لا يدرك كثير من الناس خطورة " قانون النوع " المعروض الآن على البرلمان الموريتاني، ويحسبونه ككل القوانين الوضعية التي ابتلينا بها، والحقيقة أن هذا القانون أشد من غيره، وضرره لا ينجو منه أحد، وهو يستهدف الأسرة التي هي أقوى لبنات المجتمع، فيجعل العلاقة بين الذكر والأنثى علاقة صراع خالية من المودة والرحمة، يتحكم في إدارتها الغرباء من أصحاب المنظمات المشبوهة، كما يمنع ولاية الرجل على زوجه وبناته، ويوفر للراغبات في التمرد على الفطرة والأهل والمجتمع سلطة تحمي وملجأ يؤوي.. فيستبدلن ـ عن جهل وغرور ـ الذي هو أدنى بالذي هو خير.
المستجير بعمرو عند كربته :: كالمستجير من الرمضاء بالنار
وفي هذا الورقة التي هي بعنوان " قانون النوع .. السياق والمآل "- وأصلها محاضرة ألقيت في إحدى المجموعات- حاولت بيان حقيقة هذا القانون وخطورته باعتباره منظومة متكاملة ثم باعتباره مواد جزئية، و توضيح مخالفة كل ذلك لمحكمات الشرع، ثم السياق التاريخي لتطبيقه في موريتانيا، ثم مآل تطبيقه لو تمت المصادقة عليه لا قدر الله.
وتناولت ذلك من خلال النقاط التالية:
ـ أولا: مفاتيح إيضاحية للعنوان.
ـ ثانيا: صلاحية الشريعة لكل زمان وشمولها لكل القضايا.
ـ ثالثا: سياق قانون النوع في موريتانيا.
ـ رابعا: وقفات مع بعض مواد قانون النوع الجديد.
ـ خامسا: مآلات المصادقة على هذا القانون.
ـ سادسا: واجبنا نحو هذا القانون .
• أولا: مفاتيح إيضاحية للعنوان:
يتكون العنوان من ثلاث كلمات مفتاحية: النوع، السياق، المآل.
- أما النوع: فهو مصطلح لاديني حديث، بدأ قبل أربعين سنة حسب المفكر الفرنسي فرانسو كزافيه في مقاله:" نظرية النوع (الجندر) ليست سوى فرضية إيديولوجية"، ويعني هذا المصطلح: إنكار أي تمايز بين الذكر والأنثى حتى من الناحية البيولوجية الخلقية، وهذا هو المعنى الذي اعتمدت منظمة الصحة العالمية، حيث عرفت النوع بأنه: "المصطلح الذي يفيد استعماله وصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصفات مركبة اجتماعية لا علاقة لها بالاختلافات العضوية".
ولذا تتيح نظرية النوع لأصحابها الدعوة إلى المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، ويدخل في تلك المساواة المطلقة، ـ بطبيعة الحال ـ حق المرأة في السحاق وحق الرجل في اللواط، فإتيان الرجل الرجل وإتيان المرأة المرأة أمر طبيعي عند أهل هذا المصطلح، وعند مقلدتهم الذين يجعلونه مصدرا لكتابة القوانين الأسرية.
- والمقصود بالسياق في العنوان: السياق التاريخي لظهور هذه القوانين، وخاصة في موريتانيا، ذلك أن تسويق هذا القانون مرّ بعدة مراحل خلال عدة سنوات، ومن تابع أنشطة واتفاقيات وزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة مع المنظمات الغربية يدرك أن هذا القانون مهد له بعدة تمهيدات، ولا يمكن فصل هذا القانون عن الأنشطة المتعلقة بتجريم الزواج المبكر، والخفاض والتسمين، وبرامج تمكين المرأة....
ولاشك أن بعض هذه الأنشطة دون بعض في الخطورة، وأن منها ما قد يكون موافقا للشريعة، لكن المنظمات الغربية تضيف إليه ما يخالف الشريعة، وتنفذه من باب التدرج في تمرير قوانين النوع واتفاقية سيدوا سيئة الصيت.
- أما المآل فالمقصود به الآثار السلبية لهذا القانون على المجتمع والأسرة، وخطورته على علاقة المرأة والرجل في هذا البلد. ومن الغباء أن يظن بأن هذا القانون في صالح النساء، بل هو -وربي- نقمة على النساء، وضرره على النساء ليس أقلَ من ضرره على الرجال، وقد شهد بهذا النساء الغربيات الذين طبق هذا القانون وأمثاله من القوانين في بلدانهن.
تقول الكاتبة الفرنسية فرانسواز سوغان " أيتها المرأة الشرقية إن الذين ينادون باسمك، ويدعون إلى مساواتك بالرجل إنما يضحكون عليك، فقد ضحكوا علينا من قبلك".
ويذكر الدكتور عبد الوهاب المسيري عن إحدى رائدات تحرير النساء قولها له بعد حوار لها مع نسوية أمريكية وفهمها لمآل دعواتها التحررية: ماذا تريد هذه السيدة؟ إن أخذنا برأيها سيكون من المستحيل علينا أن نجمع بين الذكور والإناث مرة أخرى.
• ثانيا: صلاحية الشريعة لكل زمان وشمولها لكل القضايا:
إن من خصائص شريعة الإسلام صلاحيتها لكل زمان ومكان، وشموليتها لجميع القضايا والمجالات، سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو غير ذلك، وقد تنبه لهذا حتى غير المسلمين، فقد جاء في صحيح مسلم عن سلمان، قال: قال لنا المشركون إني أرى صاحبكم يعلمكم حتى يعلمكم الخراءة، فقال: أجل «إنه نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه، أو يستقبل القبلة، ونهى عن الروث والعظام» وقال: «لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار»
فدين يعلم أتباعه آداب قضاء الحاجة، أفيمكن أن يترك باقي جوانب الحياة الأخرى؟
ثم إنه وردت آيات كثيرة يحذرنا الله فيها من اتباع قوانين الكفرة، ومن ذلك قول الله تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
كيف نترك شريعة الله، ونأخذ قوانين الشرق والغرب؟!
كالعيس في البيداء يقتلها الظما* والماء فوق ظهروها محمول.
إننا أصحاب هوية نعتز بها، وأتباع دين عظيم نفخر ونعتز به، ولا نرضى لأنفسنا هذا التسول الثقافي والقانوني، لقد كان نابليون معجبا بالمذهب المالكي ومتأثرا به وأخذ من فروعه مسائل جعلها في مواد القوانين الفرنسية؛ فلنعتز بهويتنا الإسلامية، ولنتيقن أن شريعتنا صالحة لكل زمان ومكان بل مصلحة لكل زمان ومكان.
ثم إن قضية حاكمية الشريعة ليست من المسائل الفرعية أو الاختيارية بل هي من قواعد الدين وأصول الإيمان، قال ربنا عز وجل {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
• ثالثا: سياق قانون النوع في موريتانيا:
كان الغرب في الدول الإسلامية يسعى إلى تعطيل تحكيم الشريعة، وقد تمكن من ذلك بالفعل، فعُطٍِلت القوانين الجنائية والتجارية وغيرها، لكنها في جانب قانون الأحوال الشخصية المتعلق بالزواج والطلاق والميراث لم تكن حريصة ابتداء على تعطيلها، وإنما سعت إلى ذلك بالتدرج في عدد من الدول الإسلامية، ولهذا نجد في موريتانيا أن قانون الأحوال الشخصية إسلامي كله، وفي المغرب مثلا كان إسلاميا كله إلى عهد قريب، ثم بدأ التغريبيون بإجراء تعديلات عليه فتمكنوا أخيرا من إضافة عدد من المواد المخالفة للشريعة في مدونة الأحوال الشخصية، وفعلوا الشيء ذاته في عدد من الدول الإسلامية.
وهكذا كانت موريتانيا في جميع الاتفاقات المتعلقة بالأسرة والمرأة تنص على موافقتها عليها مع التحفظ على كل ما يخالف الشرع، وهذا ما حصل مع اتفاقية سيداو، لكن المنظمات الدولية سعت ابتداء من سنة 2000م إلى اعتماد خطوة جديدة لتغيير قوانين الأحوال الشخصية، وذلك عن طريق تجزئة الاتفاقيات الكبيرة.
وقانون النوع أو مقتضيات مصطلح النوع كان من أهم القضايا التي سعت المنظات الغربية إلى إدخالها في القوانين والسياسات الموريتانية، كما تثبت ذلك عدة وثائق ، ففي تقرير صادر عن ""كتابة الدولة لشؤون المرأة" تحت عنوان (تقويم تنفيذ موريتانيا لتوصيات برنامج عمل بيكين) – كُتب في أبريل 2004 جاء فيه: (ويمثل فريق متابعة النوع تجربة هامة في مجال دمج وتحليل مقاربة النوع، ذلك أن الأمر يتعلق بفريق متعدد القطاعات أنشئ ضمن كتابة الدولة لشؤون المرأة، وتم تكليفه بإعداد خطة لدمج مفهوم النو ع في السياسات والاستراتيجيات القطاعية للبلاد، والقيام بمناصرة لدى أصحاب القرار في هذا الشأن، وكذا لدى الشركاء في مجال التنمية والمجتمع المدني، بغية تبني مقاربة النوع، ومراعاتها في البرامج الإنمائية؛ وتكوين قاعدة بيانات حول النوع، والسهر على تجنيد الموارد اللازمة لذلك .
ويتشكل فريق متابعة النوع من ممثلي النقاط البؤرية في مختلف الدوائر (مختلف القطاعات الوزارية، المجتمع المدني، والشركاء في مجال التنمية، الخ )، ويجتمع الفريق بانتظام كل ثلاثة أشهر، كما يستطيع أن يجتمع كلما دعت الضرورة إلى ذلك، بغية دراسة مدى تقدم دمج النوع في كافة السياسات القطاعية للدولة).
وهكذا يتبين لنا أن في وزارتنا فريقٌ عملُه متابعة نظرية النوع ومدى تقدمها، وسعيه إلى دمجها في جميع سياسات واستراتيجيات الدولة، وما قانون النوع إلا حلَقة ومرحلة متقدمة من حلقات تغريب المرأة والمجتمع، وتغيير قانون الأحوال الشخصية وجعله مخالفا للشرع.
لقد ظهر قانون النوع بشكل رسمي، وعلى شكل مواد سنة 2016م وكان من غبائهم عرضه كما ورد من الغرب دون تعديلات تذكر حتى في مصطلحاته الدخيلة والملغمة، وعورض بشدة حتى أُسقط أو سُحب ولله الحمد، وساهم في ذلك برلمانيون ومحامون وأساتذة جامعيون نساء ورجالا، وعارضه جميع أبناء الشعب باستثناء شرذمة من عملاء الغرب الذين يتقاضون رواتبهم من المنظمات الغربية بدعوى حقوق الإنسان والمرأة.
ثم قدمته الحكومة مرة أخرى سنة 2018م بعيد انتخاب برلمان جديد، غير أن المحاولة فشلت أيضا ، فقد رفضه البرلمان مرة أخرى، واضطرت الحكومة إلى سحبه.
ثم تفاجأنا بعد ذلك بالقانون نفسه مع إجراء تعديلات طفيفة عليه، وحذف بعض مصطلحاته، وتغيير في عنوانه الصادم، لكنه بقي هو هو، وبقيت دواعي رفضه وإسقاطه كما كانت لم تتغير.
وهذا يدلنا على طول نفَس هؤلاء وسعيهم بكل ما أوتوا من قوة إلى تمرير القانون بمختلف الطرق والسبل، وهو ما يعني أنه يجب علينا أن نطيل النفس في هذه المعركة التي بدأت قبل عشرين سنة، ولم نتنبه لها إلا قبيل ثلاث سنوات للأسف الشديد بعد ما صارت ظاهرة.
• رابعا: وقفات مع بعض مواد هذا القانون المفسد:
كما سبق فهذا القانون جزء من نظرة شاملة لمناحي الحياة، وهي نظرة مخالفة للإسلام عقيدة وشريعة، وهذا يكفي لإبطاله وإسقاطه دون نظر إلى مفردات مواده، وقد سبقت الإشارة إلى قول فرانسو: " نظرية النوع فرضية إديلوجية" فهي تنطلق من أصل عقائدي يناقض عقيدة الإسلام.
لكن لا بأس بإيراد أمثلة على بعض مواده المنحرفة، وتبيين مخالفتها لشريعتنا وهويتنا وقيمنا.
يتكون هذا القانون اللقيط من ستة فصول موزعة على 55 مادة، وقد اعتمدت النسخة التي نشر موقع الأخبار إنفو.
1_ المادة الأولى: "يهدف هذا القانون إلى الوقاية من العنف ضد النساء والفتيات ووضع الإجراءات القانونية الكفيلة بحماية الضحايا وتعويضهن عن الضرر ومعاقبة الجناة".
ألا يوجد في القوانين الشرعية ما يحقق هذه الأهداف؟ ألا يوجد في القانون الجنائي الموريتاني المأخوذ من الشريعة ما يغني عن استيراد قوانين غربية مناقضة لشريعتنا وقوانينا!؟...فالزنا والاغتصاب والتحرش وغير ذلك، كلها مخالفات شرعية منصوص على أحكامها، وما لا يوجد نص فيه فباب التعزير فيه مفتوح، بل إن حكم الاغتصاب في هذا القانون عقوبته مخففة، وتراعي الجاني أكثر من مراعاة الضحية، فلم لا نطبق حكم الشريعة؟
إذن، الهدف الذي يدعيه زورا هذ القانون، تحققه الشريعة وزيادة، ولم تنظر الشريعة إلى جانب العلاج والعقوبات فقط، بل راعت الجوانب الوقائية، وهي كثيرة ليس هذا محل سردها.
2- في المادة الثانية تحدث القانون عن ما سماه اغتصاب المحارم، وعرفه بأنه: "أي اتصال جنسي يرتكب ضد امرأة أو فتاة من النساء اللاتي يحرم الزواج بهن"، وهذا التعريف يدخل في باب الزنا، وحكمه منصوص عليه في القانون الجنائي، فلا معنى لإدراجه هنا، ثم إن اغتصاب المحارم ليس ظاهرة عامة حتى ينص على ذكره في القوانين، وليس من مجال القانون التنصيص على ما شذ من أحكام.
3- المادة 8 تقول: "تسهر الدولة على وضع آليات للكشف المبكر عن العنف ضد المرأة والفتاة، في الإطار الأسري والمدرسي والجامعي والمهني، وذلك عن طريق إنشاء مؤسسة رصد مناسب".
لا أحد يرتضي أو يجيز العنف ضد النساء، لكن مقتضى هذه المادة يجعلنا نعيش معركة كبرى بين النساء والرجال، ويتيح للغرباء التجسس والتدخل في شؤون الأسرة ومشكلاتها، فما معنى الكشف المكبر إلا التجسس، وما كانت العلاقة بين الرجل والمرأة قائمة على تدخل القرباء فيها أحرى غرباء عينتهم الدولة لهذه المهمة غير الشريفة.
4- في المادة 13: " فضلا عن محاميها، يمكن لضحية الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون أن تستفيد طيلة المسطرة القضائية من مؤازرة شخص تختاره".
وفي المادة 16: "تتلقى النساء والفتيات ضحايا الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون المعلومات الكاملة والمساعدة التي تتناسب مع أوضاعهن الشخصية.
وتشمل الخدمات متعددة المجالات المقدمة في هذا الإطار ما يلي:
- تقديم المعلومات للضحايا
- الدعم النفسي
- المساعدة الاجتماعية
- المساعدة الصحية
- خدمات الشرطة القضائية
- متابعة الطلبات القانونية والإدارية
- تسهيل الوصول إلى مراكز الاستقبال".
وفي المادة 18: "تستفيد النساء والفتيات ضحايا الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون من الخدمات الاجتماعية المستعجلة المتعلقة باستقبالهن ودعم إعادة تأهيلهن، تنظم هذه الخدمات لتلبية الاحتياجات العاجلة وتوفير الدعم المستمر والمتنوع".
في المادة 19: " في إطار إعادة تأهيل النساء والفتيات ضحايا الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، يتم إنشاء المرافق التالية:
- مراكز الاستقبال والاستعلام، التي توفر المساعدة القانونية والدعم النفسي وأماكن للإقامة العاجلة لآجال قصيرة
- مراكز الإيواء ودور البنات، التي تستقبل الضحايا لآجال متوسطة وطويلة في ظل ظروف تسمح بإعادة تأهيلهن بالكامل."
إن القاسم المشترك بين هذه المواد الأربعة، هو تذليل الصعاب للفتيات للخروج عن ولاية آبائهم، فبمجرد أن تريد الفتاة ترك منزل أهلها ستجد ترسانة قانونية متكاملة تساعدها على ذلك، فالمادة 13 تتيح لها اختيار شخص يؤازرها، وليكن هذا الشخص غريبا لا يهم، وليكن رئيس منظمة تغريبة، عادي، لا إشكال في ذلك، وليكن عشيقا لها- أكرمكم الله_ الأمر سهل، المهم أن يكون شخصا تختاره هي!
والمادة 16 تتيح لها ما تريد من دعم، وما تحتاجه من معلومات..الدعم الصحي والمالي والنفسي، الجميع في خدمتها؛ لأنها فتاة مراهقة منعها أبوها من الخروج ليلا وآذاها نفسيا، فقررت الخروج عن ولايته، فكفلت لها المادة 16 كل ما تحتاجه من دعم بل إن المادة 18 ستوفر لها الدعم المستمر والمتنوع، فلتستمر في خروجها عن بيت أبيها أو بيت زوجها.
أما المادة 19 فقد أتاحت للمنظمات التغربية فتح مراكز إيواء ودورا للبنات، لتوفر لهم الإقامة لآجال قصيرة ومتوسطة وطويلة، يا سلام! أخرجوها من بيت أهلها ووفروا لها منزلا يشرف عليه حقوقيون وحقوقيات لا دين لهم ولا مروءة، فهل سنسأل حينها عن مدى انحراف فتياتنا ونسائنا؟! من الذي سيرضى بترك فلذة كبده تسكن لخمس سنوات وعشر سنوات وأكثر في مركز إيواء تابع للفجرة ومتبعي الشهوات والشبهات!؟ أي فساد أعظم من هذا؟
أما المادة 20 فكانت صريحة جدا، وقالت: " تُوفر مرافق استقبال النساء والفتيات ضحايا الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون مساعدة مجانية ومتعددة. وتستفيد من دعم مالي مقدم من طرف الدولة والشركاء".
هذه المراكز ممولة من الدولة والشركاء، والمقصود بالشركاء الدول والمنظمات الغربية، ومعلوم أن هذه المنظمات لا تعطي المال مجانا، بل لا بد لها من المقابل، ويكفيها من المقابل انحراف فتيات ونساء المسلمين.
في المادة 27: أطلقوا على الختان تشويه الأعضاء التناسلية، وهذا مصطلح تشويهي في حد ذاته، والختان وإن اختلف في وجوبه إلا أنه مستحب عند من لم يقل بوجوبه، وأي ضلال مثل تحريم ما يراه علماؤنا في أقل أحواله مستحبا، فكيف بالعقاب عليه؟ إن ختان الإناث ليس فيه ما يستنكر، وما يقال من ضرره الصحي غير متفق عليه، وله فوائد كثيرة، فلماذا لا نترك الحرية لمن يريده باختياره؟ وأين افتخارنا بمالكيتنا، والمالكية ينصون على استحبابه، ونحن نستورد قانونا يعاقب فاعله؟
في المادة 35: "كل من يَحرم امرأة أو فتاة من ممارسة الحقوق التي يكفلها القانون، يعاقب بالحبس ستة (6) أشهر إلى سنة (1) وبغرامة عشرة آلاف (10.000) إلى عشرين ألف (20.000) أوقية، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ما المقصود بهذه الحقوق؟ حق التنقل مثلا: إذن من أرادت ابنته أن تسافر ومنعها من ذلك لمصلحتها يعاقب بالحبس ويغرّم، أي جرم هذا؟ وأي تفلت؟ أين التربية؟ وأين سلطة الأب وولايته؟.
في المادة 36: "كل من يتزوج فتاة دون الثامنة عشرة (18) من العمر، يعاقب بالحبس ستة (6) أشهر إلى سنة (1) وبغرامة عشرين ألف (20.000) إلى خمسين ألف (50.000) أوقية، أو بإحدى هاتين العقوبتين، دون المساس بأحكام مدونة الأحوال الشخصية".
يمنعون من لم تبلغ 18 من الزواج، وفي المقابل لا يمنعونها من التمرد على والدها، ويجيزون لها ارتياد مراكز الإيواء والسكن فيها لمدة طويلة، فأي تناقض هذا؟ وأي انحراف؟
ومنع من لم تبلغ هذه السن من الزواج مخالف للشريعة بإجماع العلماء.
في المادة 54: "يمكن لكل مؤسسة ذات نفع عام وكذا كل جمعية دفاع عن حقوق الانسان، تتمتع بالشخصية القانونية منذ خمس سنوات على الاقل، عند تاريخ الوقائع، رفع الدعوى والقيام بالحق المدني في كل النزاعات الناتجة عن تطبيق هذا القانون، دون أن يخولهم ذلك ربحا ماديا".
يجيز القانون لهذه الجمعيات التدخل لإفساد البيوت والأسر، ولها رفع الدعاوى من تلقاء نفسها، والشروط التي وضع القانون للجمعيات تعني أنها الجمعيات التي دافعت عن المرتد المسيء ولد امخيطير، وهي ذاتها المنظمات التي تدعو إلى انحراف الأسر في كل مناسبة وسانحة.
• خامسا: مآلات هذا القانون:
إذا ما صودق على هذا القانون- لا قدر الله- فلا تسل عن الفساد العريض الذي سيستشري في المجتمع، ولا تسل عن باب فتنة كبير سيفتح، ويجب أن نعلم_ كما أشرت قبل_ إلى أن هذا القانون ليس هو غاية أعداء الله، وإنما هو مفتتح لقوانين أخرى إجرامية، ومن يتابع ما يجري في دول قريبة منا يدرك أن باطلهم لا حدود له.. فسيصلون إلى الميراث وإلى إباحة الشذوذ واللواط وغيره من أنواع الرجس..وتكفي خطورة هذا المآل، وحده، كما أن من مآلات تطبيق هذا القانون:
- العمل بما يخالف شرع الله،وعدم التحاكم إلى شريعته ، وهذا أعظم أنواع الفساد وأشده، وقد كان المصلحون سابقا يسعون إلى التدرج في تطبيق الشريعة، فصار العمل الآن على عدم زيادة مجالات تعطيل الشريعة فقط، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ـ إفساد النساء والفتيات، وفتح المجال لانحرافهن، ذلك أن هذا القانون ييسر لهن باب التمرد والخروج من منزل الأسرة إلى منازل ومراكز المنظمات الغربية، ويشجع على العقوق، وقطيعة الأرحام.
ـ يسهم في التفكك الأسري، ويزيد حالات الطلاق الموجود أصلا بكثرة في المجتمع، فالمشكلات الأسرية موجودة في كل بيت، وعلاجها بحسن إدارتها، لا بتشكيل ملشيات ترفعها إلى المحاكم، وتجعل من المشكلات الأسرية الروتينية قضايا جنائية.
ـ يفتح المجال للمنظمات الغربية بالدخول إلى بيوت المسلمين، وإفساد بناتهم ونسائهم عن طريق الآليات التي أتاحها القانون لهم، وجعلتهم عيونا على الأسر.
ـ السماح بفتح مراكز إيواء ودورٍ للبنات سيفتح بابا من الانحراف عظيما، وقد تصبح مستقبلا مراكز لبيع الرذيلة تحت شعار مراكز للإيواء، وقد وقع هذا في عدد من البلدان.
- منع زواج من لم تبلغ 18 سنة فيه ظلم للفتيات، خاصة في هذا الزمن الذي ارتفعت فيه نسبة العنوسة وانتشرت الشهوات، والزواج حق من حقوق الفتاة ، ومنعها منه إن هي وجدته جرم، والذي ينبغي أن يعاقب هو مانعها من الزواج لا من زوجها.
• سادسا: واجبنا نحو هذا القانون:
إن الواجب علينا جميعا نساء ورجالا شباب وشيوخا أن نعمل على إسقاط هذا القانون، بمختلف الطرق والسبل المشروعة، كل منا من موقعه وحسب استطاعته.
- فواجب الحكومة سحب هذا القانون، كما فعلت الحكومة الماضية، وأن تبتعد عن سن قوانين تخالف شرع الله عز وجل.
- وواجب البرلمانيين العمل على إسقاطه، وعدم المصادقة عليه، والله يثيبهم على ذلك.
- وواجب القانونيين تبيين ثغرات هذا القانون الكثيرة، وكتابة مقالات توضح خطورته.
- وواجب العلماء والأئمة تبيين خطورة هذا القانون في منبارهم ومحاضرهم ومدارسهم، وأن يواصلوا جهودهم المشكورة في دعوة الرئيس إلى التراجع عنه، ودعوة البرلمانيين إلى إسقاطه.
- وواجب أخواتنا الفضليات تنبيه النساء إلى خطورة هذا القانون، وما سيفتحه من فساد عريض سنعاني جميعا منه، وسيصل ضرره المجتمع كله.
- وواجب المدونين إقامة حملات تدوينية ضد هذا القانون.
- وواجب الجميع تأسيس إطار يجمع كل هؤلاء، للتنديد بهذا القانون والسعي إلى إسقاطه بكل الوسائل حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.