لايراودني شك، أن السلطة السياسية القائمة تتبع نهج المثل القائل: "إياك أعني واسمعي ياجاره!" في تعاملها مع الفساد والمفسدين.
إذ كيف بسلطة سياسية تحارب فسادا في حقبة ماضية، وتسمح لنفسها أو لغيرها بممارسته في عهدها وفي ظل حكمها؟
لا يصدق ذلك عاقل، بل إن ما ذهبت إليه من استنتاج، يتناص مع القصة التي نسمع في موروثنا الشعبي والمتعلقة بصاحب قطيع الغنم الذي بدأ بحلب كباشه، قبل نعاجه.
يضاف لذلك ويعززه مسألتان جديدتان وطرأتا مع النظام الجديد، ولأن النضال السياسي بطبعه تراكمي وما تحققه الشعوب من مكاسب في هذا المجال سينضاف تلقائيا لما سبق وأن اكتسب من حقوق تعود على استغلالها، ومن ثم يصعب إرجاع أصحاب تلك المكاسب القهقهرى إلى ممارسات خلت،
ليكونا في النهاية ركنين ركينين من حكامتنا الرشيدة.
إن هذين المبدأين هما مبدأ تفعيل "المحاسبات اللاحقة" وإحياء مبدأ "الإدارة المكتوبة"
فالأولى، تدفع بالسلطة القائمة وكل من يتولون الشأن العام، إلى مراجعة حساباتهم في أي خطوة يقومون بها، سواء تمثل ذلك في تجاوزات مادية أو قانونية.
وفي الثانية ستدفع بالمرؤوسين، إلى الحرص على توثيق أوامر رؤسائهم كتابيا، أو "صوتيا" لتبرئة ذممهم حين الحاجة لذلك.
ويحد من فوضى الأوامر الشفهية، التي يصعب معها تحديد المسؤوليات.
مبدآن مهمان يحسبان للنظام الحالي، ولا شك أنهما سيدفعان بالمسؤولين عن التسيير، إلى التفكير بروية وبرؤية جديدة واضعين نصب أعينهم ما يمكن أن يتعرضوا له من محاسبة حالية أو لاحقة، هذا إضافة إلى تحمل كل ما يصدرون من قرارات أو يعطون من أوامر لمرؤوسيهم، خاصة ما حاد منها عن جادة الصواب.
رسائل هي الأخرى وصلت وجهتها بشكل جلي لكل من يهمهم الأمر، بما فيها أولئك الذين ما يزالون يسيرون مرافق عمومية، ولهم سوابق، وتم تدويرهم.
وهي سانحة، تدفعني للتعجب والاستفهام هذه المرة، عن السر وراء الاحتفاظ بهؤلاء وتدويرهم، في حين أن الساحة حبلى بكفاءات، لم تحم حولها شبهات من فساد، او بعض من خيانة وطن.
كفاءات يشفع لضرورو الالتفات إليها ما ذكرناه من تخليق للحياة العامة، ونهج محاسبي في أجواء كتلك السابقة الذكر.
وفي ظل هذا التعجب والاستغراب من "تدوير مقيت" لم أجد له لحد اللحظة من تفسير أو مسوغ، فإني أتضرع إلى الله- بوصفي أحد المهتمين بالشأن العام- أن يقدر لي فك هذا اللغز، أو أن يقيض لي من يفكك لي شفراته.
متفضلا بمشاركتي ذلك عبر مختلف وسائط التواصل، أو الاتصالى بي عن طريق خطوط الهواتف المعهودة - كما يقول مقدمو البرامج المباشرة - وأكون له شاكرا.