بحركة 25 من فبراير" و"حركة الشباب" أو شباب المنسقية وصولا إلي "حركة لاتلمس جنسيتي" فلكل مضرب والكل يتظاهر من الإتحادات الطلابية إلي "صوت التلميذ". ولكل معتقل ومقموع.
وبهذا تكون خلافته للمسلمين قد شهدت ما يميزها من سلبيات وإجابيات ولعل أبرز ما يميزها هو المسيرات والإعتصامات التي قامت بها من تسمي نفسها منسقية المعارضة الوطنية وما تبع ذالك من مطالبات بالرحيل وإسقاط نظام تراه الأخيرة جائرا وغاصبا أفسد العباد والبلاد. فيما يراها هو زمرة من الباحثيين عن مصالح شخصية والساعين إلي زعزعة الأمن والسلم الوطنيين.