ما لا تعرفونه في مجتمعنا أن المرأة لها الحق في الشكوى من التحرش مرة واحدة فقط، و هذا ما لا تنقله لكم الأخبار و لا يتحدث عنه الكثير من المدافعين عن القضية من الحقوقين و غيرهم.
ضحايا التحرش أو الاغتصاب اللاتي يُبلغن عن تلك الجرائم و يحصلن على حكم محكمة ضد المغتصب لا يخرجن من الأزمة أقوى أو أكثر جرأة كما يصور لكم الإعلام، و لا يهابهن الرجال أو يخافوا الاقتراب منهن كما تتخيلون، بل العكس، فالواقع أن ضحية التحرش هى أسهل فريسة ممكنة، فالمرأة التي رفعت دعوى اغتصاب أو تحرش احتمالية تعرضها للاغتصاب أكبر من الأخريات للأسف.
لا أملك إحصاءات بالأرقام لإثبات الكلام، لكن التجارب التي نعرفها و القصص التي نتابعها جميعا مع أصحابها بعد نهاية كل جريمة، و زوال الزخم الاعلامي عند كل قصة اغتصاب جديدة تجعلنا نؤكد لكم أن هذا ما يحدث، و يمكن لأي امرأة أن تؤكد هذا الأمر بمجرد معلوماتها من دائراتها النسائية.
بكل بساطة المرأة التي اشتكت مرة لا يمكن أن تشتكي مرة ثانية، و إذا فعلت فلن تشتكي للمرة الثالثة، لأن تكرار الشكوى سيثير الشكوك حولها، فلا يمكن أن يكون كل الرجال متحرشون، خاصةً إذا كان الرجال من أعمار و خلفيات و ثقافات و طبقات مختلفة، بالتالي لا بد أن المشكلة تكمن في أن المرأة، هي التي تغريهم، من تستدرجهم، أو ببساطة أنها كذابة هذا ما يظنه المجتمع!
المعضلة أن ذلك إذا حدث لا يُبرئ المتهم الثاني أو الثالث بل يُشكك في الحكم على المتهم الأول، حتى لو ثبتت القضية ضده بأقوى دلائل الثبوت و كان مدانًا في نظر المحكمة، فإنه على الفور يُصبح بريئًا في الرواية الشعبية للحدث،
و الرواية الشعبية و نظرة الناس هي الأهم!
دعوكم من شعارات الإعلام والتحدي و المواجهة و الشجب و التنديد، فالمرأة تعيش وسط الناس محاطة بنظرتهم لها، لا وسط قاعة محكمة وتمشي بحيثيات الحكم القضائي.
لذا فحماية بيانات المبلغات عن التحرش أو الاغتصاب واجبة، لا لمجرد حمايتهن من الفضيحة أو التشهير، بل لحمايتهن من التعرض للتحرش أو الاغتصاب مرة أخرى.