تطرح حادثة استقبال الوزير السابق إسلكو ولد أحمد إزيد بيه من طرف الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في مكتبه برئاسة الجمهورية الكثير من الأسئلة والفرضيات، ونحن هنا سنحاول في هذه الأسطر أن نستخلص إجابات افتراضية على هذه الأسئلة، قد تكون إحداها الإجابةَ الواقعية الصحيحة.
أولا، لا بد أن نعرج قليلا على بعض أبعاد اللقاء الذي حصل بين الرئيس و ولد أحمد إزيد بيه لنقول إن هذا اللقاء إذا كان إنما تم من أجل التسوية، فإنه لا يصدق أن يكون جاء بطلب صريح من الرئيس ولد الشيخ الغزواني، فالراجح أن يكون بطلب من إسلكو وبعد أن استشار ولد عبد العزيز، أو الأخير هو من اوعز إلى إسلكو حتى طلب اللقاء، وعليه فلا تنتظر للقاء نتيجة تذكر، بل قد تكون جلسة عابرة، ما لم يكن الأخيران رأيا تلويحا من لدن النظام.
ما من أحد يساوره أدنى شك في أن الوزير إسلكو كان أبعد الناس على الإطلاق من النظام القائم اليوم، وكان أشد الناس دفاعا عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وأكثرهم إخلاصا له، فقد دافع دفاع المستميت عن عهد ولد عبد العزيز، في تدويناته الطوال والكثر، وكان من أقوى الكتاب والمدونين المتصدين للرد على أنصار الرئيس ولد الشيخ الغزواني وحكومته على موقع الفيس بوك.
إن أنصار ولد عبد العزيز يرون في إسلكو الرجل القوي الوفي، خاصة بعد أن تحدى شرطة الجرائم الاقتصادية حين حذرت المشمولين في ملف الفساد الذي تسلمته الشرطة من قبل اللجنة البرلمانية التي شَكلت للتحقيق فيه، من نشر ما دار بينهم وبين الشرطة خلال عملية الاستجواب، فلم يتوقف ولد إزيد بيه، بل حرر منشورا تحدث في عما دار بينه وبين مستجوبيه.
إن استقبال الرئيس ولد الشيخ الغزواني لشخص مثل الوزير السابق ولد إزيد بيه، الذي بينا حقيقته في السطور السابقة، وفي ظرف كظرفنا هذا؛ أمر لا يمكن أن يفسر بغير تفسيرين لكل واحد منهما ما يجعله مستساغا، بل لا نجانب الصواب إذا قطعنا بأن مضمون أحد التفسيرين ذين صحيح كائن لا محالة.
قد يكون الرئيس ولد الشيخ الغزواني أراد أن يزيد من معاناة الرئيس السابق بسحب أكثر أصدقائه وفاء له، وأخلصهم له، وتركه وحيدا في انتظار نقل ملفه من لدن شرطة الجرائم الاقتصادية إلى القضاء، ومما يسوغ هذه الفرضية حرص الرئيس ولد الغزواني على إسكات الأصوات المعارضة والمدافعة عن سلفه (صديق الأمس خصم اليوم) والكل يعلم أن صوت الوزير السابق إسلكو هو أبرز هذه الأصوات، كما أن تاريخ ولد الشيخ الغزواني في الحكم شاهد على حالات كثيرة من هذا القبيل، فقد انتزع من ولد عبد العزيز أكثر خلصائه تشبثا به، وأشدهم دفاعا عنه.
يضاف إلى ذلك أن ما يعرف بملف الفساد في عشرية ولد عبد العزيز وصل درجة لا يبدو معها الحديث عن التراجع عنه واردا، خاصة إذا ما نظرنا إلى الأنباء الكثيرة ، الواردة من مصدر متعددة، والتي تتحدث عن توتر بين ولد عبد العزيز وأكثر مقربي الرئيس الحالي نفوذا... إلى غير ذلك مما يسوغ هذه الفرضية.
أما الفرضية الثانية والتي لها ما يسوغها هي الأخرى، بل قد تبدو أكثر واقعية من الأولى، إلا أنها غير تبقى فرضية؛ فهي أن يكون الرئيس ولد الشيخ الغزواني بدأ يمد يد الصلح لسلفه ولد عبد العزيز، فبدأ بدعوة ولد أحمد إزيد بيه، وهي الدعوة التي لا يمكن ان تكون جاءت صدفة، فلا شك أن قبلها اتصالات بين الإثنين، وتمت بتنسيق محكم.
ومما يسوغ الفرضية هذه؛ أن حمل ولد إزيد بيه على التنكر لصديقه الرئيس السابق ليس بالأمر السهل حسب المعطيات، كما أنه – أي الوزير إسلكو – كان قد أعلن في منشور له سابق، عن استعداده للسعي بين الاثنين (ولد الشيخ الغزواني و ولد عبد العزيز).
وقد يقود الرئيس إلى إلى هذه الخطوة حرصه على تحقيق الإجماع وعاطفته تجاه سلفه الذي ربطته به صداقة دامت عشرات السنين، كما يؤيد هذه الفرضية ما راج من أن جتماعا حصل بين الرئيس السابق ولد عبد العزيز و ولد إزيد بيه قبيل اجتماع الأخير مع الرئيس ولد الشيخ الغزواني، فهل هي زيادة في التضييق على الرجل؟ أم هي بداية تفريج؟