ملاحظات سريعة عن لقاء إسلكو بالرئيس / محمد الأمين ولد الفاضل

لدي بعض الانشغالات في هذه الأيام تحد من التعليق على الأحداث الجارية، ولكن لقاء السفير والوزير السابق (إسلكو) برئيس الجمهورية، وما أثاره من نقاش واسع في مواقع التواصل الاجتماعي جعلني أفكر في نشر تعليق سريع حول هذا اللقاء.

(1) لا أملك من المعلومات حول هذا اللقاء إلا ما نُشر عنه في المواقع، ولم أبحث أصلا عن معلومات لأني لا أرى لها أي أهمية في تغيير وجهة نظري حول اللقاء..أقول هذا الكلام لأن لدي بعض الاستنتاجات التحليلية التي أرى بأنها تقترب من المعلومات، وسأعتبرها معلومات، إلى أن أتوصل إلى ما يفندها.

(2) أول استنتاج تحليلي يمكن أن أقدمه في هذا المجال هو أن فرضية تسوية هذا الملف في مثل هذا الوقت تبقى شبه مستحيلة. لا أظن أن تسوية الملف في مثل هذا الوقت ممكنة، بل إني أعتقد أنه أصبح خارج دائرة التسويات. لتتذكروا جيدا بأن أهم شعار يرفعه النظام القائم هو الفصل بين السلطات، فكيف للرئيس أن يتدخل في ملف بهذا الحجم وهو في طريقه إلى القضاء؟

(3) حتى ولو افترضنا جدلا بأن هناك تسوية تطبخ على نار هادئة، فمن المؤكد بأن السفير و الوزير السابق الذي اتخذ موقفا حادا لن يكون هو رجل تلك التسوية. هل تعتقدون بأن الرئيس غزواني إذا فكر في تسوية ما لهذا الملف سيلجأ إلى الشخص الذي كان أكثر حدة، والأشد تخندقا مع"الخصم"؟

(4) هناك ملاحظة ذكية تقدم بها الصحفي سيدي محمد بلعمش، وذلك عندما تساءل عن سر غياب إسلكو عن التدوين، وهو الذي كان ينشر بشكل شبه يومي..هذا الغياب قد يساعد تحليليا في فهم خلفيات اللقاء.

(5) الظاهر تحليليا أن الرئيس غزواني منذ فتحه لهذا الملف قد اعتمد على إستراتيجية واضحة قائمة على أنه لا يريد أن يخسر أي أحد من رجال النظام السابق، من قبل أن تحين اللحظة المناسبة لذلك. هناك تدرج في التعامل مع هذا الملف، ربما خوفا من أن يشعر جميع المشمولين بأن مصيرهم واحد، فيشكلوا بذلك جبهة متماسكة قادرة على إرباك المشهد. لقد عمل الرئيس غزواني على عزل الرئيس السابق عن أركان نظامه، ونجح بشكل كبير في ذلك، وربما يكون اللقاء بالوزير إسلكو يدخل في إطار هذه الاستراتيجية...يبقى أن أقول بأن هذه الإستراتيجية كانت مهمة جدا في الفترة الماضية، ولكني أعتقد بأن صلاحيتها أو استخدامها سينتهي في الفترة القادمة، وبعد أن يكون الملف قد وصل إلى القضاء.

(6) التسوية المحتملة حسب وجهة نظري ستكون بعد وصول الملف إلى القضاء، وربما بعد صدور الأحكام، وأظنها ستكون تحت عنوان : النجاة من السجن مقابل إعادة الأموال المنهوبة.

(7) كملاحظة أخيرة، وهذه ترتبط بالجانب السلوكي للرئيسين السابق والحالي، وهي تبعد بدورها أي فرضية للتسوية..الرئيس غزواني معروف بعدم التسرع والتأني من قبل اتخاذ القرارات، وهو لا يتخذ قرارا من قبل دراسته بشكل جيد، وهذا النوع من الرجال عندما يتخذ قرارا يصعب عليه أن يتراجع عنه..عندما قرر الرئيس غزواني أن يفتح هذا الملف أصبح من المستبعد جدا جدا جدا أن يغلقه من قبل الوصول إلى النهاية. في المقابل فإن الرئيس السابق محمد عبد العزيز يعرف بالسرعة في اتخاذ القرارات وبروح المخاطرة، فهو إما أن يربح كل شيء أو يخسر كل شيء ..أيضا هذا النوع من الرجال لا يميل إلى المساومة ولا إلى التسويات، وهو لا يتوقف في منتصف الطريق، لا يتوقف إلا بعد أن يربح كل شيء أو يخسر كل شيء ..كثيرون يستغربون من الرئيس السابق سيره في طريق سيجعله في النهاية يخسر كل شيء، ولكن ما فات أولئك بأن الرئيس السابق قد خاطر عدة مرات وحقق بذلك مكاسب كبيرة، الشيء الذي جعله يدمن على المخاطرة، ويخاطر هذه المرة من موقف ضعف، وفي ظرفية غير مناسبة للمخاطرة ، الشيء الذي قد يجلب له خسائر كبيرة بل وكبيرة جدا.

حفظ الله موريتانيا..

 

 

21. أكتوبر 2020 - 20:05

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا