في بلد لا يوجد بين فصوله السنوية ربيع ولا يوجد بين فرقائه السياسين من يسهر علي مصلحة البلد أو من يتسم بصفات الربيع. يوهم البعض أنفسهم بقيام ثورة شعبية تطيح برئس النظام الغاصب.
فبعد خروج الآلاف للشارع مطالين بالرحيل ومحاولة الإعتصام حتي تحقيق المطلب الوحيد, تشهد الساحة الثورية إن صح التعبير ركودا مشهودا منذ أكثر من شهرين دونما تحرك أو تبرير. فهل أحست المعارضة بصعوبة المهمة أم ان اتفاقا يحاك من وراء الكواليس؟, فبدل الخروج للشارع والمطالبة بالرحيل, إختصرت المعارضة في أنشطتها الأخيرة علي الندوات التي تحاول من خلالها فضح مغالطات النظام الإقتصادية. وهي خطوة مهمة لكنها جائت متأخرة, فيبدو أن المعارضة في ثورتها الميمونه تتجه للوراء, فكان علي الحراك المطالب بإسقاط النظام أن يبدأ بالندوات وينتهي بالخروج للشارع ولإعتصام فيه, لا أن يبدأ بالشارع وينتهي في الفنادق. صحيح أننا بحاجة إلي ثورة شعبية جادة تضع حدا لمسلسل المأساة والإنقلابات التي تعيشها هذه البلاد, لكننا أيضا بحاجة أكثر إلي رجال شرفاء يقدمون أنفسهم من أجل هذا الهدف السامي والنبيل, بأفكارهم النيرة لا أن يحاولوا استنساخ الآخروهذا ربما هو السر في فشل ثورتنا الميمونة التي اغتيلت قبل ان تولد. فإذا كانت الدول العربية قد عاشت ثورات مابات يعرف بالربيع فإن موريتانيا عاشت ثورة صيفية بحتة, إنتهت بإنتهاء الموسم, فالتقليد هنا غير وارد لأنه في الدول التي نجحت فيها الثورات (كمصر وتونس)تختلف كثيرا عن موريتانيا العدة أسباب نذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر : - أن هذه الدول كانت تعيش حالة إحتقان سياسي وكبت للحريات علي عكس ما يوجد في موريتانيا. - والأن الثورة فيها جائت عفوية وتمت من خارج الدوائر السياسية فهي ثورة شعبية بحتة قام بيها شباب لا يريدون منها مناصب سياسية التأتي المعارضة السياسية متأخرة في الوقت بدل الضائع وتقوم بالزج بنفسها بين صفوف الثائرين لتركب موجة الثورات. - أما في موريتانيا فالعكس صحيح الأن المعارضة هي من يحاول أن يقوم بالثورة ويدعي الشعب اليلتحق بركبها. فصدق أبو القاسم الشابي حين قال: إذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ ولكن إذا أرادت المعارضة الحياة فقد لايستجيب القدر أو حتما لن يستجيب. كما هو حال الصف الموريتاني الذي انتهي قبل أن يبدأ.
