ما إن أطلق السيد الرئيس محمد بن الغزواني وعده بإصلاح التعليم في حملته الانتخابية لرئاسيات 2019 حتى دب الفرح في قلوب الموريتانيين واستبشروا خيرا،وهم الذين عانوا كثير من رداءة المنظومة التعليمية الحالية وخابت آمالهم في كل حملات الإصلاح ووعوده التي رفعت الأنظمة السابقة شعاراتها والتي انعكست سلبا على قطاعات التعليم، فانتشر الإهمال وضعف المستويات بين التلاميذ وقلت نسب النجاح في السنوات النهائية وتهالكت البنية التربوية وغصت الفصول بالتلاميذ وهزلت المقررات المدرسية،وضعف أداء أطر التعليم وساءت أوضاعهم الاجتماعية والمالية،وانتهك الحرم المدرسي من طرف المجرمين ومروجي المخدرات، وساد الفساد في الوزارات الوصية على التعليم وكذا الإدارات العاملة في الميدان..
تبادل وزراء وأمناء عامون على تلك الوزارات واتخذ كل منهم بطانة وزبناء سرحوا ومرحوا ونهبوا كما يحلوا لهم..
وبعد إعلان السيد الرئيس محمد الغزواني وعده بإصلاح التعليم وإعلانه أن للوعد عنده قيمة عاد الأمل من جديد وترقب الناس بفارغ الصبر خطوات الإصلاح المنشود..
وحين تسلم سيادته لمهامه رئيسا للجمهورية أكد مضيه قدما في تنفيذ وعده فارتفع مؤشر الأمل أكثر،وبدأت السنة الدراسية2019'2020 وترقب الجميع تنفيذ الوعد،وبدأ حراك في وزارات التعليم لم يلب تطلع المتعطشين للإصلاح،وإن ظل الأمل يخامرهم من حين إلى حين.
لم تشهد الوزارات الوصية تغييرا جذريا في أطرها باستثناء فصل بعضها وتعيين الوزراء والأمناء العامين..أما الإدارات وأساطين الفساد فلم يشملهم تغيير حتى اللحظة..
بدأ الامل يتلاشى وإن أرجع بعض المراقبين ذلك إلى ضرورة التأني ودراسة الإصلاح المنشود ومقتضياته ووضع خططه واستيراتيجياته..
لكن انتشار جائحة كورونا سرح الطلاب من المدارس وأسكت الحديث عن إصلاح التعليم ولو لبعض الوقت،فلا حديث يعلو فوق حديث كورونا،الذي نرجوا من الله أن يرفع عنا بلاءه.
غير أن الحديث عن التعليم وتحقيق الوعد بإصلاحه عاد لصدارة الأحداث مجددا بعد استئناف الدراسة وظهور نتائج السنة المنصرمة،والتي أظهرت تحديات كبيرة يلزم علاجها قبل افتتاح العام الدراسي الجديد.
ولأن إصلاح التعليم مطلب ملح تعقد الدولة العزم على تحقيقه فإن أخذ خصوصية دين المجتمع وهويته وتحديد الأهداف التربوية المنشودة في الأفق القريب والمتوسط والبعيد أمر لا مناص منه لمن يريد نهضة تربوية حقيقية، وهو ما يستدعي فتح أيام تشاورية حول التعليم يشارك فيها قادة الرأي والفكر والعلماء والنخب والأطر الميدانيون للتعليم..
غير أن ذلك لن تكون له جدوائية ما لم تنق إدارات التعليم من المفسدين وعديمي الكفاءات الذين دخلوها على حين غفلة من المصلحين وعاثوا فيها فسادا ونهبا وحطموا كل القيم النبيلة وضربوا عرض الحائط بمقدسات الأمة وهوية البلد الحضارية..
وعليه فإني ومن بهذا السطور المتواضعة أوجه طلبا إلى رئيسنا صاحب الأناة والحلم أدعوه فيه لأخذ الحيطة وتطهير حقل التعليم من ألغام الفساد المتردمة فيه قبل أي إصلاحه حتى لا تنسف ما سيشد من بناء قبل اكتماله.