إذا كنا حتى الآن غير قادرين على تحديد وضع الأمطار في بعض أجزاء الشمال، ابتداءً من تكانت و مرورا بآدرار وحتى تيرس وانواذيبو ، فإن ما رأينا من الترارزة إلى أقصى الجنوب والشرق من تأثير المطر وشموله لكامل مساحة البلاد و لجميع تلك الولايات لشيء يبشر بسنة مُمْرِعَة قليلة العطش إذا استطاعت السلطات الوطنية والجهوية التحلي بوعي الحاجة القصوى للاستفادة من هذا الموسم المبارك إن شاء الله ..وذلك عن طريق تعبئة السكان ودعمهم والتعاون معهم لتوفير أقصى درجات الاستفادة من امتلاء السواقي وتشرب التربة بالمياه الأمر الذي سينجم عنه وجود المياه في الطبقات العليا للتربة ليسهل الاستفادة منها لمختلف الاستخدامات كما أن حجم إنبات الأرض للحشائش بأصنافها المختلفة يوفر كلئً وافرا يمكن من الاستقرار وعدم الحاجة للتنقل داخليا والاستغناء نسبيا عن دول الجوار التي يعتمد المنمون على الانتجاع في أراضيها إذا توفرت بعض الشروط كالرعاية والحفظ وتوفير المياه ... إن الأستفادة القصوى من هذا الموسم كان يمكن توفيرها لو كنا قبل الموسم بدأنا حماية فعالة للأشجار تجعل هذا الموسم بداية نقلة نوعية لحالة الغابات والأحراش المختلفة التي تتعرض لعملية تدمير مستمرة بسبب استخدام الفحم والخشب الذي استمر دون تغيير يذكر،للاستخدامات المعروفةو لأغراض أخرى متنوعة لا مبرر لها ،لكننا بدون إجرءات فعالة وشاملة لحماية البيئة لن نستطيع الاستفادة الكاملة من الموسم الجيد إلا أنه برغم كل شيء لابد لنا على الأقل من حماية مختلف المناطق من الحرائق وتوفير نقاط مياه في مختلف الأنحاء الغنية بالمراعي. فالمجهود المطلوب هذه السنة لتجنيب المراعي للحرائق وتوفير شروط استغلالها بإيجاد نقاط مياه يتطلب هذه السنة جدية وفعالية وسرعة إنجاز افتقدت جميعها في الماضي لأن ضياع فرصة هذا الموسم خسارة كبيرة يجب تجنبها فإذا كنا غير قادرين على بدء عمل كبير لعلاج بيئتنا المدمرة فلا أقل من بذل بعض الجهد لتخفيف العبث الذي طال استمراره لبيئة لا وعي ولا إحساس ولا رحمة ولا لطف لساكنتها التي أفنت مخلوقاتها واستأصلت نباتاتها وما زالت تواصل تدمير المتبقي منها ببلادة وسوء تدبير منقطعي النظير!!!
لقد ترافق مع الموسم الجيد أمورا كثيرة سلبية يجب علاجها: أولا: لقد اتضح أن هناك مدنا وقرى كثيرة أسست في مرحلة الجفاف ليست صالحة للسكن في المواسم المطيرة ويجب تبديل مكانها وتبديل بعض أحيائها . ثانيا: لقد توضح أنه ليست لنا طرق إن مانسميه طرق داخلية عبارة عن سخافات لم تصمد في أي مكان إنها بهشاشة التربة أو أضعف قليلا ولا يمكن أن يستمر هذا الأمر!!
لقد تحطمت الكثير مما يسمى سدود وهو في الحقيقة ليس سدودا ويجب أن نقيم سدودا حقيقية ليست بهذه الهشاشة كما أوضح الموسم أمرا كان واضحا لمن يهتم بأمور الوطن إنه ضرورة التوسع في إنشاء السدود والاستفادة من السيول و الفيضانات الداخلية والقادمة من الخارج للتغلب على العطش ونقص المياه اللذان يعتبرات من أخطر مشاكل السكان في كل الأنحاء تقريبا.
إن السيول الداخلية تحمل مياها كثيرة تذهب سدى دون أن نستفيد منها فما يسمونه (وامة) في الحوض الغربي حيث تأتي مياه غزيرة بسيول قادمة من مالي و تتوغل في أراضي الولاية عشرات الكيلمترات كل سنة ونتركها تأتي وتتراجع دون أن نعمل لجرها في اتجاهات تخدمنا أو نعمل للتحكم فيها وغيرها كثير في مناطقنا الداخلية فالأودية طيلة الموسم ممتلئة بالسيول ذاهبة دون تحكم وبعضها يمر في مناطق تعاني العطش طوال السنة، كماهو الحال في العصابة فمدينة كيفه يمر واد قريب منها من جهة الشرق تمر به جميع المياه المتجمعة من (الرغيبة) و(أفلة) وتتجه إلى (كوروكورو) جنوبا ثم إلى نهر السينغال ومثل هذا الواد الذي يمر في لعصابة يوجد في كل أنحاء الوطن أودية تترك لها الحرية في الذهاب في كل الاتجاهات في الوقت الذي نعاني العطش ولم نجد حلولا لمشكلته !!!
خلاصة الانطباعات التي كونا أنه لابد من تعاون الجميع حتى نتمكن من الاستفادة ولو بشكل محدود من غزارة الأمطار وشمولها لمختلف المناطق هذا في المدى القصير أما في المدى الطويل فإنه لابد لسلطات هذا الوطن أن تلتفت ولو نصف التفاتة إلى بيئة باتت تئن تحت عبئ هائل من المعانات وتكاد تلفظ أنفاسها في الوقت الذي يغط الجميع في نوم عميق! نسأل الله الذي يحيي العظام وهي رميم أن يحيي هذه الضمائر التي إن لم تكن ماتت تماما فقد تبلدت كثيرا !!!؟؟