نريد محاربة فساد خالية من الفساد! / التراد سيدي

لعل من أهم مهام المرحلة محاربة فساد أفسد كل شيء أكل الأخضر واليابس وأوصل البلد إلى حافة الانهيار فلم يبقى ممكنا استمرار ماتعودنا عليه من سلوكيات مفسدة ونشاطات فاسدة...
إن الفساد شمل كل شيء ولم يسلم منه شيء انخرط الكل فيه اختيارا أو إرغاما الصالح في الفساد كاالطالح الفرق بينهما كَمِّيٌ لا نوعي للصوص نصيبهم  كما للنبلاء نصيبهم يأخذ جهلاءنا بقدر حاجتهم و يأخذ علماءنا بقدر مصالحهم !
ليس هناك مكان لايعشعش فيه الفساد داخل هذا المجتمع الذي كان طيبا وكريما وبسيطا قبل تمكن الفساد فيه وتغلغله داخل خلايا نسيجه حتى طبعه بطابعه وشكله بشكله وأصبح المجتمع والفساد شيء واحد لا ينفصل أحدهما عن الآخر.
إن حاجتنا لمحاربة الفساد لايفوقها في الأهمية إلا حاجتنا لتجنب فساد محاربة الفساد!؟
إن محاربة الفساد أنبل وأشرف من أن يفسدها شيء أي شيء إنها مهمة يتوقف على تأديتها بموضوعية ونزاهة وشفافية ونبل مقصد.، تحقيق عمل عظيم لهذا الوطن.!!.  وإن الأبتعاد عن كل ما يضر نظافة العملية وعدالتها وبعدها من كل غرض خاص أو تصفية حسابات أو انتقام من أمور ماضية جرت في ظروف أخرى...
 يجب أن تكون من أولويات المسؤولين عن الشأن العام تحصين عملية محاربة الفساد من عيوب الواقع التي من أهمها عدم الإخلاص والوازع الديني و وخز الضمير فليس كل من يظهر حماسا للعمل في مجال مكافحة الفساد دافعه الإخلاص للواجب و حب الوطن فكثير ممن يتحرك الآن لا تسلم تحركاته من  دوافع وأغراض لا تخدم المصلحة العامة ...!؟
إنني برغم أني لست من حزب الدولة ولست من الموالين المتحمسين إلا أنني في سفينة الوطن التي ربانها السيد الرئيس ولا أريد لها الغرق ولا أقبل شيئا يؤثر على الربان لنضمن السلامة والوصول جميعا إلى بر الأمان إنني ببساطة مخلص بلا تصفيق و ناصح بلا رياء.!!
 إن ماظهر حتى الآن من ملفات محدودة مُجْتَزَأَة من زمن طويل ، رغم أهميتها وخطورتها وأهمية توضيح حقائقها وعمل اللازم بشأنها، أثار لدي أسئلة  تحتاج لتوضيح :
أولا: لماذا بعض الأسماء التي ورد ذكرها لم تسأل و بعضها يمارس مهامه وكأن شيئا لم يكن! في الوقت الذي يظهر التركيز شديدا على بعض الأشخاص وبعض القضايا وبعض الملفات وبعض الأسر!!!؟؟؟
ثانيا: هل حرصنا في أن يتولى البحث والتحقيق الأمني والقضائي من تأكدنا من أهليتهم وحسن سيرتهم؟
ثالثا: هل علينا أمام أمور متشعبة يشترك فيها أعداد هامة من أطر الدولة وقادة المجتمع أن نحيلهم جميعا إلى القضاء ؟ أم علينا التريث وعمل الكثير في السر وعبر علاقات وحوارات ونقاشات نسترجع منها ما أمكن من المال العام ونبدأ خطوات تضمن سيرا صالحا للمستقبل ونكون بذلك تدرجنا وما استعجلنا وأصلحنا وما أفسدنا وسترنا وما فضحنا واسترجعنا من الحق مايفيد؟؟؟
إن بلدنا يعاني مشاكل كثيرة ويحتاج الوحدة والاستقرار أكثر من أي شيء آخر وكل عمل مفيد أمكن فعله ضمن حالة من الأمن والاستقرار سيكون مطلوبا وضروريا وكل عمل يهز الأمن يجدر بالقيادة توقيه وعدم قبوله إنني أثق بحكمة ورزانة قائد سفينتنا في مرحلتنا الخطيرة هذه وأعلم أنه يتصرف بتأدة وصبر وأناة تعبر عن تبصر وبعد نظر لكنني أرى اندفاعا عند الكثيرين بعضه بحسن نية وبدافع الغيرة على الوطن ومصالحه وبعضه يعلم الله ماذا يراد منه وماهي دوافعه وإنني أرى أن أقصر طريقة لتوريطكم سيادة الرئيس هو محاولة حرق المراحل والقفز على الواقع وعدم حساب النتائج للقرارات التي تتخذ.
لقد علمنا من دروس التاريخ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام عدة مرات بأخذ نصف مال ولاته الذين ظن نقص أمانتهم ولم يزد على ذلك وهذا يستحق التأمل كما عرفنا أن عبد الله بن عباس رضي الله عنه وكان واليا لعلي كرم الله وجهه ورضي عنه على البصرة وكيف اتهم بأخذ مال من بيت المال والذهاب به إلى مكة و  لم يقبل الرجوع بعد أن طلب منه وتركه علي رضي الله عنهما ولم يعتبر ذلك شيئا والجميع يعلم أن علي لا يخشى في الله لومة لائم ومكانته العلمية معروفة.
إنني سيدي الرئيس لا أطلب إلا ما يضمن المصلحة والعدالة وأعلم أن بعض الذين يحرضون على المفسدين أفسد وأقبح طوية لقد علمت حادثين واحد في التاريخ الوطني لقد غضب بكار بن اسويد أحمد غضبا شديدا عند مقتل ابنه ابراهيم على يد حلفائه كِنْتَه واجتمع إليه بعض مناوئيه سابقا يريدون مؤازرته فقام شاعر وذكر له حلف الحلفاء وعداء الأعداء فقام فيهم خطيبا وقال أشهدكم أنني تركت دم إبني لحلفائي ومثال آخر من تاريخنا القريب سيدي الرئيس في سنة ١٩٨٤ قرر ولد هيدالة أن يعلن عفوا شاملا في ذكرى ١٠ يوليو في تلك السنة فجاءه معاوية ولفيفا من الضباط كانوا يتآمرون معه وقالوا لولد هيدالة لاتطلق سراح المجرمين وهذا يضر الأمن فأحجم عن القرار وجعله تخفيفا بسيطا في مدد الأحكام وهكذا كان معاوية هو الذي وقع العفو ونال فضله والمزايا التي ترتبت عليه.
السيد الرئيس إن هذا الشعب قد وضع مصيره ومصالحه أمانة في رقبتكم وأمله أن تستطيعوا بحكمتكم وبصيرتكم والأناة المطبوعة في سلوككم معالجة كل قضاياه الكبرى ومنها قضية القضايا محاربة الفساد بما يحقق العدل والإنصاف وتأمين مصالح الوطن العليا... والله ولي التوفيق إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

28. أغسطس 2020 - 13:31

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا