لا حياة ولا تقدم بدون إصلاح التعليم ورفع راتب المعلم / محمد سالم ولد هيبه

إن التعليم والصحة والعدالة والأمن هي الركائز الأساسية التي تقوم عليها الدولة الناجحة، وبدونها لا يصلح شي ء،بل سينتج مجتمع فاسد تعم فيه الفوضى، فأصدق ما يوصف به المعلم أنه سلم يصعد من خلالها الجميع إلى القمة وإلى أخذ مكانه الصحيح في الحياة.

لقد تعاقبت على موريتانيا جملة من الأنظمة السياسية، كان لكل منها حظه من التأثير على العملية التربوية في موريتانيا، لكنه ومنذ مطلع الألفية الثالثة ومع رسوخ فكرة المادية في نفوس الناس اتجه العالم إلى بيع كل شيء فكان للتعليم حظه من ذلك، حيث تم الاستثمار في مجال التعليم، واصبحت هناك سوق مدرسية تبيع النجاح، وتغري المعلمين والأساتذة المتميزين، برواتب ومخصصات وما إن ظهرت نتائج تلك السوق حتى ظهر أن التعليم الحر يتجه لإخماد جذوة التعليم النظامي والقضاءعلى روح الحياة فيه، ورغم ما تبذذله الأنظمة المتعاقبة من أموال وجهود على التعليم ومحاولة محاذاة العالم في برامجه التلعيمية، إلا أنها تسير نحو الخلف في نتائجها ولم تستطع حتى الآن أن تضع اليد على الجرح وتشخص الداء الذي يستشري في جسد التعليم، ومعرفة مكان الخلل.

إن سياسات أي حكومة في التعليم ستبقى فاسدة وراكدة وواهية، ما دام معظم المقربين من رئيس الجهورية من مستشارين وأصحاب نفوذ ليسوا أهلا لمقامهم، وما لم يقدموا له مثل هذه النصائح، وأنه بدون رفع راتب المعلم ومنحه مقاما كمقام الوزير فلن تتقدم الدولة، ولن ينجح له برنامج.

إن التعليم اليوم في موريتانيا يعيش موتا سريريا في كفنه، وهو محتاج كل الحاجة لوثبة قوية، وتضحية صادقة من أبناء وطنيين، فلن تنهض أمة إلا بالتعليم، ولا توجد وظيفة في أي قطاع إلا ويحتاج صاحبها إلى التعليم، فالجندي والمدرس والإعلامي والوزير والرئيس والبيطري والطبيب والمستشار والنائب والعمدة والقاضي جميعهم من انتاج المدرسة، لولا التعليم ما بلغوا ما هم فيه من مكانة.

ثم إن تدني نسبة النجاح في المؤسسات العمومية، وتدني راتب المعلم، وهشاشة البنية التحتية في المؤسسات التعليمية، ليفسر بجلاء ما نقبع فيه اليوم من ترد على جميع الأصعدة، فلا نهوض بدون زيادة راتب المعلم ومنحه جميع سبل العيش الممكنة ليخلص في مهنته، وبدون جعل الطالب في ظروف مواتية فلن يجد المعلم أرضية صالحة لزرع العلم، كما أنه من الضروري وجود عقاب ردعي لكل من يعمل في مهنة التعليم، حيث تتم معاقبته إذا لم يؤدي مهنته بإخلاص وجد.

وبالعودة للواقع ففي هذه السنة والتي تمتاز بجملة من المعوقات، يترشح لمسابقة دخول الإعدادية ما يزيد على 100 ألف من أبناء موريتاينا، فمن منهم سيتجاوز هذه العقبة؟ وما مستقبل البقية؟

يرجح أن تفوز 10 آلاف فقط والبقية تتفرق بين تكرار المسابقة وبين التسرب أو البحث عن طريق أخرى لدخول الحياة.

في هذه السنة يتقدم قرابة 50 ألف طالب موريتاني لشهادة البكالوريا ترى كم سينالها منهم،؟ وما مصير البقية؟ ولمن الحظ الأوفر في النجاح تلاميذ المدراس النظامية، أم المدارس الحرة؟

إن من يخرج من أمام المدارس الحرة يشاهد سيارات النافذين والمسؤولين ويدرك بوضوح دناءة التعليم النظامي واحتقاره حتى من طرف القائمين عليه، حيث يجد أن مدير المدرسة العمومية ووزير التعليم يرسلون أبناءهم للمدارس الحرة، وكذا معظم المسؤولين في الدولة يدرسون أبناءهم في التلعيم الحر، فعلى رئيس الجمهورية أن يفرض على وزيره الأول وحكومته أن يسجلوا أنباءهم في المدارس العمومية خطوة نحو الإصلاح، وأن يضع رقابة قوية على التعليم، ويرفع راتب الملعم، ويحيطه بقانون صارم يعاقب كل من يخل به، من جميع ركائز العملية التربوية، من المعلم إلى الطالب إلى الاسرة.

تملك موريتانيا اليوم فرصة نادرة يجب انتهازها، وهي أنها يحكمها رجل مثقف وبوسعه إصلاح التلعيم الفاسد بعد أن فشل في إصلاحه من سبقوه للقصر.

لكنه وباعتراف من الجميع فإن المؤسسة العسكرية والأمنية هي الوحيدة في موريتانيا التي  توصف بالمؤسسة الناجحة، والشاهد على ذلك مستوى نجاح تلاميذة الثانوية العسكرية، التي يقودها ضابط من الجيش بتعليمات صارمة، ورئيس الجمهورية ولد الشيخ الغزواني أدرى منا بذلك.

 

8. أكتوبر 2020 - 11:55

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا