بين مد الذاتية وجزر الترحال السياسي / بقلم: الولي ولد سيدي هيبه

altبينما ينعش حزب الإتحاد من أجل الجمهورية الحاكم وأقماره من الأغلبية الرئاسية ندوة حول الفساد - وهو المتهم به -توحي في خطابها، خلال مهرجان حاشد، أحزاب منسقية المعارضة الديمقراطية بتشكيلاتها الكبيرة الحجم و تلك التي تدور في فلكها، بالترفع عن الدعوة إلي العنف والتحريض على الثورات، وهي المتهمة بذلك جملة وتفصيلا.

 

و في المساحة الواقعة بين المعارضة الغاضبة و الأغلبية المطمئنة تجيش و تغلي حرارة مراجل تنظيمات تولد من رحم الأهواء و "اللادولة" لتزيد في "استئساد" طافح لا تخطئه حتى العين المجردة، المشهد اضطرابا و ميوعة و تكشف هشاشة الغصن الذي يجلس عليه الجميع و يقطعه كل بمنشاره دون الإدراك بأن السقوط من عل قضاء على الجميع.

 

لا شك أن المتتبع باهتمام و الراصد بدقة للمسار السياسي الإستثنائي للبلد يدرك أن هذه الوضعية المطبوعة بالتناقض الصارخ في المعطى السياسي العام و في بنية الدولة الهيكلية، هي الحائل دون التقدم في البحث عن التوازن في بلد يشكو من الإختالالات ما يحطه على كف عفريت أو ينصبه في مهب ريح عصفها يأتي من كل الجهات.

 

لا الأحزاب السياسية ترفعت عن عبادة الفرد و لا قادة الأحزاب ترفعوا عن السعي إلي السلطة غاية ونهاية بعيدا عن ربط وجودهم بقصد وحدة صف الشعب، وبسط يد العدل ودفع عجلة التنمية و الاستغلال المعقلن والمحمي لثروات ومقدرات البد.

 

و لا التنظيمات و الحركات التي يفصح بعضها عن انتماءات ضيقة و يتبنى بعضها قضايا حقوقية ملموسة استطاعت أن تقدم منهجية تتفق و منطق عصر بدأت تتلاشى فيه ظلال الماضي و تتجسد فيه فكرة العالمية.

 

و لا النقابات التي باتت بعدد النجوم في صفحة السماء أدركت أبعاد مهمتها النبيلة ففصلت بين نضالها المبني على المطالبة بكل حقوق العمال دون تمييز أو انحياز و بتجرد مطلق عما سوى ذلك.

 

وقد تسببت هذه الوضعية التي تأخذ من كل المناحي و الأوجه بعض أسبابها و دوافعها من روافد بالية لم يجف بعد ينبوعها و التي منها المظهر المقيت للترحال بين مضارب 

الأحزاب و الحركات و التنظيمات و النقابات، بحثا عن ظل ظليل أو نفع يجتنى ثمرا دون أدنى وخز من الضمير أو خوف على الأمة و الوطن من جراء غياب المبدئية و انطفاء الرؤيا الوطنية و انحسار الحس السياسي، ذلك الحس الذي لا سبيل إلى قيام الدولة القوية بدون سلطانه و لا وحدة راسخة بدون منهجه المنفتح على كل الاعتبارات و على قدرة الامتصاص الفريدة لأسباب الفرقة و تجديد خلايا أسباب البقاء في عز الدولة المشتهى.

17. سبتمبر 2012 - 15:50

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا