قديما قيل ان اي ثورة صناعية مهما كانت نتائجها لاتتكلل بالنجاح مالم تسبقها ثورة خضراء تأمن الإكتفاء الذاتى و تححق الإستقرارا الغذائي وتحمى المدخرات النقدية من الإنفاق ، لأنه وبكل بساطة مهما حققت الشعوب من تقدم تكنولوجى وكتشفت من ثروات سيظل فائض أرباحها من تجارة و صناعة ومعادن ونقل موجها قصرا لما وراء البحار لستراد الغذاء و لا سبيل لتحديد اسعار تلك المواد الغذائية لأن البلد المنتج هو من يحدد ويبرمج السعر المناسب ، كما اننا ندرك جميعا ان العلاقة بين المنتج و المستهلك بين العامل وربي العمل عبر الزمن ليست ودية دائما بل انها تظل خاضعة للظروف العامة ( la condition gènèrales ) .... الصحية و الأمنية و السياسية كما تخضع فى أحيين اخرى للميزاج الفردي و هو ما لايخدم فى جميع الأحوال بلادنا التى تبين كل ازمة مدى هشاشة قطاعها الإقتصادى وزيف كل البرامج والخطط المعلنة لستصلاح الأراضي زراعية التى لاتحتاج أكثر من إرادة فلاذية و موارد مالية مخصصة لهذا الغرض، بعيدا عن التهويل الإعلامى البعيد من ارض الواقع و الحياة اليومية للمواطن .
لازلنا نتذكر بألم قبل سنتين من الآن تصريحات لوزيرة الزراعة السابقة لمينة بنت امم عن تأمين البلاد قرابة 90% من حاجياتها من الأررز ثم ألقت تصريحا آخر بعد مدة أكدت فيه أن موريتانيا باتت تصدر الفواكه للمملكة التحدة (ابريطانيا ) وهو مايعنى بالمفهوم الإقتصادى تغطية الإنتاج حاجية السوق المحلية بالكامل من ، وبعد سنتين ذهبت الوزيرة و نظامها السياسي فينكشف الغبار و يظهر ان كل أرقام الإنتاج و الإستصلاح الترابي التى قدمت حينها كانت منفوخة و مفتعله وبعيدة كل البعد من الواقع الإقتصادى بل إنها اعدت خصيصا لتلميع وجه النظام .
و يتواصل نفس النهج فى منتصف العام الزراعي 2019 حيث اعلنت نفس الوزارة مع تغيير فقط فى اسماء من يحملون تلك الحقيبة انه تم استصلاح ما يناهز 2500 هكتار فى سيلباب اعدت خصيصا لزراعة الخوضروات و تأمين حاجة البلاد من هذه المادة ، ليتم تعرية هذا التدشين مع ظهور جائحة كوفيد19، و أزمة الگرگرات ، وتفاديا لتكرار هذ النوع من الخطط الوهمية التى لا تنطلى على احد و التى تكشف الأزمات الغذائية المتلاحقة ترهلها و على ضوء ذالك نقدم بعض الإقتراحات التى ستغنى اذا ما اتبعت عن الإعتماد على الدول المجاورة ، و تحقق قفزة نوعية فى الإنتاج و العقلية الجمعوية و ذالك على النحو التالى :
1) انشاء مجلس رقاربي محلف مكون من خبراء وطنيين تابع لوزارة الزراعة مهمته الرقابة الصارمة على جودة المنتوج و ضبط الأسعار بالتعاون المشترك مع و زارة التجارة على ان يقدم المجلس تقريرا مفصل كل ستة اشهر للرأي العام يقيم الوضعية الزراعية العامة و يعرض الفرص الإستثمارية المتاحة .
2) اتباع النهج الإقتصادى الأمريكى لتايلور (taylor) الذى يوزع و ينظم العمل و يركزالسرعة هو ما يجعل البرامج تجسد بسرعة على ارضوية لتنتقل مباشرة من التنظير الى التطبيق ، ويفرض هذا المنهج على الشركات و المؤسسات العاملة فى هذا الميدان سواء كانت اجنبية او وطنية تقديم المنتوج الى الأسواق فى مدة محددة مسبقا فى دفتر الإلتزام .
3) رفع الضرائب تماما عن القطاع الزراعى وكل منتجاته مع تحمل الدولة لتكلفة نقل من ميدان الإنتاج الى الولايات على الأقل دون سواها و هو يتطلب بعث الحياة فى الشركة الوطنية لشراء و تسويق المنتوج (سونمكس)S .
4) التكوين و التأطير المستمر للمزارعين و فتح خطوط مجانية للتدخل السريع عند الضورة فى حالة انتشار مفاجأ للآفات الزراعية محافظة على موسم الحصاد .
5) إلزام كل مؤسسة اختارت ولوج الميدان الزراعي الإستثمار فى نمط واحد من الحبوب (الأرز . او .. القمح .. او الذرة .. او .. الفصوليا ..او الفستق ....الخ. ، و يحفز هذا النهج كل مؤسسة على بذل كامل طاقتها كما يضمن لها عدم المنافسة فى السوق و هو ما يؤكد لها حتمية البيع و التسويق بشكل مريح ...
على أن يتبع نفس النهج فى الخضراوات حيث تدخل مؤسسة واحدة تختص بتوفير و زراعة نوع واحد من الخضروات يحمل علامتها التجارية ... ويفتح الباب للمؤسسات الأخرى حسب الرغبة على ان تتكفل الدولة لكل مؤسسة الحماية التامة من المنافسة فى السوق و هو ما يسيل لعاب التجار .
6) إلزام رجال الأعمال و شركات الإتصال و المؤسات النقدية (البنوك) وشركات المعادن و الشركات العاملة فى القطاع البحرى وشركة المياه (S.N.D.E) و شركة الكهرباء (SOMELEC) تقديم مساهمة سنوية عند انطالاق كل موسم زراعى تتمشي مع أرباح تلك المؤسسات و يفتح لهذه المساهمات الإجبارية حساب خاص تابع لوزارة الزراعة و يعلن عن بدأ تسديد تلك الإلتزامات فى الجريدة الرسمية ووكالات الأنباء . ويستثنى منها فقط المؤسسات العاملة فى الميدان الزراعى .
7) استخدام الأسمدة االزراعية على نطاق واسع لتهييئة التربة و تقليص فترة نمو بعض الخضروات خاصة العناصر الثلاثة الرئيسية فى الغذاء المحلي اليومى حيث تتطلب الطماطم 3 أشهر و البصل 4 اشهر و البطاطس 3 اشهر أيضا و هي مدة يمكن تقليصها بالإعتماد على آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الزراعية .
ماعدى ذالك سيستمر مسلسل ضياع الروافد المائية المغذية لسهل الغربي و تظل معها البطون فارغة و الموائد بيضاء و مع ذالك كله تستمر التبعية للمغرب و اسبانيا و الجزائر و السينغال وغيرها من الدول الأخرى .