دعوة لثورة خضراء / خولة الحبيب

قبل أيام أثار مشهد لوزيرة التجارة وهي تلتقط صورا بجانب أكياس من الطماطم والخضروات الأخرى الكثير من السخرية، على منصات التواصل الاجتماعي، ووصفه أغلب رواد تلك المنصات  باللعب على العقول، وكأن هذه الخضروات منتوج محلي والوزيرة قدمت حلا سحريا للأزمة .

والحقيقة لا تعدو كونها أطنان من الخضروات عبارة عن نجدة من دولة الجزائر قامت بإرسالها عن طريق البحر  لإنقاذنا من وقع الأزمة الخانقة التي نعيشها من نقصٍ في الخضروات.

الأمر الذي يجعلنا نتساءل لماذا ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين و  مازلنا نعاني من نقص الغذاء  لأي سبب من الأسباب ؟
لماذا ونحن نملك الأراضي الشاسعة والصالحة للزراعة لا نستغل مقدراتنا الفلاحية، ونستغني عن 
للاستيراد لنتجنب الاحتياج والصدقات من دور الجوار ؟

إن الواقع يفرض علينا القيام بثورة خضراء لا تٌبقي أثرا للاحتياج والفقر ، وتسد كل عجز غذائي في الأسواق .
إننا  نواجه في هذه الأيام منعطفا محوريا ليس له مثيل، مابين أن نسعى  لتحقيق الأمن الغذائي حتى لو كان جزئيا، وبين أن نبقى عاجزيين خاضعين للاستيراد رغم  الإكراهات، ومشاكل حدودنا الشمالية، التي تطفو على السطح بين الفينة والأخرى، وما ينجر عن ذلك من وقفِ الإمدادات الغذائية المستوردة من المغرب بسبب غلق معبر  "الكركارات" ، فضلا عن التدخل في  مشاكل التوتر وحاسيات الصراع  بين الأشقاء هناك.

فمن المفروض أن نجعل من الشريط الجنوبي للنهر سلة غذائية حقيقية لموريتانيا ! 
هذا الشريط الذي يتوفر على أكثر من "135" ألف هكتار من الأراضي القابلة للري في البلاد ،في حين تقدر نسبة إجمالي الأراضي الصالحة للزراعة في مختلف مناطق البلاد" 500" ألف هكتار لم يستغل منها سوى "46 "ألف هكتار حتى الآن.

وإن كانت  الحكومة لا ترى نفسها ملزمة بزراعة  كل هذه الأراضي  فإنه عليها  بل من واجبها توفير الأراضي المستصلحة للمستثمرين ورجال الأعمال، لزراعة الأراضي والاستثمار في المجال 

كما على الحكومة تشجيع الزراعة التقلدية والعضوية من جهة عبر تشجيع المزارعين الصغار و توفير الآلات ونظم الري الحديثة  والأسمدة ومحاولات التحسين الجيني المساعدة  على زيادة المحاصيل، وتلبية المتطلبات المتزايدة للاستهلاك المحلي من الغذاء .
من أجل الوصول على الأقل إلى معدلات مرضية من الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الغذائي. مما سينعكس على زيادة المحاصيل الزراعية وتحسن دخل المزارعين .

كما على الحكومة خلق  آليات عمل مشترك  لتحفيز وتمويل الاستثمارات في قطاع الزراعة، عبر توفير وتسهيل قروض مالية للمزارعين، على أن يتم تسديدها بعد انتهاء مواسم الحصاد ، الأمر الذي سيؤدي  إلى نقص وتيرة البطالة المتزايدة ، بتوفير فرص عمل للشباب من جهة، والمساهمة في تطوير قطاع الزراعة من جهة ثانية. 

لكننا في نهاية المطاف حتى لو توفرت الإمكانيات وقامت الدولة بواجبها الأساسي،  لا يمكننا تحقيق الاكتفاء الذاتي في أي مجال زارعي ما دامت ثقافة الزراعة غائبة تماما عند المواطن الموريتاني.
  
وثقافة الزراعة لا تقتصر على تعلم  أساسيات الزراعة والتوعية بأهميتها فقط بل يجب أن تكون ثقافة عامة وأن يصبح كل فرد في المجتمع منتجا و ليس مستهلكا، فقط حينها يمكننا الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي.

13. نوفمبر 2020 - 23:44

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا