يعتبر دور الجيوش في العالم أساسيا في جميع مناحي الحياة. ومن أهمها، بطبيعة الحال،السهر على الأمن والنظم وتطبيق القوانين في أوقات السلم والحرب، وعند حدوث الكوارث والأزمات . هذا الدور مرتبط ارتباطا وثيقا و طرديا بكل البرامج التنموية و الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات. وقد تطلب ذلك من المؤسسات العسكرية عبر تاريخها أن تكون حاضرة و مساهمة في تلك البرامج من خلال طواقم عسكرية متخصصة في الإدارة والتسيير والطب والهندسة والتكنلوجيا بكفاءات عالية وقد أدى ذلك إلى أن أغلب المؤسسات العسكرية أصبحت ذات إبداع في تلك المجالات.
فعلى سبيل المثال، كلمة الاستراتيجية التي تستخدم اليوم على نطاق واسع في وضع البرامج و الخطط التنموية، هي في الأصل كلمة تستخدم في وضع الخطط العسكرية الحربية، وهي كلمة انكليزية. و بالنسبة لتكنلوجيا الانترنت، كانت كذلك من إبداع الجيش الامريكي قبل أن تبدأ استخداماتها المدنية ومساهماتها في التنمية في وقت لاحق. والأمثلة كثيرة في المجالات الأخرى من طب وهندسة.
و لدى المؤسسات العسكرية مدارس وكليات وأكاديميات لها ادوار ريادية في تكوين الطواقم في مختلف التخصصات العسكرية والمدنية ولدى المؤسسة العسكرية الموريتانية في الوقت الراهن، رغم حداثتها بالنسبة للمؤسسات العسكرية العريقة، عدة صروح علمية في التعليم والتكوين والتأهيل في المجالات المدنية والعسكرية والدفاعية والصحية و التقنيات المتعددة . ولاشك أن اكتساب أفراد قواتنا المسلحة لمختلف المعارف في تلك الصروح الوطنية والدولية ، جعلهم مؤهلين تأهيلا متميزا ومن خيرة المصادر البشرية ،وجعلهم جديرين بالقيام بجميع المهام العسكرية والمدنية، المتعلقة بالدراسات و التخطيط والتنفيذ وعلى جميع المستويات.
ولعل من أهم الامثلة التي تجسد كفاءات تلك المصادر البشرية ، السيد حننه ولد سيد، وزير الدفاع الوطني، الذي لعب دورا جوهريا في تحقيق أهداف المقاربات الأمنية-التنموية، متصفا بجميع الصفات الحميدة من أخلاق وقيم وصدق وإخلاص ووفاء وتفان في العمل، نظرا لما يتحلى به من كفاءات متعددة الأبعاد، استراتيجية وتنفيذية، ذات نتائج ملموسة، سواء تعلق الأمر بالجانب العسكري أو الإداري والتسييري،. فضلا عما له تقدير وثقة عاليين في المؤسستين العسكرية والمدنية.
وكل هذه العوامل وتلك الموارد البشرية ، تجعل من الجيوش الموريتانية مؤهلة للعب دور أساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فبالإضافة إلى الأدوار التقليدية– الذود عن الحوزة الترابية والسيادة الوطنية والسهر على الأمن والنظم وتطبيق القوانين – التي لها آثار اقتصادية واجتماعية مباشرة وغير مباشرة على المجتمع والدولة ،فإن المنشآت التعليمية والصحية والهندسة العسكرية ، تلعب أدوارا ذات أهمية بالغة، ولها كذلك نتائج مباشرة في تحقيق اهداف التنمية.
لكن الامر يتطلب تكاتف الجهود من الجميع – سواء تعلق الأمر بالسلطات التشريعية والتنفيذية، أو تعلق الأمر بالشركاء في التنمية والمجتمع المدني – وتبادل الخبرات وتحمل المسؤوليات والتركيز بالدرجة الأولى على التسيير المحكم للنشاطات والموارد و التي من أهمها الموارد البشرية التي ينبغي السهر على تأهيلها وتشجيعها وكذا انشاء مراكز بحث علمية لتقييم ومواكبة البرامج المتعددة التي تخدم وتحقق اهداف الاستراتيجيات العسكرية والتنموية التي لها آثار إيجابية على الجميع.