لقد توجت إمريكا في نهاية الحرب العالمية الثانية كسيدة للعالم الرأسمالي الذي كان بدوره يسيد على أكثرية مناطق العالم التي كانت تخضع للاستعمار الذي تجسده الدول الأوروبية الكبرى لقد ساعدت إمريكا في النصر الذي تحقق في الحرب العالمية الأولى ١٩١٦- ١٩١٨ وساعدت في إعادة بناء أوروبا بعد الحرب لكنها لم تتمكن من السيطرة والهيمنة الكاملة على العالم لوجود إمبراطوريات استعمارية لاتغيب عنها الشمس كانت تتمتع بمستوى من القوة وتمدد النفوذ والسيطرة على االأسواق ومكامن الثروات الطبيعية والمنجمية في العالم.
وظلت إمريكا رغم أهميتها الصناعية وسرعة نموها وماتمتلك من الثروات و الأساطيل القوية وما ترتبط به من علاقات بمختلف مناطق العالم رغم كل ذلك بقى دورها محدودا و عملتها الدولار تعتمد الذهب كضامن لحجم تداول المطبوع منه.
وفي سنوات الحرب العالمية الثانية الأولى بدأت إمريكا تعد العدة لدخول الصراع الأضخم الذي عرفه الكون لقد كانت الحرب العالمية الأولى تبدو لعبة أطفال بالنسبة لهذه الحرب التي بدأت خطواتها الأولى ١٩٣٩ ومافتئت تتوسع وتتطور حتى انتصار الحلفاء ١٩٤٥!!
وكانت إمريكا وهي تراقب تطورات الحرب وتستعد لما هو قادم حيث جهزت دراسات وخطط لاقتصاد الحرب وتقدير حجم إنتاج الأسلحة والذخائر وكانت تعمل كل ذلك وهي ترى أكبر الدول التي كانت تشكل القوة الرئيسية في العالم بين مستسلم خاضع للاحتلال الألمانى كفرنسا المارشال بيتان !! وبين مستنجد ترتعد فرائصه يحتمي بحاجز مائي بحر المانش الواقع بين البر الأربي الذي اجتاحته جيوش الفوهرر( هتلير) وبين الجزر الأبريطانية و كانت اليد المرتعشة للتاج الابريطاني تمسك أطراف امبراطورية تتوزع في كل القارات في إمريكا الشمالية كندا وفي أقيانوسيا أستراليا وانيوزلاندا وفي آسيا شبه القارة الهندية ودول أخرى وفي القارة الإفريقية جزء كبير يتبع التاج بما في ذلك نيجريا و مصر لكنها في المركز في الجزر الابريطانية كان الوضع يزداد تأزما وقتامة وظلت عيون ذئب المملكة شديد الدهاء رئيس وزرائها ذالك الوقت ونستون اتشرشل مصوبة نحو المنقذ الوحيد المحتمل ذاك الجبار الواقع بين المحيطين الأطلسي والهادي ذاك الجبار ليس سوى الولايات المتحدة ذات القدرات الهائلة والتي يجمعه معها من الأواصر ما يجعلهما يعتبران شعبا واحدا في دولتين واستمرت الأمور تقرب إمريكا شيئا فشيئا من الحرب حتى انخرطت تماما في الحرب بعد هجوم اليابان على قواعد أسطولها في بير هاربر جزر هاواي في المحيط الهادي.
قبل دخول إمريكا للحرب أظهرت صلابة مقاومة الاتحاد السوفياتي للغزو النازي تأثيرها الحاسم عندما صد الهجوم النازي على موسكو وحطم موجات الهجوم على استلنغراد ومزق طوابير وأرتال الريخ الثالث وضعضع قوته وأ فشل أكثر خططه وبدأ يشاهد الضعف والترهل في زخم هجمات الجيش الذي كان لايقهر على مختلف الجبهات و تدنت فعالية مناوراته ، وقد شكل دخول إمريكا للحرب ثقلا جديدا وإضافة نوعية عجلت بنهاية الكابوس الرهيب الذي تأثر به الكون كله.
لقد اعدت إمريكا نفسها لقيادة العالم وأعدت قوة تتفوق على جميع العالم وصنعت الأسلحة الذرية وجربتها ليس لتحقيق النصر على اليابان لقد كانت منتصرة فعلا على اليابان وقد دمرت أساطيله وأكثرية قوته الجوية ونزعت من يدها المناطق والجزر التي استولى عليها من قبل!! إن استخدام القنبلة الذرية كان يقصد بها إرهاب العالم كله وفرض السيطرة عليه ولو لم يعمل زعيم الاتحاد السفياتي ذو الشكيمة القوية جوزيف استالين على برنامج سريع وطموح لصنع السلاح الاسطوري وتكللت خططه باالنجاح لكان لإمريكا ما أرادت إلا أن حصول الاتحاد السوفياتي على السلاح الذري حد من السيطرة المطلقة لكنه لم يمس من سيطرة على أكثرية العالم وتأثير قوي على كل العالم..
لقد كان الإنتصار على دول المحور في الحرب الكونية الثانية بمثابة إيذان بتتويج أمريكا سيدة العالم باستثناء مجموعة حلف وارصو الشيوعية ودول تحررية قليلة تقف بين الحياد الإجابي والتحالف مع المنظومة الأشتراكية وحلف وارصو فتم تأسيس الأمم المتحدة طبقا للمواصفات التي تجسد سيطرة إمريكا على العالم فوضعت حليفاتها ابريطانيا وفرنسا كدول دائمة العضوية تملك حق الفيتو رغم أن فرنسا كانت تحت الإحتلال الألماني وكانت المانيا المهزومة أحق منها بعضوية مجلس الأمن وأعطيت جزيرة فرموزا مكانة الصين الشعبية في العضوية الدائمة لمجلس الأمن لأن حاكمها الجنرال اتشان كاي شيك المطرود من البر الصينى كان حليفا للولايات المتحدة . وحرمت من العضوية الدائمة بالإضافة إلى المانيا و الهند ونيجريا واستراليا و اليابان .
وجُعلت نيويورك المقر الدائم للأمم المتحدة وتم إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تتميما للسيطرة الأمريكية على قطاع المال ، ومكن برنامج مارشال لإعادة بناء أوروبا من سيطرة الرساميل الأمريكية على مختلف الإقتصاديات ومختلف الأسواق وحرر الدولار من الإرتباط بالذهب وأصبح عملة عالمية يعتمد عليها نظام تبادل السلع وحركة الرساميل مما جعل سيطرة أمريكا واقعا لاجدال فيه وبالإضافة لما ذكرنا استمرت أمريكا تحقق المزيد من التطورات والطفرات التكنلوجية والإلكترونية والرقمية جعلتها قائدة الصعود نحو الآفاق غير المسبوقة في العلوم والإكتشافات ولقدسيطرت الشركات الأمريكية على أكثرية اسواق المال واكثرية مصادر الطاقة وفي نفس الوقت تم وضع القواعد الأمريكية في كل انحاء العالم وتوزعت الأساطيل على كل المحيطات والبحار جاعلة العالم كله خاضعا لسيطرةالسيد الأمريكي !
لقدكان للإتحاد السوفيتي وحلفاؤه وعلاقاتهم بحركة التحررالعالمية أدوار لابأس بها وكان لدول عدم الإنحياز وزعماؤها من يغسلافيا الإتحادية المارشال جوزيف ابروز تيتو ومن الهند جواهر لال نهرو من اندنوسيا احمد سكارنو ومن مصر زعيم القومية العربية جمال عبدالناصر .. وشكل ماسمي توازن الرعب بين القوتين النوويتين وبين الحلفين الذين أنشئا بعد نهاية الحرب ومرحلة الحرب الباردة حلف وارصو بقيادة الإتحاد السوفيتي وحلف شمالى الأطلسي زعامة أمريكا شكل كابحًا الحد من النفوذ المطلق لأمريكا في كل القارات وكل الدول ووقع نوع من تقسيم النفوذ المقنن والمعترف به.كل ذالك لم يمنع من ان يظل دور أمريكا وتأثيرها على مستوى العالم كبيرا و مؤثرا ...
لقدعايشنا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية سيطرة كاملة لأمريكا بواسطتها مباشرة أو بواسطة أدواتها وحلفائها ولقد فشلنا فشلا ذريعا في فهم أمريكا وفي تحديد أساليب التعامل معها وخسرنا خسائر يصعب تقويمها نتيجة ذلك . لقد كنا قبل ظهور إمريكا سيدة على المسرح نتعامل مع دول أوربية لا تُكن لنا الإحترام بعد ما إكتشفت من سذاجتنا وأنانيتنا وسهولة إستخدام بعضنا ضد بعض وإشغالنا بما لا يفيد فقد كانت خدعتنا بالتعاون معها لطرد تركيا مقابل وعود لم تتحقق وجعلتنا كمغفلين نساعد في تحقيق وعد بلفور !! وعد بريطانيا لليهود بإعطائهم جزئا من وطننا( فلسطين) ورأت كيف تسير أمورنا في الجزيرة واليمن وحقيقة العلاقات الداخلية بين المشيخات العربية في الخليج لقدكانت بريطانيا منذ دخولها تدخل بين المرئ و إبنه، وزوجه، وأخيه، وفصيلته التي تأويه، لقدسلمت ابريطانيا وغيرها من الدول الإستعمارية الأمور لإمريكا ولاشك انها سلمتها كل الملفات المرتبة في الغرف السوداء حول الشعوب في المنطقة والقادة.!!
عند نهاية الحرب العالمية الثانية جاء روزفلت رئيس إمريكا إلى الخليج واستقبل الملك عبدالعزيز آل سعود الذي كانت علاقته بالتاج الأبريطاني مميزة، والتقاه على مدمرة في البحر . ومماعرفنا أنهم لم يبحثو مصالح الأمة ولم يبحثو إلا مصالح إمريكا وأمن النظام السعودي أما قضية هجرة اليهود وتوطينهم في فلسطين فلم يكن بحثها واردا.!!
كانت لقاءات قادة المنطقة مع المسؤولين الإمريكيين الذين بدأوا يمارسون دورهم كسادة جدد للمنطقة والعالم كثيرة ومتشعبة لكنها لم تتسم بالوضوح أبدا
لقد عجز المسؤولون العرب الذين اتسمو بشيء من الوطنية والإخلاص لبلادهم عن فهم العقلية الإمريكية بشكل عام وفهم السياسات البراغماتية الممارسة في العلاقات الخارجية الإمريكية إن العقلية الإمريكية لاتعتبر الاستلاء على الأراضي ظلما اوتجاوزا على حقوق الآخرين فتركيزنا على استلاب الأرض جعلنا غير قادرين على إسماع الإمريكيين لكلامنا فالأمريكيون يجلسون في ولايات أكثرها منتزع من المكسيك ! فهم يعتقدون انتزاع الأرض وامتلاكها شرعيا وطبيعيا كما أننا بتشكينا من مذابح
شعبنا في فلسطين والتحدث عن ذبح مئات في دير ياسين وجنين وعشرات القرى التي أبيد أهلها وامتلكها المغتصبون إننا بتسميتنا ماجرى مذابح نعتبر عند الإمريكيين في منتهى السخافة! فهذا الشعب يعيش على أرض كان فيها ملايين السكان أقوياء البنية متكيفين مع طبيعتهم الغنية بأنواع الحيوانات البرية والخيول وبأنواع الأشجار المثمرة والأنهار المتدفقة الزاخرة بالخيرات فأين صار
هذا الشعب؟ وماذا جرى معه؟ وفي التاريخ الحديث ماذا فعلت إمريكا في الحروب ؟ في الحرب العالمية الثانية قامت إمريكا بهجوم جوي على مدينة افراكفورت الألمانية واستهدفت جميع المدينة التي كانت صناعية وقدر قتلى هذه الغارة ب٣٠ ألف شخص هذا قبل صناعة القنبلة الذرية وبعد صناعة القنبلة الذرية تم ضرب مدينتين بكامل سكانهما هيروشيما وناغازاكي في اليابان فهل يناسب من هذا حاله الطلب منه التنديد بمقتل المئات ؟
لقد كنا وما نزال نجهل النفسية الإمريكية ونحدثهم بما لايفهمون!!! كما أننا لم نتعامل معهم بفهم براغماتيتهم فهم يبحثون عن التبادل ويفكرون في مايرجع إليهم بالنفع لايفكرون في حليف ولا صديق ولايتخذون عدوا لايمكن تغييره إنهم يحققون مصالحهم ولايهمهم مصير من يستخدمون فعند انتهاء حاجتهم يرموه كما يرمى اكلنكس حدث مع كل عملائهم في العالم والتي نسميهم جهلا بحلفائهم كلهم رموهم في المزابل وكم ممن كانوا يحاربونهم وتبادلوا معهم المصالح وأخذوا منهم مايريدون!!
لقد فشلنا طيلة فترة السيطرة الأمريكية أن نتعامل معهم بما يجلب نفعا أو يدفع ضرا لأننا انقسمنا إلى فسطاطين واحد يعطى ولاينتظر سوى البقاء في الحكم ،والثاني يبحث عن التبادل الأخذ والعطاء لكنه لم يستطع فهم أو إفهام الطرف الإمريكى وبالتالي ضاع جهده فقامت إمريكا باحتواء البعض والقضاء على الآخر وصار الجميع فسطاطا واحدا ينتظر مايسمح به السيد!!!! يتبع إن شاء الله ب: إمريكا وزعامة العالم إلى اين؟!