ترياق لوطن يحتضر / محمد سالم حبيب

ما من شك في أننا وصلنا درجة فساد غير مسبوقة وعلى كل الصعد، حتى أصبح هذا الفساد يجري فينا مجرى الدم.

 شجعت على ذلك عوامل نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، وعلى الترتيب:

- غياب إرادة سياسية للإصلاح.

فعلى مرً كل الفترات السابقة، تغاضت مختلف الأنظمة المتعاقبة على هذا البلد عن فساد نخبه، إن لم تكن قد أعطتهم الضوء الأخضر بذلك.

-  غياب العقوبات الرادعة في حق من تثبت عليهم تهم فساد، تشفع عادة بترقيات لهم أو بإعادة تدوير، كأنه تشجيع ضمني لهم على صنيعهم.

-  عقلية المنظومة الاجتماعية الحاضنة، التي  لا ترى ضيرا في مظاهر "الإثراء  بلاسبب"، بل وتتولى كبر دفع الغرامات، لو قدر لأحد المنحدرين منها أن يوقف - في حالات استثنائية -  جراء بعض ما اقترف من تجاوزات، وما أكثرها!

ولنتعدى هذا الواقع المر، أنصح ببعض ترياق مضاد لسموم هذا الفساد الذي انتشر وعمً وعشش وباض وفرخ في هذا المجتمع، أجمله في ما يلي:

 - وجود إرادة حقيقية للقضاء على الفساد، تتمثل في إصدار توجيهات سامية في هذا الاتجاه، تتجلى في:

- تفعيل وسائل الرقابة والمتابعة.

- محاسبة كل مسؤول أظهرت المتابعة اختلالا في تسييره.

- تبني الرقمنة، والإلزام بتوفر قائمة بيانات لكل مرفق عمومي، تسهل عمليات التسيير والمتابعة والرقابة في آن.

- اعتماد معايير محددة، وبشكل آلي تتولى اختيار من يتولون التسيير مهما كانت درجاته.

- تبني مقاربة إعلامية، تركز على توعية المجتمع وإنارة الرأي العام، وخاصة المسلكيات المعيقة لبناء وتقدم الدول، والمرتبطة بأمراضه الاجتماعية من قبيل، القبلية والجهوية والرشوة واختلاس المال العام.

- غني عن القول أن كل ذلك، يجب أن يكون في جو يطبعه احترام دستور، يعاقب على خطاب الفرقه، ويحدد الهوية، وهي مواد طالها هي الأخرى ما طال غيرها من فساد تمثل في تعطيلها، وقد آن لتينك المواد أن يتم  تفعيلها.

كلها بعض من مكونات  ترياق، ما إن يتم البدء في استعمال أولى جرعاته؛ إلا وأخرج الوطن - لاشك -  من غرفة العناية المركزة التي رقد فيها زمنا.

ثم تبدأ حالته في التحسن رويدا رويدا.

يدخل بعدها فترة نقاهة، لايحتاج فيها سوى مهدئات ومضادات حيوية، كالتي يتعاطاها المرضى في الظروف العادية، لا تلك الاستثنائية التي تعايش معها بلدنا أمدا ليس بالقليل.

يخرج من كل ذلك، ليدخل طفرة نماء وازدهار، قد نستعرض بعض ملامحها في إطلالة جديدة.

5. أكتوبر 2020 - 21:21

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا