كان بودي - لولا وجودي خارج العاصمة نواكشوط آنذاك- أن أشارك في الندوة المنظمة من طرف حزبنا حزب الاتحاد من أجل الجمهورية بفندق مونوتل - دار البركة السبت الماضي 17/10/2020 تحت عنوان: تعزيز الوحدة الوطنية والقضاء على كافة أشكال مخلفات الرق.
ونظرا لأهمية هذا الموضوع الذي اختار حزبنا نقاشه الآن في هذه المرحلة التاريخية من مسار بلدنا السياسي، لمواكبة التوجه الجديد نحو إصلاحات اجتماعية، اقتصادية، وسياسية شاملة بمشاركة كل الطيف السياسي/الحقوقي الوطني، فإنني سأحاول تدارك المشاركة في الورشة بهذا التعليق، وقبل ذلك أقدم لكم قصة قصيرة ذات معنى عميق:
"نشر الكاتب البرازيلي الشهير باولو كويلو قصة قصيرة يقول فيها: كان الأب يحاول أن يقرأ الجريدة، ولكن ابنه الصغير لم يكفّ عن مضايقته، وحين تعب الأب من ابنه قام بقطع ورقة في الصحيفة كانت تحتوي على خريطة العالم، ومزقها إلى قطع صغيرة، وقدمها لابنه، وطلب منه إعادة تجميع الخريطة، ثم عاد لقراءة صحيفته ظاناً منه أن الطفل سيبقى مشغولاً بقية اليوم، إلا إنه لم تمر خمس عشرة دقيقة حتى عاد الابن إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة، فتساءل الأب مذهولاً: هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا؟! رد الطفل قائلاً: لا؛ لكن كانت هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة، وعندما أعدت بناء الإنسان، أعدت بناء العالم.
كانت عبارة عفوية، ولكنها كانت جميلة وذات معنى عميق. عندما أعدت بناء الإنسان أعدت بناء العالم"
من هذه القصة يمكننا التوصل للحل النهائي لبعض المشاكل المرتبطة بممارسات بائدة كالعبودية والنظرة الدونية على أساس اللون والجنس وحتى المكانة الإجتماعية، فبالعمل المكثف على بناء الإنسان المتصالح مع ذاته والمؤمن بحقوق غيره سنتجاوز بشكل نهائي الحديث عن هذه العقبات المتعلقة أساسا بذهنيات ومسلكيات بائدة لم تعد تناسب التطور الحاصل في الحضارة الإنسانية اليوم، وهذا الحل هو الذي اعتمدت عليه الدولة الألمانية لخلق الشخصية الألمانية المتصالحة مع ذاتها من أجل تجاوز مخلفات النازية.
إن الحديث اليوم بشكل جدي وصريح عن تعزيز وحدتنا الوطنية والقضاء على كافة أشكال مخلفات الرق في ورشة عامة منظمة بمبادرة من طرف حزب الاتحاد من أجل الجمهورية باعتباره الحاضنة السياسية لبرنامج فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني ليُشكّل فرصة تاريخية للحالمين برعاية رسمية لخطواتٍ عملية من أجل الوحدة الوطنية والانسجام المجتمعي.
لذا فالآمال كبيرة بأن تكون هذه الخطوة بداية لإنهاء ملف المتاجرة الدولية بهذه القضية الوطنية العادلة التي تستحق منا جميعا دعمها ، وذلك بالمساهمة في القضاء على كافة أشكال مخلفات الرق لتعزيز وحدتنا الوطنية المهددة منذ مدة بفعل تصاعد خطابات متطرفة ومحرضة على أمننا القومي، بالإضافة لمحاربة قيم التضامن الاجتماعي بتحويل الممارسة السياسية الرسمية إلى عملية مقايضة تجارية آنية تنتهي تنسيقاتها وارتباطاتها السياسية مع انتهاء آخر يوم من المواسم الانتخابية.
وفي الختام يبقى التعليم العمومي هو اللبنة الأساسية لبناء جيل وطني منسجم اجتماعيا وقادر على تجاوز مخلفات الرق والتهميش.