أكره الحديث عن الشرائحية لما يترتب عليه من تفكيك للنسيج الاجتماعي لنا،ولأن دعاة العنصرية يتذوقونه ويصادف هوى في قلوبهم ويعزفون على أوتاره ألحان فتنة يهيئون ضرامها ليحرق أواصر القربى والإخاء والمودة...التي تسود بيننا من أجل العبث بوحدتنا الوطنية وجعلنا شيعا متنازعة يكيد بعضها لبعض ويحقد بعضها على بعض...
غير أني أكره أيضا أولئك الذين يرفعون شعار نبذ الشرائحية ويتشدقون بمحاربتها في الوقت الذي يكرسونها ويجسدونها بأعمالهم القذرة.يرفعون شعارات الإنصاف والمساواة ومساعدة الفئات المحرومة والمهمشة..في الانتخابات وعلى منصات الإعلام لكن ذلك لا يتجاوز حناجرهم،بل إنهم يطلقون مشاريع طموحة تفتح الأمل للمحرومين والمضطهدين ولكن سرعان ما يتبدد الأمل حين يستحوذ عليها المفسدون من الساسة وأشياعهم وسماسرتهم فلا يرى لها أثر على حياة البؤساء والعالة والفقراء..وإنما تبنى بريعها قصور فارهة في أحياء راقية وتقتنى بها سيارات فخمة وتقام أماسي فنية وجولات في أحسن منتجعات أروبا..
وبين هؤلاء وأولئك يضيع أغلب أفراد المجتمع ويصبحون ضحايا لسجال بذيء وعقيم يدور بين الفريقين.
من هنا أدعو أصحاب الأفئدة الواعية والعقول الراجحة والضمائر الحية أن يستفيقوا من سباتهم ويصيحوا في وجوه المتاجرين بقضاياهم أن كفاكم استهتارا بنا ولعبا بعواطفنا فقد عرفناكم وعرفنا مطامحكم وخططكم ولم تعد تخفى علينا ولن نكون ضحية لها بعد اليوم..
فما جنينا من مشاريع التضامن إلا تفرقة وحسرة وألما،فقد بددت فيها ثرواتنا في حسابات المترفين والمتزلفين لهم..وما أحسبنا سنجني من تآزر إلا نحو ما جنينا من سابقتها فأولياء الأمر فيها مشهود عليهم بالفساد وعدم المسؤولية..وفاقد الشيء لا يعطيه.والأمر يحتاج أمانة يفتقر إليها أغلب من نشؤوا في حضن الرشوة والخيانة والنهب..
إن مجتمعا لا يأخذ على يد الظالم بالقوة لا يمكن أن يجد عبق العدل الزكي،فأوقفوا هذه الحملات والادعاءات الجوفاء،وضعوا خطة نهضوية مثلى تقوم على نبذ الفوارق وتشجيع أهل الكفاءة الأمناء وفتح الفرص أمام الجميع وتوفير تعليم حقيقي يلبي حاجة المجتمع من العلم وينهل من معينه الصافي الجميع..
وأعطوا لأبناء الفقراء منحا تعينهم على تحمل أعباء الدراسة وشجعوا الأسر التي تهتم بتربية أبنائها تربية سليمة ولا تتركوا الأطفال يتسكعون في الشوارع،فتلك لعمري مسؤولية الدولة ويجب أن تقوم بها.
والتعليم ملاك التقدم والرقي إذا صلح صلح المجتمع وإذا فسد فسد المجتمع كله..
والحق مر سماعه في الآذان وللباطل صولة لكنها تنتهي بهزيمته والحق يعلو ولو طال الزمان،والمظلوم منصور ولو بعد حين...