ما يسطر على صفحات المواقع وعبر ووسائط التواصل الاجتماعي ودهاليز الصالونات والأروقة ومكاتب الإدارات هذه الأيام، يدور حول الإجابة عن: ماذا يحدث...؟
ولمناقشة هذا السؤال ، أو محاولة الإجابة عليه، ينبغي الرجوع إلى ما قبل 02/أغشت / 2019 . وتحديدا حين أعلنت السلطات مشروع قانون السير المريب الذي يتضمن فرض غرامات على بعض المخالفات تتراوح ما بين 6 آلاف و20 ألف أوقية، أيام كانت تستعد الشغيلة الموريتانية لتخليد عيدها الدولي صباح يوم الاثنين 01 مايو 2017 ..... ويوم الاثنين 26 فبراير 2018 حين طالب نواب وأعضاء مبادرة المليون توقيع بإلغاء المادة 28 من الدستور خلال وقفة نظموها لهذا الغرض أمام القصر الرئاسي .... ويوم الجمعة 24/ أغشت 2018 ، حين حدد الرئيس السابق طريق المأمورية الثالثة والرابعة أمام أطر اترارزة، حيث قال:" إن السلاح الأساسي والديمقراطي الوحيد لتحقيق مطلب المأمورية الثالثة والرابعة هو الحصول على أغلبية ساحقة في البرلمان" ..... وخلال مأدبة عشاء في منزل رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية وقتها، في النصف الأول من يناير 2019، حين تم التوقيع على وثيقة مقترح تعديل الدستور التي تتضمن تغيير الأحكام الدستورية المتعلقة بتحصين المواد المحددة لمدة وعدد المأموريات الرئاسية...
مجرد نماذج من لحظات وأحداث تفتح المجال لإعادة التخيل والتفكير في حجم مساحات الممكن والمتاح، حين تردد نفس السؤال... ما ذا يحدث...؟ مع فرق في التضاريس والسبل لم يكن متخيلاً أساساً، أو هكذا يبدو... لكن ثلاث خطوات بالفعل تحدد ملامح توجّه إصلاحي محافظ "جديد " قد يتمكن من هدم كلي لبنية نظام المخزن والعقل المجتمعي القديم... تبدأ ب:
إعمال قوة العقل والمخيلة معاً في عملية فهم واقعنا اليوم لإمكانية تفكيكه وإعادة تركيبه إلى واقع مفارق بالكامل لما عشناه ونعيشه،يسمح بترك مساحة حوار وتأثير- في المقابل- للمشاركة في صنع القرار وصياغة رؤى متكاملة لحل مشكلات الحاضر، والتي تبدو أكثر تعقيداً من مجرد البحث في عملية تقليدية لإيجاد حل واقع مأزوم.
إعادة الثقة في سلطة القانون وبناء شخصية القضاء لتغيير الصورة النمطية للعلاقة بين مؤسسات المجتمع والدولة والأفراد، وإعادة صياغة بنى التوجيه والانتهاج المتحكمة في مجال السياسية والثقافية والمجتمع.
فرض هيبة وسيادة الدولة: فالتقليل من شان قوة سيادة وهيبة الدولة والاستخفاف بالشريك والمشترك هو ما يدفع لاستدعاء قوى غير أخلاقية ولا منطقية في مواقف وسياقات غير مناسبة.
إنّ تلك القوى التي يتم استدعاؤها دائماً في وجه سيادة الدولة للنيل من هيبتها أو الحطّ من شأنها بحجج الشيطنة والتهميش... وغير ذالك، يجب أن تغيب عن المشهد في أي مستوى من مستويات خطاب الدولة . وهذا المطلب لا يخدم غرض بسط سلطان الدولة كجامع ناظم فحسب، بل يؤكد اختلافها من حيث المسؤولية والالتزام بالمصالح الفردية والجماعية لكل المواطنين ، وبالتالي يتجلى الفرق واضحاً بين طبيعة الحكم بمقتضى سلطة الدولة وبين فعل المتكأ الشخصي للفرد أو القبيلة أو الفئة وغيرها مهما عزز قوة ذالك المتكـأ.