لم يعد متاحا احتكار الممارسة السياسية فالعلاقات الثنائية وتعدد الحلفاء واستمرار تأسيس التجمعات الإقليمية والدولية وغيرها من العوامل حدت من خصوصية الممارسة السياسية وألغت الكثير من احتكار الخصوصية وحرية اتخاذ القرار لترابط المصالح وللاعتماد المتزايد على ما يقدمه الحلفاء في كافة ، المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية الطاغية في الألفية الجديدة فلقد تأكد ان المعركة الحقيقية ليست معركة تنمية فقط وانما ايضا معركة وجود في ظل سياسة الاختزال والتجزئة للوطن الواحد كمقدمة لردم اجزائه الضعيفة و لشل فاعلية الاجزاء المتبقية من خلال الصراع من اجل البقاء على قيد الحياة الذي هو آخر الحلقات في اثبات الوجود المؤثر والمتأثر بمحيطه الضيق والواسع .
والاحداث الاخيرة وما اتسمت به من زخم وتصاعد ادوار الفرد على حساب الدولة الوطنية واعادة تشكيل الصورة بكل تناقضاتها و بكل ماضيها الجيد والعفن وتباين اسس مرتكزاتها لفت انتباه الفرق داخليا ودق ناقوس الخوف من الإقصاء و مصادرة الجهد وطمر النضال من خلال تنفيذ مشروع الاغلبية الفائزة في اللعبة الديمقراطية منذ تمكنت من ضبط شروط ممارستها وتحكمت في خيوطها الناظمة ومن خلالها تحكمت في ضمان حصاد ثقة اغلب المشاركين ؛ اما انتباه الحلفاء الاكثر حضورا في دعم مشاريعنا والاكثر وقوفا الى جانب الوطن وانظمته منذ النشأة الاولى فقد أثاره حضور الخصوم في مشهد الجمهورية ، وقوة تعمد تأكيد الحضور، مما عزز المخاوف من فقدان حليف تقليدي ظل يؤدي دوره بتميز وثقة عالية واكد في اكثر من مناسبة على جرأته في تعزيز وتدعيم الثقة المتبادلة المطلوبة وهو ما دعى الحلفاء الى تدارك محاولة اختراق صفوف النظام من داخل المؤسسة الاجتماعية بعد ان ظلت انظمة البلد تبعد الخطر من خلال السيطرة السياسية على المشهد وفرض الواقع على الحلفاء في الداخل والخارج من خلال تخليد الانطباع بقدرة النظام على كسب رهان التحديات الامنية وجدية العمل لمواجهة تحديات التنمية وتوفير العيش الكريم وجدية تلك المواجهة
اننا نعيش مواجهة صامتة شرسة تخوضها نخبة البلد الرافضة للإختراق الماكر الذي حدث ويحدث داخل صفوف الاغلبية وتخلي المعارضة الوطنية عن دورها المركزي والضروري في اللعبة الديمقراطية مقابل كسب اكراميات واخذ استراحة تطلبها الجهاز العصبي المنهك لتلك المعارضة وانتهاز سفراء الخصوم فرصة التيه والاحباط واختلاط الفريق وعدم انسجام عناصره وتمكنهم ايضا من خلق ثقب مريح في الحظيرة ونفاذهم السهل داخلها بل والاكثر من ذالك تجنيد كل قاصية لتمرير فرض حضور ومكانة مزيفة في تاريخ البذل والنضال والمشاركة الايجابية في تضميد جراح تكالب نخبة الوطن عليه يوم ولد ويوم اصيب حينما اتهم قائده الذي احدث ثورة مرئية وسموعة وشاهدة على نفسها وكأن النخبة المتسللة لمركز صناعة القرار وصياغته تريد ان تحاسب كل مصلح اتاحت له الاقدار فرصة خدمة وطنه من خارجها في تجسيد مخل لمحاولة تكريس تقديم أي خدمة للوطن من خارج هيكل يزداد فظاعة كلما تمسك بأنانيته و برغبته في حيازة كل فعل يضيف لبنة او صرحا لهذ الوطن المليء بالنواقص والمحتاج دوما الى انجازات مادية ومعنوية تتجاوز الكلام وتحض على الفعل وتقلل من قيمة تنميق الوعود والعهود