ازدواجية المشهد / الولي ولد سيدي هيبه

altتتجلى ازدواجية المشهد السياسي المتسم بالتحدي و السخونة هذه الأيام في مشهدين متباينين يحمل كل منهما رسائل جلية المعاني.

ففي الوقت الذي تهيئ فيه المعارضة الديمقراطية لمسيرة غضب و تحدي يراد لها أن تشف عن حجم رفض النظام القائم، تتأهب الأغلبية الرئاسية لاستقبال رئيس الجمهورية في العاصمة الاقتصادية على إيقاعع رفع الستار عن الإنجازات التي تحققت لفائدة تنميتها.

غضب هنا و تشكيك، تباه هناك و طمأنة، وجهان متنافران في قراءة موحدة لانتزاع "شهادة الشعب على أحقية قيادة البلد. و هل للبلد أكثر من تيارين، مهما تشعبا في داخلهما، يتنازعان هذه الأحقية، ليس إلا. و يبقى وحده ما يتوجب توحيد إطاره هو الخطاب المتوازن المفضي إلى الاعتدال و حمل أمانة استقرار و تنمية الوطن في كنف العدالة المجردة من كل الشوائب.

لا الدعوات إلى العنف و الاستئصال القيصري للنظام، باسم الشعب الذي لا يلتقي بكل ألوان طيفه على هذا الخيار، تشكل سبيلا إلى انتزاع أحقية لا يمليها ـ إلى أن تتحقق ـ إلا منطق يظل متفردا و أصحابه مقيدون بضوابط الديمقراطية و بالحس العميق للأمن و الاستقرار. و لا إضعاف قوالب الحوار التي تم الاتفاق عليها بغض النظر عن عزوف أطراف عن المشاركة فيه، تخدم توطيد أركان هذا الحوار و تعمم نتائجه المفضية إلى ترسيخ الخيار و النهج الديمقراطين.

· لا يجوز للمعارضة، في ظل خيارها للديمقراطية نهجا و وسيلة، أن تظل في حل من خيارات الشعب و على رأسها السلم الاجتماعي و الأمن القومي، و أن لا تشاطره هذه الخيارات المشروعة و ذلك بأن تهدئ من لهجة التصعيد المتسمة بالحدة و التحدي التي تفقد الصواب, كما لا يمكنها أن تظل في صمم - لذاتية تضيق بها- عن الإنجازات المرئية التي تتحقق على أرض الواقع لصاح البلد و ساكنته، بل و لها أن تثمن هذه الإنجازات مع المطالبة بالمزيد ضمن رؤية علمية و عملية واعية لمتطلبات الدولة يحملها خطاب شفاف و مرن. و لا يجوز لها كذلك أن تظل ماسكة أعذارا ليس للنظام دخل فيها كالجفاف الذي هو سنة من سنن الطبيعة و عناصرها و كالإرهاب الذي هو شذوذ ابتليت به الإنسانية منذ وجدت و يتوجب عبر الحقب و أنى وجد التصدي له بكل حزم حفاظا على الأمن و الأمان و الاستقرار، و كل هذه ضرورات النمو و التقدم و العدالة.

و إذا كان الاحتجاج و التظاهر من الحقوق العليا التي يكفلها و يحميها الدستور و القانون فإن وجه السلمية و الحفاظ على الهدوء و السكينة فيها أمران يكفلهما و يحميهما نفس الدستور و ذات القوالب القانونية.

· و لا يجوز للأغلبية أن تعمل بما يوحي أنها بديلة عن النظام أو أن الدستور و القانون أدوات بأيديها. ليس الأمر كذلك، فهي مقيدة بكل مواد الدستور و مطوقة بكل قوة القانون، تظهر الولاء لمن تريد في حدود إلزامات و اشتراطات هذا الدستور و وجوب الانسجام مع القوانين المنظمة للحريات. كما لا يجب لها تحت أي ظرف أن تستفرد بإنجازات البلد التي تتحقق ضمن مخططات و سياسية تنموية يقوم على وضعها و الإشراف على إنجازها و تسييرها أبناء الوطن الجديرين من كل المكونات دون تمييز بغض النظر عن انتماءاتهم أو ميولاتهم السياسية.

 

 

 

7. مارس 2012 - 15:32

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا