ستون عاما وما بكم من خجل! / محمد عبد الله ولد بونن

مع كل ذكرى جديدة لعيد الاستقلال تتجدد أسئلة عديدة ويستفيقُ الضميرُ الجماعيُ لهذا المجتمع، وتُطرح مئات الإشكالات بخصوص حقيقة استقلالنا، وماذا حققنا طيلة هذه العقود الستة، وهل تجاوزنا حقاً إرهاصات المخاض، أم أننا لا نزال محكومين من طرف رواسب الماضي،و تبعات مصطلح أرض السيبة التي عرف بها أهل المنتبذ القصي.. ؟؟؟

وحقيقةُ الأمر أن ما عُرف بالدولة الموريتانية أكذوبةٌ كبيرة، وتناقض صارخ مع واقع شاخص أمامنا كلما حاولنا اقناع ذواتنا وأنفسنا أننا نمتلك دولةً وكياناً مستقيماً بادر الى تكذيبنا وتفنيد مزاعمنا تلك..!

*_ فإعلان الإستقلال كان بلغة المستعمر وهي دلالة تكفي لوحدها لمعرفة مدى وكيف استعدنا حريتنا وأرضنا، فأن تكون لغتنا الوطنية مستبعدة من أهم لحظة تجمعنا وتشكل هوية مشتركة لنا جميعاً فذلك هو الخنوع بحد ذاته والاستغلال التام وضياع لهوية لَمَّا تولد بعد.

*_ ثم إن الشعوب الحرة التي نالت حريتها هي التي اختارت من يقودها في مرحلتها الجديدة وكل من تقلد أي منصب كان نتاج حراك، وانتفاضةٍ شعبية جرفت المستعمر وأخرجته صاغراً ذليلاً. 

وعكس هذا هو ما حصل هنا حيث كان المرحوم المختار ولد داداه دمية بيد المستعمر الفِرنسي الذي أتى به ليحافظ على مصالحه ويمتثل بأوامره وكان مجرد جندي له يراعي مصالحه ويطبق استراتجيته الاستعمارية بالمنطقة. 

*_ ستون عاماً مضت ولَمَّا نستقلَّ لا سياسيا ولا إقتصاديا ولا حتى ثقافياً فالقرار بالقصر الرمادي محكوم من طرف المستعمر فكل الذين دخلوه وخرجوا منه كانوا من جيل واحد تدرج بطرق شتى وملتوية داخل المؤسسة العسكرية وانقلب كل منهم على الآخر ضارباً عرض الحائط بكل مبدإ ديمقراطي ومسعى تنموي فمنذ 1978م ونحن نعيش تحت وطأة السلاح وفرض سلطة الفرد عن طريق انقلابات متواصلة بعضها كان دموياً لتحتل بذلك بلادنا المرتبة الثانية من حيث عدد الإنقلابات وهي مرتبة أخرتنا في باقي مجالات الحياة وجعلتنا مذمومين أمام أقرب الجيران الذين نجحوا في التبادل السلمي على السلطة واستطاعوا أن يحققوا مكاسب تنموية واعدة وصاعدة.

*_ أما اقتصاديا فتلك هي المعضلةُ الكبرى التي تشكلت بفعل الأجواء المتجسدة في اختطاف السلطة وقتل شرعيتها منذ إعلان الاستقلال. 

*_ رغم أن بلادنا تمتلك أهم الثروات الموجودة في العالم من حديد وذهب وسمك ونحاس... الخ

إلا أن وضعيتنا الاقتصادية تستحق كل شفقة فلا وجود لبنية تحتية ولا صحة ولا تعليم ولا مشاريع تنموية بل الفساد هو المهيمن والطاغي على كل الإدارات تطبيقاً للمثل الشعبي "إل اتول ش ظاكو" 

فمقدرات البلد موجودة بيد ثلة قليلة سرقت كل شيء وبنت القصور في الداخل والخارج وهي الآن تتمتع بها وتتبجحُ غيرَ خائفة من أي تحقيق ولا مسائلة ولا محاكمة ليشقى من يشقى، وَلْيُهاجرْ من أحب، فذلك لا يهمهم في شيء.

ستون عاما من الظلم، الفساد، المحسوبية،الانقلابات،الزبونية،تكفي وتزيد لقتل حلم دولة لم تَرَ النور بعدُ ولا يزالُ أبناؤُها تائهين في غرب الدنيا وشرقها بحثاً عن لقمة عيش انتزعها منهم قريب وابن بلدهم وتركهم يتسكعون بين العواصم العالمية..!

لقد آن الأوان أن نخرجَ جميعاً من دائرة الصمت والخوف إلى سعة الطموح والهدف المشترك، ونحررَ معاً وطننا ونستعيده مجدداً، وننتصرُ للقاف على حساب الغين!

28. نوفمبر 2020 - 19:20

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا