تفاعل المسلمين مع الأحداث الدولية الكبرى / سيدي محمد سيدابراهيم

لم يتأخر الإسلام كثيرا في التعليق على الأحداث السياسة الكبرى في وقت مبكر من نزول الوحي على محمد رسول الله عليه السلام.. فتحدثت فواتح سورة الروم عن هزيمة الروم واستشرفت صادقة نصرهم الموعود في بضع سنين..

الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لايخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لايعلمون ..

لقد بقيت هذه الآيات مثبتة التلاوة ولم تنسخ تلاوتها مبينة عالمية رسالة الإسلام وموقفها من الأحداث السياسية الكبرى , وأن هذا الدين سياسي يعيش زمنه , ويتأثر أهله ولو بالعاطفة كالفرح حينما ينتصر أقرب الناس إليهم من الأمم غير المسلمة..كالروم في وجه الفرس , وأمريكا في وجه الاتحاد السوفيتي والصين وكوريا الشمالية , بما يعني أن وجود مساحة مشتركة من المعتقدات والقيم تجعل المسلم يفرح بانتصار صاحبها على الرغم من مجالات خلاف أخرى صارخة , وهذا من إنصاف الإسلام وصلاحيته..

أحسست بضرورة الحديث عن هذه الحقيقة بعد متابعة السباق الرئاسي الأمريكي بين ترامب وبايدن , ودرجة الاهتمام الذي لقيه ذلك السباق المحموم الذي ملأ الدنيا وشغل الناس , فمن متمن لفوز ترامب الذي ملأ الأرض ظلما وجورا في حق الفلسطينيين بسلبهم حقهم القانوني في استعادة أرضهم , إلى تقييد دخول أمريكا على المسلمين , إلى ابتزاز الشعي السوداني بديات مغلظة لأنفس لم يشارك في إزهاقها , إلى تشجيع دكتاتورييه المفضلين على التنكيل بالعرب والمسلمين..والقائمة تطول..

وآخرون يتمنون خسارته لما يرجونه من سلوك أقوم لمنافسه بايدن , مع تخوفهم من مستقبله , فقد تمنوا فوز ماكرون على لوبين , ففاجأهم في هذه الأيام بأن لوبين تحدثت عن ضميره قبل الأوان فقط..وهاهم يحاربونه بمقاطعة منتجات بلده ..

نعم إن هذا الدين سياسي من أيامه الأولى يبحث عن المصلحة والسلام والخير والقيم المشتركة , وليس كالأديان المحرفة ولا الطرق الأرضية اللقيطة المنزوية عن الحياة , بل هو دين حي يتفاعل مع الأحداث إيجابا وسلبا , اليوم سيفرح المظلومون الذين هم كالغرقى بفرج بعد انتصار بايدن , سيرجو أهل الخليج انفراجا لحصار قطر فيحج القطريون ويعتمرون ويزورون لايخافون , سيرجو الفلسطينيون كبحا ولو بسيطا للتمادي في ظلمهم , سيرجو الطلاب والعمال العرب والمسلمون دخول أمريكا للدراسة والعمل , وهذا ما يعنينا ..ونسأل الله أن يؤيد الإسلام بأمريكا كما أيده بعمر الفاروق.

8. نوفمبر 2020 - 15:09

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا