الحاجة إلى إعادة تأسيس منظومتنا الإعلامية / محمد حاميدو كانتى

الحديث عن أهمية الإعلام أمر متجاوز، كما ان تأثير مختلف وسائط التواصل بات طاف على السطح..

صحيح أن وضع الاستراتجيات أمر هام لتنفيذ الخطط التي يتوخى من خلالها تحقيق أية أهداف منشودة، فإلى أي حد يمكن القول بأن تلك الأهداف محددة وواضحة بالنسبة لنا؟

في الواقع إذا أردنا أن نحدد تلك الأهداف فلا بد أن نضع في الحسبان مجموعة من الاعتبارات من أهمها:

-         كوننا مجتمعا مسلما نوحد الله ونؤمن بما جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين وبأنه مرسل من عند الله صلى الله عليه وسلم

-         ولا بد أن نعتقد جازمين بوجوب تطبيق ما جاء في القرآن وما ثبت من قول أو فعل عن النبي صلى الله عليه وسلم

-         ويتحتم علينا التعامل مع العالم من حولنا وفق سياسة تحقق العيش المشترك والتبادل المنسجم مع احترام التعاليم التي تلتها شريعتنا، ويجب أن لا يكون ذلك مطروحا للنقاش ولا معروضا للمساومة..

-         ويجب علينا أن نضع في الحسبان وجوب حماية معتقدنا وحماية أجيالنا ومجتمعنا ككل من أي فكرة أو استراتجية أو منظومة أو منظمة تتعارض أهدافها أو تمس بشكل مباشر أو غير مباشر من ثوابتنا وقيمنا الإسلامية

-         ويجب أن نفهم أن العادات والتقاليد والأعراف ليست مصدرا للتشريع، بل يقر التشريع ما صح فيه منها، وينبذ ما خالفه منها

-         ويتحتم أن نفهم جميعنا أن التنوع الثقافي ثراء حين تكون الشريعة والقيم الإسلامية مصدره وديدنه، وأنه شقاق وفراق حين يكون مصدره أهواء مجردة طال الأمد بها حتى ظن الظانون أنها شرعة والمساس بها منقصة.. فالعادة كالشرع ما لم تخالف فحسب..

-         ومن العار أن نقبل أو نتقبل أن يكون لكل من هب ودب من العامة والدهماء رأي، أو أنه مباح له أن يتفلسف ويدلي برأي في حين لا يفقه من القرآن ولو آية، ولا من الحديث ولا من مأثور الدين شيئا، فعلى هذه تنبني آراءنا كمسلمين فنحن أمة لا تستقي رؤاها ولا آرءها من التفكير المجرد ولا من فراغ هوائي تذروه الرياح أو يوحي به شيطان خناس أيا كان نوعه، وما خفي أعظم..

-         ومن السذاجة بمكان عظيم أن نقول بحرية التفكير وحرية التعبير على إطلاقها،  بغير ضوابط الشرع ومعطيات الدين..

-         ويجب أن نكون واضحين واضعين في عين الاعتبار وجوبا أن البدعة الدنوية هي مناط التطور والابتكار والتفكير والتدبير وحين نبدع فنبتدع فيها فيجب قبل سنها عرضها على منظومة الأخلاق الربانية التي تضع أولويتها جلب المنفعة للناس ودرأ المفسدة والخطر عن الناس، فلو كان ذلك حصل، ما سمح بصناعة السلاح النووي ولا الكيميائي ولا البيولوجي.. أسلحة صنعناها ولا نتحكم في منع ضرها ولا نستطيع حتى السيطرة عليها ولا نعرف كيف نتخلص منها، فلو كان رقيب الشرع حاضرا لما صنعناها فور إدراكنا لخطرها وإدراكنا لعجزنا عن السيطرة عليها حين نطلقها.. والدليل على ذلك خوف من يمتلكها من إطلاقها أو من سقوطها في ايد لا تدرك خطورتها.. فكان بذلك في مأزق لا يعرف حتى كيف يخرج منه

-         ويجب أن نرسم سياسة واضحة ومركزة على التثقيف والتوعية وبث المسلكيات والقيم الفاضلة تعلم العيش المشترك بسلام ، تعلم تبادل الخدمات في انسجام، تعلم العمل المنظم والمفيد في وئام، تعلمنا كيف نزرع الأرض كيف نرعى القطعان كيف نصنع الأدوات للإستخدام، كيف نعلم الصبيان، كيف نحترم الكبار، ونوقر الصغار كيف نحفظ أعراض النساء ونصون كرامة الإنسان، كيف نعبد الله ونعمر الأرض كيف نبني الطرق ونحافظ عليها، كيف نبني السفن الجاريات ونصونها، كيف ننسج شباك الصيد وأفرشة المنازل، كيف نخيط الثياب والأغطية، كيف نساعد المحتاج دون خدش كرامته، كيف نصون الماء، كيف نصون الكهرباء، كيف نوفر من كل ذلك ما ندخره للأزمات والحالات المفاجئة بإذن الله.

هذا غيض من فيض، هذه اعتبارات هي أساسات يجب وضعها في الحسبان إذا أردنا أن نبني منظومة إعلامية تنموية رائدة، تؤسس لصناعة شعب خدوم، خلوق، تتكاتف جهوده وتتوحد عقليته، يبني بلدا قويا بإنتاج حاجته، وبرشاد مصروفاته، وباستقرار منابته، وبحماية نفسه لا بالسلاح القاتل، بل بالقلم والفأس، بالمطرقة والإبرة، بل بعصى الراعي وموعظة من إعلام واعي...

                                                                  

26. سبتمبر 2020 - 19:43

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا