الحكمة الضالة منذ عهد الإغريق.../ الولي ولد سيدي هيبه

altتواصل أحزاب المنسقية المعارضة سعيها الحثيث لزعزعة النظام من خلال تكثيف المهرجانات و المسيرات المتلاحقة.   و هي في هذا المسعى قد أقبلت خلال الأسبوع المنصرم - في خطوة لم تعهدها الساحة لسياسية من قبل - إلى تنظيم مسيرات متزامنة في مقاطعات نواكشوط التسع تقاسمت بشأنها الأحزاب المنضوية تحت لوائها مسؤولية التنظيم و تمرير الخطاب "الموحد" في سياقاته العامة.

و بحسب العديد من المراقبين و المهتمين بتطورات الشأن الموريتاني فإن هذه المسيرات، التي تباينت في أحجامها و اختلاف زخمها، جاءت دون مستوى الانطباع الكبير الذي أعطاهما عنها الجهد المعتبر و التمهيد المنسق الذين صرفا في الإعداد. إلا أنه و بالرغم من ذلك فإن ما حصل على أرض الواقع لا يمكن التقليل من شأنه علما بأنه يندرج على ما يبدو في سياق سياسة ممنهجة لاستنزاف الصبر و الاحتمال تعتمد وسائل ثلاثة هي طول النفس و شل عجلة النشاط العام من خلال تعبئة و حشر طلاب المؤسسات التعليمية العالية و أطر الإدارة في سياق حراك "المطالبة بالحقوق و رفع الحيف"، و الالتحام و لو مرحليا بـ"محطة" حقوق الإنسان الآهلة بالتنظيمات التي تنشط في إطار ضيق يحمل هموم عرقية و طائفية و حقوقية ليس إلا. من هنا فإن الصراع المحتدم بهذا المستوى من السخونة يبقى قائما بين: - نظام تصف له أغلبيته المشهد الجديد بأنه "مسرح ضعيف الأداء و عاجز عن الإقناع"، و - معارضة متوترة لم تعد ترى ناجعا في "أفقها المسدود" سوى المضي بخطى حثيثة إلى تحقيق أهداف حددت سقفها باقتلاع النظام من جذوره، تبقى "كلمة فصل" لا بد أن تعطى أصحابها الشرعيين من أصحاب الضمائر الحية من كل الجهات و التوجهات في الموالاة بشقيها "النافذ" و "العالق" و في المعارضة بتياريها "المتشدد" و "الداعم" حتى لا يتركوا هذا الوطن منتصبا في وجه الأعاصير التي تتربص به الدوائر و في ظل ظروف إقليمية أقل ما يمكن القول عنها إنها مضطربة و حبلى بأسباب تغيير التوازنات. و لا يستثنى أي من أصحاب هذه الضمائر، علما بأنه لا أحد باستطاعته المزايدة على وطنية كل منهم و لا التشكيك في نواياه التي - مهما غطاها "حب الجاه و السلطة" - متعلقة بوحدة و استقراره و بناء الوطن و رفعته. ليس هذا كلاما جزافا ملقى على عواهنه للاستهلاك الرخيص، بقدر ما هو نداء لأن تعمل كل الأطراف و منها التي ما تزال في "وضع التذبذب" لحسابات في نفوس ذويها، من أجل إنهاء حالة الاحتقان الآخذة في التفاقم و ظاهرة تغلب "التعصب الأرعن" على الحكمة و الرشاد في بلد قال عنه، ذات يوم، ألمع مستعمريه من أمثال الجنرال ديغول و الحاكم غابرييل فيرال و الباحث و العالم تيودور مونود و غيرهم كثير أنه موطن الحكمة الضالة منذ عهد الإغريق.

11. أبريل 2012 - 15:46

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا