اللغة في أية ثقافه او مجتمع هي تجسيد للهوية الوطنية وركيزة هامة في الحفاظ على الإرث الحضاري لأي شعب… لهذا نرى ان كل الدول التي تحترم إرثها الحضاري وتصونه تعين هيئات علميه واستشارية للمحافظة على اللغة الأصلية وتطويرها وتجديدها تماشياً مع التطور الصناعي والمعلوماتي والثقافي بمحيطها…
اللغه هي عنوان الوجود والهويه، باعتبارها المستودع الأمين الذي تختزن به مقومات الانتماء، وذاكرة المستقبل
لا تكتمل الهويه الثقافية ولا تبرز خصوصيتها الحضارية إلا إذا تجسدت مرجعيتها في كيان شخص تتطابق فيه اربعة عناصر: الوطن، والأمة، والدولة.واللغه
ان الهوية من الموضوعات التي تقتضي مناقشتها في ظلّ التطورات المتلاحقة والمتسارعة التي نعيشها اليوم، والزحف الثقافي الذي يكتسح مجتمعنا دون هوادة.
والهوية من المقولات والنظريات التي اجتهد الفلاسفة والمفكرون والأدباء والدارسون في وضع حدّ لها وترسيم لمكوناتها, فبعضهم حصرها في اللغة والدين والوعي الحضاري، وبعض آخر توسع في مجال إدراكها لتشمل: التاريخ، والتراث، والعادات والتقاليد، والحيِّزَيْن: الجغرافي، والاجتماعي، بما فيها من مكوّنات الفعل الأنثروبولوجي والسيكولوجي والفيلولوجي المعرفي المحدّد لحقول الأنساب.
وانطلاقا من تلك الأهمية القصوى في طرح هذا الموضوع بمختلف تشكّلاته التي تعرّف الأنا الموريتاني، وتكسبها مقوماتها التي تميّزها عن غيرها من الذوات الأخرى، ونظرا لحاجة مجتمعنا الموريتاني اليوم، في ظلّ التجاذبات وفرض الهيمنة والتبعية الفكرية والعقدية والإيديولوجيات الهدّامة، ومحاولات مسخ الخصوصيات والقضاء عليها، وتدمير الذاكرة الجماعية للأمة من خلال إحداث نزيف حاد يستهدف تخلينا عن تاريخنا، وهويتنا، وتراثنا، وإنجازاتنا وبطولاتنا، ومن كل صنيع يشهد النا به التاريخ ، حتى نكون كالشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، وهو مافرضته ورسخته مؤسساتنا التي من المفروض ان تحمل معنى هويتناا، ورمز لساننا، وديوان تاريخنا وتراثنا فمؤسساتنا التعليميه والحكوميه والعسكرية ......تعمل علي طمس هويتنا وتاريخنا والتركيز علي الهويه الفرنسيه وتقديس اللغه الفرنسبه وتدريس التاريخ الفرنسي والغربي بدل تربية الأجيال علي تاريخهم وتراثهم ولغتهم
علينا الاعتراف بأن هويتنا مهدده داخليا وخارجيا،مما يتطلب منا بناء جيل جديد بعيد عن التجاذبات الايديولوجيه ليصيح قادرا علي الدفاع عن هويتنا ولغتنا قادر على النهوض بمجتمعنا ووطننا وأمّتنا, ونعتقد أن هذا الأمر يكون ممكن التحقيق إذا ما تمكنا من وضع آليات لائقة بالواقع وملائمة للنظام الاجتماعي المعاصر، وقادرة على تملك التفكير الجماعي للأمة, حينها، يمكن لعلماءنا ومفكرينا أن يقوموا بالإصلاح الفاعل والناجع الذي يصون هويتنا, ويحفظ تراثنا, ويثري تاريخنا بالإنجازات, ويقوي الوعي الحضاري لدى أبنائنا, مما يعزز دورنا في صناعة الثقافة الإنسانية.
وإننا نؤمنُ إيمانا جازما أن ذلك لا يكون إلا بالاستثمار الجيد والمدروس لتراثنا، والأداء الفاعل والمؤثر لثقافتنا, وقد علَّمنا التاريخ أن التاريخ يبدأ من عندك اي بتاريخك من أراد البقاء عليه ان يتجدد ويتطور انطلاقا من تارخه.
الشعوب، وليست فقط الاستعمارية، تصرف أموالاً طائلة لنشر لغتها وثقافتها بين الشعوب والمجتمعات الأخرى وتفتح لها مراكز ثقافيه تعلم الغتها وحضارتها في كل أقطار المعمورة. هذه الخطوة تستعملها الدول الغربية كألمانيا وفرنسا وإنجلترا وإسبانيا وغيرها كوسيلة لنشر ثقافتها… وهي بشكل ما، استعمار ثقافي ، رغم مردوده الإيجابي لها، والنتيجة التي تعود بعلماء وخبراء ينتقلون للعيش عندها وتجاره رابحه لمنتوجاتها الصناعية.
هذه الاستراتيجية راسخة في السياسات الخارجية لهذه الدول لهذا نرى ان المراكز الثقافية الغربية وتمويلها يقعان ضمن صلاحيات وزارات الخارجية لهذه الدول.
الامر يختلف تماماً عندما تكون اللغة احد أدوات الاستعمار ووسيلة ناجحة لهدم الهوية الوطنية للسكان الأصليين ليصبحوا تابعون بكل معنى الكلمة … هذا ما حصل في معظم الدول أفريقيا وأمريكا اللاتينية .
تاثير الاستعمار الغاشم نلاحظه بوضوح كون هذه الشعوب نست بشكل سافر لغتها الأم وأصبحت تنطق غالبةً بلغة المستعمر فقط واعتمدتها كلغة رسمية لدولتها الوطنية ولغة رسمية للتعليم الاساسي و العالي، حتى بعد اندحار الاحتلال الاستعماري وانتزاع الحرية والاستقلال…
نحن اجبرنا بشكل او باخر ان نعتمد لغة المستعمر ونخبها السياسية، حتى بعد دحر الاستعمار، لم نقم باقتناص الفرصة للتخلص من العبء الاستعماري الهدام للهوية الوطنية لشعبنا … هذا الواقع عمق أزمة الهوية في مجتمعنا.
عندما يستيقظ الموريتاني عادة من نومه، وينظر كل صباح في المرآة فإنه لا يسأل نفسه بالضرورة إن كان عربيا ام زنجيا ولماذا يقرأ اللغه الفرنسيه ولا تربطه بها اي صله من قريب أو بعيد أم كان خليطا بين هذا وذاك؟ ولا يسألها ايضا أن كان مسلما أم لا؟ فالامور بالنسبة له محسومة ولا يليق أن يعاد الجدل حولها أو يفتح البحث فيها من جديد.
ولكن مع كل ما يحصل ويستجد من حوله، وداخل بلده من أحداث وتطورات، قد لا يصب معظمها في صالحه وصالح هويته تلك، كيف سيكون حال الأجيال التي ستأتي من بعده؟ وهل ستجد في المستقبل شيئا يميز الشعب الموريتاني يسمي الهويه الموريتانيه؟ ربما سيقول كثيرون هنا أليس الاولى بذلك الموريتاني أن يدرك بداية مدلولات هويته، ويقتنع بوجودها قبل أن يحمل هم التفكير في بقائها أو زوالها بعد عمر طويل؟ ولا ريب في أن الخمول الفكري والتسليم الأعمى بأنها محفوظة إلى يوم الدين، وأنها لن تحتاج من أحد أن يفكر فيها أو يحميها من مخاطر التآكل والاضمحلال، هي العقبة الأكبر التي تحول دونه ودون ذلك، وتجعل من تأبيد ما يشوبها الان من تشوش، وربما حتى تجاهل وتنكر من قبل طيف واسع من أبنائنا أمرا مستمرا وربما مستساغا لا يثير الحفيظة والقلق والحيره
لاشك أن المعضلة الأساسية التي تواجه الهوية في موريتانيا ا ليست تكالب أعدائها الخارجيين عليها، بل غمط وتجاهل أبنائها وتنكرهم لها، وفي تعاملهم معها، لا كعنصر أصيل من شخصيتهم بل إرث ثقيل لا يشعرون فعلا بالاعتزاز به ولا يقدرونه حق قدره. وقد يكون المدخل الجانبي لذلك، ما يعرف بالتعدد اللغوي لدينا مما فرض عليهم تشبث بهوية المستعمر وثقافته
وفي الاخير علينا احترام دستورنا وجميع مواده والعمل بمقتضاها فعلمنا يمثل هويتنا تتوسطه نجمه خماسيه ترمز باركان الإسلام الخمسه والهلال يرمز بالسنه الهجريه الاسلاميه والأخضر يرمز للسلام ......