الجفاف ما زالت أشهر طويلة من الحر و الجفاف تفصل عن موسم الخريف المقبل و ما زالت النفوس منقبضة و الحسرة بادية على أوجه المنمين المذهولين و المزارعين الذين خذلتهم الأرض و حرمتهم غلتها.
فهل إن الخطة التي أعدتها الحكومة للتخفيف من آثار النقص الكبير في معدل الأمطار المسجل خلال السنة المنصرمة، خطة محكمة و تستطيع أن تبعث حقا الأمل في نفوس المتضررين حتى يعولوا عليها لتقليص الأضرار إلى "ما يحتمل" و حتى يبقى ما يؤسس للعمل و إن بجهد مضاعف و التعويض في العام المقبل؟
الأمن ما زالت عشرات الآلاف من "الماليين"، الذين عبروا الحدود إلى البلاد هربا من الحرب الدائرة في إقليمهم، تقاسم سكان الحوضين على وجه الخصوص - اللذان يمران بـ"عام شحيح" - قليل الموجود و الاستئثار بالمساعدات الدولية من الأغذية التي يحتاجها الجميع هناك في ظل الجفاف البادي الوطأة و التأثير. وما زالت تلك الأزمة، و مهما قيل عنها، تلقي بظلالها الداكنة على بلادنا بشكل عام و على المناطق الحدودية مع "مالي" منه بشكل خاص حيث تجتمع كل المتناقضات في الرؤى و الطموحات و الوسائل. و قد استوجبت هذه الحالة الخطيرة من الدولة مضاعفة قدراتها الدفاعية و الهجومية إن استدعت الضرورة لكي لا يحدث تراخ مع قضية الأمن في منطقة تعد الآن من أكثر مناطق العالم تسليحا و خطورة. الصراع على السلطة ما زالت السلطة كـ"هدف و مبتغى" تشكل لب الصراع السياسي الدائر بين الأغلبية و المعارضة. و ما زالت الخطابات الملتهبة تراوح مكانها بحيث لا تحمل "قديما يؤسس " لاحتدامها و لا "جديدا يقدم " لتكرارها و لا "استشرافا" يحمل في ثناياه وعودا بالاستقرار و الوحدة و تقاسم الخيرات في ظل البناء و التنمية. يكلف هذا الوضع البلاد كلفتين باهظتين لا يمكن تعويضهما مها حصل من حيث تضييع زمن التنمية في المهرجانات الكلامية الصاخبة و تبذير الأموال الطائلة على غير هدى و بغير ما إنتاجية ذات آثار باقية في المقابل. و لا شك أن الوضعية السياسية بهذا الوجه العقيم تعبر عن نمطية بالية في التعاطي السياسي تعتمد أساليب رجعية منها التشبث بالسلطة كحق أبدي أو السعي إليها بكل الوسائل التي منها الإقصاء و تصفية الحسابات الضيقة و الحلول القصوى والاجتثاث و افتعال الفوضى.