إعلامٌ بما يَحْدُث في كواليسِ إعلامنا / ذ.عبد القادر بدين حمادي. 

كلُّنا يعلمُ ما لعولمة الإعلام من دور في ترقية الشعوب وتأخيره..

تلك العولمةُ التي صنعوها صنّٓعها،  لتكونٓ قيودا للعالم الضعيف، ليعشٓ من خلالها،  في حالة أشبه ما تَكُونُ بحالة الطير في قفصه؛ يرى ويسمعُ وهو عاجز عن التحرك..

هكذا نحن سحبٓ علينا الاعلامُ بساطٓه فأنْجٓررنا مسرعين خلفه ليعبث بِنَا ويجعلنا ألسنة لهْبٍ لاذعة كالنار، يلذعُ بَعضُنَا بعضا ويلدغ المسم منا الاخر..

فأصبح الجاهل منا كالعالم لا يردُّ سؤالا،  والخبرُ فينا يتقدّم دون مسوِّغٍ...

أليس من العار أن نعيشٓ إمَّعةً في دائرة من المٓمعمةِ مجهولةٓ البداية منعرجةٓ النهاية..

الحقيقة فيها غايبة والباحث عنها كباحث عن حتفه بظلفه.. 

عولمةٌ إعلامية متعددة الطرقِ متفقةُ المشارب والاهداف، تمحو من ذاكرة رائديها وازعٓ الصدق والأمانة ولهْفِ المصداقية..

لتُصقلٓ تلك الذاكرةٓ وتصيرٓ سجينةً لذاكرة أكتورنية تصبُّ غوثاءها وأضغاثها بعد الفٓيْنة والأخرى..

ليقفٓ رائدوها بشقِّ الانفس على حافَّتها من جديد..

أما آن لنا - نحن أبناءٓ العولمة -أن نعيٓ مكانةٓ هذا الزَّحْف الإعلاميِّ العولميِّ،  ونُسايرٓه بحذٓرٍ وعلى وعْيٍ، بشتَّى وسائله،  لنجعلٓ منهُ منصّةً تخدمُنا في حاضرنا ومستقبلنا وترقيةً لجيلنا المعاصر، لتُجزِي به الى مسرح التمثيل الإيجابيِّ لا السلبيِّ وتُنوِّره...

ليخرج من ضيق التَّبعيَّة إلى باحة الحريّة والاستقلاليّة...

وتكونٓ لممارسي حقل الاعلام روحٌ تستجيب لما من التحديات واقعٌ أو متوقَّعٌ...

بيد أن هذا -يا أسفا- أمل متقطِّعٌ الطريق؛ كحال طريق أملنا..

 

إذ أنَّ حقلٓ إعلامنا مُنخرمٌ لعدة عقباتٍ متلاحقة،  تكاد تكون سدًّا مانعا أمام بناء صرح إعلامي صادق..

تلك العقباتُ تتعلق في أكثرها بتنشئة الجيل الإعلاميِّ، حيث يغيبُ عنه في أغلبه الهدفُ من ممارسة الخِدمة الإعلامية..

فأغلب أعلاميي عصرنا يجهل مدى العلاقةِ الروحية بين كلمة التربية والاعلام..

وانطلاقا من دور الاعلام في توجيه المجتمع الى الاخلاقيات المسلَّم بها، يلزم تصفيته من شوائبٓ تُخلُّ بالعمل الإعلامي..

شوائبُ استوقفني بعضُها بقرار شاهد من أهلها، يتمثل القرار في تدبيرٍ قِيمٓ به خِلسة وراء الكواليس وهو استنساخِي من صور الافتتاح اليوم، ومثلي في نفس الجُرعة مدير المؤسسة؛ حيث زارتنا عدسة قناة"وطنية" تزامنا مع زيارة والي الولاية للمؤسسة..

وصل بي الفضول أن تساءلت عن السبب، تفاجأتُ بما كان كالصاعقةمفاده :"أن الاعلام هنا للتكسب وعدسته بضاعة مسوَّقة..."

من هنا وصلتُ لقناعة؛ وهي أنَّه يجب على الدولة رٓفعُ عدسة إعلامنا إلى مصحَّة الاصلاح؛ وهناك سيكون علاجُه تصفيةً دائمة..

 

 

2. سبتمبر 2020 - 20:32

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا