لا خلاف في أن تطور الأمم وازدهارها منوط بمستوى تعليمها وإبداع نوابغهاوتفرد عباقرتها..وقد حث الإسلام على الإمعان في تعاطي العلم والأخذ بأسباب المعرفة وامتلاك الخبرات فامتدح العلماء ورفع قدرهم،قال تعالى:"إنما يخشى الله من عباده العلماء"وقال"هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"وقال رسوله المصطفى(ص)"فضل العالم على الجاهل كفضلي على أدناكم"..وقد سئل أحد القادة العظماء كيف ارتقيت ببلدك؟فقال:بالعلم ثم العلم ثم العلم ثم العلم.
ولأن بلدنا عرف عبر العصور بنبوغ علمائه وتفرد عباقرته وتميزهم عن نظرائهم إذ كان لهم شأو عظيم في المغرب والمشرق ونالوا حفاوة السادة والزعماء والعلماء أنى حلوا وأنى ارتحلوا،فيسرني أن أتناول موضوع التعليم؛ واقعه وآفاقه،متسائلا عن ما إذا كانت المنظومة التعليمية عندنا على ما يرام؟وهل لا يزال وهج العلم والمعرفة ساطعا في بلاد المنارة والرباط كما كان ذات زمان؟وكيف آلت برامج إصلاح التعليم المتتالية؟ولماذا يتراجع مؤشر العلم والمعرفة عندنا ونحن في عصر يرفع أهله راية العلم خفاقة ويجنون ثماره يانعة؟ألا يعاني التعليم عندنا من خلل بين ظهرت نتائجه في مستويات النجاح والنبوغ المتواضعة؟ألا يسود الغش وتسريب الامتحانات وتناقص المثابرة عندنا؟ ألا تعاني البنى المدرسية والمناهج التربوية من هشاشة وضعف بينين؟ألم تتراجع المكانة السامية للمعلم بتراجع حظوظه المادية؟ألم ينسحب الكثير من الأساتذة المتميزين من ميدان التعليم بحثا عن مرفق أكثر مردودية اجتماعية ومادية؟ألا يحتاج الكثير من طواقم التعليم إلى تعليم؟ألم تصبح المدارس أوكارا للمجرمين يسرحون ويمرحون ويروعون ويهددون ويغتصبون ويقتلون..
لكن بالمقابل ألم يعلن رئيس الجمهورية عزمه على إصلاح التعليم؟ألم يستبشر المواطنون وأطر التعليم والتلاميذ بذلك؟ وإذا كانت عملية الإصلاح ستبدأ فأين الخطة التي ستتبع لتجسيدها؟وهل ستعنى بأوضاع الطواقم المعنوية والمادية من أجل رد الاعتبار إليهم؟وهل سنرى مناهج تحترم هوية الوطن وقيمه؟وما دور المدارس الخصوصية في عملية الإصلاح المرتقب؟وما هي معايير المدرسة الجمهورية المنتظرة؟
أسئلة واستفسارات لاحد لها تدور بخلد الاساتذة والطلاب والكلاء،لكن الأجوبة عليها ما زالت معطلة،وما زال الإصلاح يذكر ولا يرى سبيل واضح يوصل إليه.