الوطن ليس كلام يقال في المنابر او حروف تكتب في دفاتر المدارس او مذكرات المكاتب اوشعارات ترفع صورها فالوطن حضنا دافئ لكل من عانقه ومد يده لكي تسنده في تحقيق اهدافه والحفاظ على مكتسباته ..بل الوطن تجسيد وترجمة في الواقع وعشق ابدي لاينتهي بهفوات عاطفية او هزات عارضة ..الوطن ليس فرقعة تنتهي بموقف او مواقف تختبرنا فيها الأيام ونهتز صاغرين اما المغريات المعاكسه او نسقط من اول اختبار.
الوطن هو الإنسان.. والإنسان هو الوطن ..احدهما لايستغني عن الأخر فمن سقط في الإختبارات التي تختبر وطنيته من مواقف او عثرات او إغراءات سواء من داخل الوطن اوخارجه بطريقه مباشره او غير مباشره فلا يستحق ان يدعي الوطنيه او تنسب له.. ببساطه لأن الوطن ليس مالا يكتسب اومنصبا يعتلى اومصلحه للتبادل اوبضاعة يساوم عليها.
كثير من المواطنين يخلطون بين مفهوم الوطن ومفوم الحكومة على اعتبار انهما وحدة مكونة لبعضها ، وكلنا يعلم ان الحكومة هي ادارة سياسية لادارة شؤون البلاد وفق القوانين والتشريعات والمعطيات والمتغيرات ، ورسم السياسات والاستراتيجيات المتعددة والمتنوعة للتنمية والاستثمار وغيرها ، وهي ذات فترة زمنية محدودة من عمر الوطن ، بينما الوطن هو التاريخ والجغرافيا والتراب الذي احتوى وضم عظام الاباء والاجداد اللذين خلفو الأبناء وهم الشعب،الوطن هو الفكر والعادات والتقاليد . لذلك اذا كان هناك اعتراضات على سياسة اي حكومة فمن حق المواطن محاسبة الحكومة بالطريقة المناسبة الديمقراطية للتعبير عن ذلك وفق اسس وضوابط وسلوكيات ، ولكن ليس من حق اي احد ان يعبر عن حقده على الوطن وكأن الوطن للحكومة وليس للشعب . فنجد كثيراً من المواطنين يعبر عن غضبه بالسب والشتم والتنقيص ، وكأنهم يريدون ان ينتقموا من الوطن بدل ان نقدسه في كل الاحوال والظروف والازمات والمتغيرات .فعلينا تمجيد الوطن ومدحه والإيمان به فالوطن الذي ننشده لا يكتمل الا بتكامل ادوارنا والتي من الواجب ان نؤديها ، فهناك مسؤوليات عديدة اتجاه مجتمعنا لتحقيق المنجزات والمكتسبات فلقد واجهنا كثيراً من الازمات والتحديات ورغم كل ذلك حققنا الكثير بتكاتفنا وبكل عقلانية ، فهناك فرق كبير بين التطوير والبناء المستمر وبين السعي للتدمير والسرقه والفساد ونهب المال العام .
للأسف ، إن حكوماتنا باتت وصمة عار علي الوطن و المواطن ، الذي امتلأ صدره حزنا ، وعينيه دموعا ، و دفتر يومياته ديونا ، أمام وزراء حكومة ضاقوا ذرعا بأصواتنا التي لم نطلب منها يوما صحن فارغ ولا كسرة خبز يابسة حتى ، كل ما هنالك أننا ننقل وجع الناس للحكومة التي تفكر بالنيابة عنهم ، وتقرر بالنيابة عنهم ، وترى الواقع بعيون تنوب عن عيونهم ، ثم تذهب لتسمع أنين الشارع من مذياع صوت الموسيقى .
المسؤول للأسف ، لا يفرق بين الصادق والمنافق ، ولا بين الناصح والناضح ، فالناصح يعطي النصيحة لله تعالى ، والناضح يمد يدّه في "خُرَج الحكومة " ليبحث عن النقود ، ليحمل أخبارا كاذبة ، ومعلومات مضللة ، عله يجد مكانا يشرب فيه فنجان سحت أمام المسؤول المبجّل ، ويملأ صدره بالوساوس ، ويدس في عقله الأوهام ، ويدق الأسافين بينه وبين الصادقين من الأصوات الوطنية التي تريد فعلا أن تتحمل جزءا من المسؤولية الوطنية بدعم الحكومة كي تفهم ما يدور حولها ، وكيف تعالج المشاكل و الأزمات التي باتت تمطر عليها بين سحابة وأخرى .
نحن ننقل أصوات الناس الذين يطلبون جزءا من حقهم على الحكومات ، وننير الرإي العام والحكومه ،ونؤشر على مواقع الخلل ومواطن الخروقات ، وننتقد اللا مبالاة التي باتت سمة عند كثير من المسئولين والمواطنين ، ونظن بأنفسنا خيرا ، ونحن نجتهد كي تبقى هذه المشاكل والأزمات دون معدل الانفجار على الأقل ، كما أننا نعلم أن الحكومات لا تمتلك عصِيّ سحرّية ، وليست بنك من لحلول الجاهزة لمشاكل محتملة ،
فعلا ليس هناك ما يدعونا إلى التفاؤل في ظل الأوضاع المتأزمه التي تشهدها البلاد حالياً، حيث تشير استطلاعات رأي إلى أن هناك أكثر من 80% لايتفاءلون خيراً بسبب هذه الأوضاع، مع أن ديننا الحنيف يحضنا على ذلك: "تفاءلوا بالخير تجدوه"، ولكن ما نراه ونسمعه ونقرؤه يصيبنا بالتشاؤم
من تخبط في سياسات الحكومه التي لا مردوديه لها علي الوطن والمواطن وتعيينات المفسدين وتبادلهم في الادوار والتوريث الوظيفي وسرقة المال العام........
يجب أن تعلم الحكومه أن الوطن ليس " محفظة " يضعونها في جيوبهم الخلفية ، بل إن الوطن لنا جميعا ، وسنكون على استعداد لنقف له وقفة الرجال ، إذا ما هرب عنه أي مسؤول جره للهاوية في نهاية رحلة التخبط والتجارب التي ينخرط فيها كل مسؤول جديد على المسؤولية ، ولا يرى سوى وجهة نظره هو ، دون الالتفات الى وجهات نظر الشارع ، والأغلبية الصامتة التي بات هديج أصواتها يعلو من مواقع التواصل والشوارع .
فالوطن والمواطن علاقة انتماء تنبع من القلب وعلى اساس الحق والواجب فحب الوطن فطرة في داخل الانسان ينبض به قلبه ويجري في دمه ، وكل من غادر وطنه سواء كان اختيارياً او مجبراً او لضرورة يبقى الشوق والحنين اليه ساكناً في نفسه ووجدانه ، فهو المكان الذي ولد فيه وتربى ونشأ فيه ففيه الذكريات التي لا تنسى وفيه الاباء والاجداد والاهل والاصدقاء . ولقد قال الغزالي ( والبشر يألفون ارضهم على ما بها ولو كانت قفراً مستوحشاً وحب الوطن غريزة متأصلة في النفوس تجعل الانسان يستريح الى البقاء فيه ويحن اليه اذا غاب عنه ويدافع عنه اذا هوجم ويغضب له اذا انتفض ) . وهناك من الشخصيات السياسية والاجتماعية وغيرها والتي لديها اجندات خارجيه وتعتبر نفسها مهمشة او حاقدة على الحكومة او شخصيات معينة لسبب او لآخر تجدها تحرض الناس وتصعد نفوسهم ضد اللوطن وتنقص من قيمته بدل أن تهاجم الحكومه ، كل ذلك التحريض من اجل مكاسب شخصيه ماديه نفعيه حتي لوكانت علي حساب الوطن . فكانت الفاظهم نابية وسلوكياتهم قاسية بحق الوطن
فلا فرق بين المنحرف فكرياً واخلاقيا اللذي يعبث بمقدرات الوطن دماراً وتخريباً وبين ذلك السياسي الذي يلعب بالعواطف والعقول لتحقد على وطنها فالأمر سيّان . ان التعبير عن حب الوطن والانتماء اليه ليس بالشعارات او حضور الاحتفالات والمهرجانات وإنما الشعور بالولاء والانتماء المترجم الى الفاظ وسلوكيات ايجابية اتجاه الوطن . هناك اخطاء وثغرات وزلات وقرارات حكومية وتعيينات وسلوكيات وغيرها نجد انها غير صائبة ومضره بالمواطن ، ولكن بالمقابل هناك لغة اعتراضية عقلانية للتعبير عن ذلك وبالاحتجاج السلمي دون الاساءة اللفظية والسلوكية او التعبيرية لنبقى جميعاً ابناء وطن واحد متكاتفين لا متناقضين ولنرفع علم بلدنا ونهتف باسمه ولنواجه اعداء الوطن اياً كان مكانهم واسلوبهم
ليس للوطن غير اهله ..فلن يبنيه اخرون دون مصلحة ولن يحصنه اخرون ان لم نحصنه بأنفسنا..نحن من نحصد مانزرع بأن نكون في المقدمة وخط الدفاع الأول في مصلحته بمفهومها الواسع وعمقها الوطني مهما كبرت اوصغرت في نظرنا..تظل الوطنية وساما لاينتزع مادام الوطن موريتان ارض المنارة والرباط يحمل اسم التاريخ والحضارة والسلام.