لقد درج القضاء الموريتاني في العديد من الملفات علي تطبيق احكام تعدد الجرائم وتداخل العقوبات وفق ماهو منصوص عليه من احكام في بعض المنظومات القضائية الأخرى عكس المشرع الموريتاني الذى لم ينظم تلك الاحكام باستثناء ما اشار اليه بصورة مقتضبة في المادة الخامسة من القانون الجنائي فيما يتعلف بتعدد الجرائم وان كانت تلك الاشارة من الطبعي ان ترد بالنظر الي الظروف التي اكتنفت اعداد هذا القانون .
وايا كان نوع تلك الاشار فانها لايمكن ان تكون أساسا لتطبيق احكام تداخل العقوبات نظرا لطبيعة ماتضمنته تلك المادة من احكام من جهة وحقيقة وواقع تعدد الجرائم وتداخل العقوبات كما تناولها فقهاء القانون ونظمت احكامها التشريعات الحديثة والتي تدل في فحواها علي ان تعدد الجرائم يحصل حينما يكون الفعل الاجرامي الذي تم ارتكابه يقبل اكثر من وصف قانوني اوحينما تتعدد الافعال الاجرامية بحيث يشكل كل واحد منها جريمة قائمة بذاتها سواء تم ارتكابها في ان واحد اوخلال اوقات مختلفة دون الحكم عليه في احداها حكما نهائيا
فالتعدد حسب هذا المفهوم إما أن يكون صوريا (معنويا) وذلك حينما يسلك الجاني سلوكا اجراميا واحدا يمكن ان يخضع لأكثر من وصف جزائي بغض النظر عن معيار تحديد وحدة الفعل الاجرامي سواء بالاعتماد في ذلك علي الغاية اوالنيجة اووحدة السلوك المادي اوالحالة النفسية والمصلحة الفردية والاجتماعية المحمية بالنص القانوني ...... وهذ النوع من انواع التعدد لم يتطرق له المشرع الموريتاني علي خلاف غيره من التشريعات وانما اكتفى بالنص في المادة الخامسة من القانون الجنائي علي التعدد المادي اوالحقيقي الذي يعد في الواقع ارتكاب جان افعالا تشكل كل واحدة منها جريمة مستقلة بذاتها دون ان يفصل بينها حكم قضائي
علي ان المشرع الموريتاني وان كان قد نص علي مبدأ التعدد المادي للجرائم في اضيق مجالاته من خلال صورته المتعلقة بتزامن المتابعة اوالمحاكمة ورتب عليه في الحال اثرين احدهما يتعلق بالحكم بالعقوبة الأشد باستثناء المخالفات ، والاخربالاجراء الواجب اتخاذه في حالة ما اذا كانت العقوبة الرئسية موضوع عفو ، ولم يتطرق للحالات التي تستحيل فيها المزامنة ولامايتعين اتخاذه من ترتيبات حينما يحصل التداخل بين العقوبات سواء بسبب تعدد المحاكمات فيما تمت احالته من ملفات لجهة قضائية واحدة اوعدة جهات في اوقات مختلفة اثر متابعات مختلفة اومحاكمات منفصلة ، اوارتكاب المدان لجريمة جديدة بعدما تمت ادانته بارتكاب اخرى......... وهي كلها ظروف تثير اكثر من اشكال يتعلق بالعقوبة الواجبة التنفيذ دون غيرها من العقوبات الاخرى المحكوم بها مما يتطلب في الواقع تدخل المشرع الاجرائي لتكريس مبدأ تداخل العقوبات ووضع القواعد القانونية الكفيلة بالتعامل معه ، سواء تعلق الأمربتحديد المدى القانوني لدمج العقوبات المحكوم بها في العقوبة الاشد او تحديد جهة الاختصاص في القيام بعملية الدمج تلك وما اذاكانت عملية الدمج تلك يمكن ان تطال العقوبات التبعية اوالتكميلية اوتدابير الأمن والعقوبات المالية اضافة الي كيفية التعامل مع ما هو منصوص عليه من احكام وترتيبات تتعلق بالعديد من المفاهيم القانونية كما هو الحال بالنسبة لتقادم العقوبة الاشد ، والعود ووقف التنفيذ والحرية المشروطة ............. وان كان من الممكن رصد بعض الاشارات الدالة علي عدم اعتداد المشرع بتداخل العقوبات من خلال ماورد في الاحكام الخاصة بوقف التنفيذ والحرية المشروطة وهو مايظهر من خلال ماتضمنته المادة 659 من قانون الاجراءات الجنائية في فقرتها الاخيرة من احكام تتعلق بوجوب تنفيذ العقوبة الاولي في حالة ادانة جديدة دون ان تجب الثانية ونفس الاثريمكن ان نلتمسه من خلال مانص عليه المشرع بشأن الحرية المشروطة من احكام في المادتين 653 و657 من قانون الاجراءات الجنائية حيث جاء في احداها انه يمكن للمحكوم عليه بقضاء عقوبة او اكثر ان يحصل علي حرية مشروطة في حين ورد في الاخري انه في حالة الرجوع في قرار منح الحرية المشروطة يقضي المحكوم عليه المدة المتبقية من عقوبته وكل عقوبة جديدة يمكن ان يتعرض لها .
والله أعلم