الخلود للباري جلّ في علاه اما خلود البشر فهو يعني خلود افعالهم و شمولية مشاركتهم وقوة تأثيرها في مكانها وزمانها واستمراريتها ومدى ارتباطها بمطالب الشعوب وصدق تعبيرها عن آمالهم وحرارة عواطف احتضانها وتصديرها وقد خلد التاريخ عظماء كثر لا يزال ذكرهم يتردد حتى اليوم ومن المسلمات ان محاولة طمس مشاركاتهم واغتيالهم لم يكن ولا أظنه سيكون مهمة سهلة ولا غاية شريفة توجه إليها السياسات وترصد لها الإمكانات وتستخدم فيها كل الوسائل المباحة والحرام فالأفعال الخالدة هي تلك التي يشترك في صياغتها الجميع لحاجته اليها ولضرورتها ، وان توفرت فالأولى صيانتها والمحافظة عليها وتكميل أي نقص يلاحظ عليها ، أما أن تسعى نخبة بيسارها ويمينها لتحطيم نتاج نخبة اخرى شديدة الصلة بها خرجت لتوها وتمت تزكية خروجها بعد ندوات عديدة للتمسك بها وتشجيعها على البقاء مهما تطلب جهرا وسرا ، فهذ السلوك ليس من تقاليد امة آخر الرسالات ، ولا يمكن تبرير الصحوة الخبيثة المفاجئة ولا إقناع الشناقطة بوعي ضمير البعض بعد بيات شتوي استمر سنين عددا و تخلله الكثير من الدعاية لحكمه والتمسك به واستنطاق نتائجه ومقارعة معارضيه و توصيله آناء الليل واطراف النهار لشعب الجمهورية الراشد والشاهد اليوم وأمس على لحظة محزنة ومشهد مريع لبعض النخبة وهم ينشرون غسيل جهدهم ويعلقون خيانتهم للمشروع الذي انتدبوا لتنفيذه على حبال النظام الخارج من رحم سلفه وقد شهد رأسه امام الملإ على سلاسة الخروج وضخامة المنجز ونبل الفاعل و شمولية الفعل وتمسك المفعول له بالفاعل .
ان ترويع المصلحين ونقب صروح الخالدين ليس من أمارات الحكماء ولا من مآثر الكرام ولا أبناء الأولياء والصالحين فلقد عودنا اهل الفضل على سلوك آخر بحثنا عنه بلهفة وفضول في ثنايا لحظة الوطن الغامقة فلم نجد له أثر ولم نتحسس له تأثيرا وهو ما حير جموع الشعب الباحث في كومة المخاطر المحدقة به عن قشة نجاة او تعويذة صالح تكبح جماح الخوف المحدق الذي حملته بعد العشرية رؤوس شياطين الإنس وقد خامرتها غريزة الكسب والانتقام وهي غرائز على قادة الوطن ان يوقفوا الترويج والعمل بها فالكل ينتظر بصمت ويراقب بقلق دور صنّاع قراره في التعبير عن مشاعره الجياشة وهي حبيسة المشهد الجمهوري الديمقراطي الحقوقي القانوني المنتهب والمتناقض ، ومهما أثخنت النوايا الخبيثة جسد الوطن جراحا فإن حكمة من تولى امره تبقى منتظرة في كل المراحل وقبل أي انفجار قد تدعوا اليه تلك النوايا و تساق اليه الضحايا حينما لا يتراجع الظلم وحينما لا توجه الجهود وتتوحد لتواجه المخاوف وتحصن المكاسب وتنجز النقص الكبير الذي لا يزال يتعرض له اغلب اخوة الملة والوطن .
إن استمرار دق طبول الظلم والهاء الأمة عن معوقات تقدمها ومطاردة أفكار نخبة تقاعدت و خرجت من ساحات النضال الصادق لن يوفر الحلول لملايين الجياع ولن يشد صرحا تعبره الجمهورية فوق لجنة النوايا الضعيفة المكشوفة ، وتلك التي لا تزال خلف مخاوف الغموض والحذر من الوقوع في فخ إحدى القراءات المتعددة لمشهد يحتم على الجميع وقف استهداف الجهد الخالد و الكف عن صانعه فكأس الانتظار فاضت والقلوب ضاقت ذرعا بعنوان مجتزئ يختزل حلم الإصلاح في محاربة حقبة خالدة من تاريخ الوطن بجهدها وبإنجازها وبتصميم قائدها على محاربة الفساد وابعاد المفسدين ولو كلفه الثمن سمعته وحظوظ المقربين منه فاستهداف الإصلاح كالدم لا يمكن ان يكون ماء زلالا كما أن الإسراف في تكليف المحترفين باغتيال الخالدين مهمة مستحيلة طال انتظار وقفها ورجاء توقيفها تمتلكونه حصرا سيدي الرئيس ...