غدا بحول الله يصل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مقاطعة امبود لافتتاح العام الدراسي الجديد من هناك، و في ذلك إشارة بالغة الدلالة -ظاهريا على الأقل- بضرورة الاهتمام بتعليم أبناء الطبقات الهشة ...
سيقف الرئيس وسط الجماهير في امبود، و يحييهم مثلما حياهم من قبله رؤساء سابقون، و ربما يخطب مثلما خطبوا و يتعهد مثلما تعهدوا .... و حين ينظر إلى حواريه لن يجد إلا من يهز الراس و الرجل تأييدا و مباركة .. و يصفق مثلما صفق لسابقيه من الرؤساء، دون أن يثير ذلك في الانتباه .
سيذهب الرئيس إلى المدرسة المحظوظة التي أعدت للاستقبال اللافت و الافتتاح المبارك .. و سيتحدث إلى أطفال تمت تهيئتهم جيدا للحدث و ربما ربت على رأس أحدهم كالأب الحنون او المعلم اللطيف ، لكن خفة الظل ستغيب وستختفي الابتسامة العفوية التي سجلت كماركة مميزة للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز رغم غلظ جانبه مع مسؤوليه و منافسيه و مرافقيه و منافقيه .
و حين يخطب السيد الرئيس قد لا يتذكر العهد و لا معانيه؛ لما تم من تدوير للمفسدين و تغاض عن المخالفين وترد للتعليم و تدهور في الصحة خلال سنة و نيف من حكمه .. سيخطب ويوزع جرعات جديدة من الأمل يستعين بها السكان أياما ريثما يعود الألم الذي تعودوه (تهميش و حرمان و هشاشة و بطالة و شح في الماء و الكهرباء )
في فم لكليته التابعة لمقاطعة امبود يوجد "مصنع للسكر" جاثم كالصخرة الصماء على صدور المحتاجين إلى السكر و الشاي .. إلى القمح و الأرز .. إلى اللحم و الحليب .. إلى الجزر و الطماطم .....
هذا المصنع لم ينتج غراما واحدا منذ إنشائه سنة 2011 و مع ذلك له مدير و موظفون و عمال يتقاضون رواتب مجزية دون مردودية إطلاقا .. إنه الفساد و أيم الله !
تقع مقاطعة امبود في منطقة نهرية صالحة للزراعة، و باستطاعة سد فم لكليته ان يشكل سلة غذائية بامتياز ، تحقق الاكتفاء الذاتي للبلاد .
في امبود دور من الطين و القش و أعرشة من خشب، تحتضن كل المآسي، و تمثل الهشاشة في أبشع تجلياتها.
غير ان السكان سيستقبلون السيد الرئيس بحفاوة القرويين المعهودة .. بالرقص و المزامير و الألعاب البهلوانية .. إنها ألعاب فلكلورية تحكي في المجمل قصة شعب عانى ظلما اجتماعيا لاتزال آثاره ماثلة، وقد آن لها أن تنقضي .
لكن جرعة التخدير السياسي و الشحن القبلي ستجعل سكان امبود يكتفون من الغنيمة بالإياب .. بالحضور و التصفيق و الرقص مثلما يرقص الأصم على إيقاع مموه .. و جوق المنتخبين المحليين يسخرهم في كل مرة لأهدافه و يسخر منهم في أدائه المحكوم بالضحالة و الفوقية .
وا أسفاه ...! ضاعت القيم و الأخلاق. !
ستستقبل الرئيس كذلك وفود قادمة من العاصمة لإضفاء الصبغة الجمالية على المكان، لكن السيد الرئيس ليس ابلها فهو يميز سكان امبود؛ فسيماهم في وجوههم من أثر السجود -طبعا- و من أثر المعاناة و الحرمان و الويلات ...
سيستقبلهم و سيعترف بمعاناتهم و سيعدهم بالتغيير إلى الأحسن مثلما تعهد من سبقوه ..!
و أخيرا فمقاطعة امبود هي إحدى مقاطعات مثلث الفقر حسب تسمية الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد احمد الطايع؛ و الفقر لم يمت . أو مثلث الأمل حسب تسمية الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، والأمل لم يولد .
و اليوم يزورها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني فماذا يسميها لعل و عسى ...؟