ان تكون سياسيا في موريتانيا / د.محمدعالي الهاشمي

ليس كل منتمي لحزب سياسي أو مترشح الانتخابات بلديه او برلمانيه او رئاسيه او كاتب او محلل او ناشط أو مناضل هو بالضروره رجل سياسي تقتضي السياسه وقبل كل شئ  ان يكون ممارسها حاملا لرؤيه شامله سياسيه واقتصاديه واجتماعيه وثقافيه وحضاريه ولايمكن تحصيلها في سنه او سنتين او خمس  بل بالدراسه الأكاديمية في التخصص وتجربة طويله من التفكير وتمحيص وتحصيل لشتي المعارف والمعلومات في جدليه متزامنة مع الممارسة لميدانيه وتحليل وتفكيك وتركيب  الأحداث .

أكملت من عمري احدي عشر سَنه في مجالِ السياسة، وكغيري من الدكاتره والبَاحثين يحق لنا ان نحتفل بما أَنجزنا! ونتمنى لبَعضنا مساراً شيِّقاً ومُستقبلا عمَلِياً ناجِحاً.

نعم نحن ندرس السياسة، لكن لم نُمارسها يَوْماً على أرضِ الواقِع، حتى أنَّنا لم نُفكِّر في الإجابة على سُؤال، مَا هي السِياسة؟ هي مفُهوم زئبقي كُلٌّ يتناوَلُه حَسب مَصلَحتِه، بِنَظَرِ البَعض "فَنَّ المُمْكِن"، أي ممُكن أَنْ تَسرِق أموالَ الدوْلة وتنشُر الفَساد والفوضى وتتلاعب بالابرياء وتكذب وتنافق ، وتَبعث أَوْلادَك للدِّراسة في أَشهرِ الجَامِعَات، ولأَنَّكَ مسؤُول سياسي كبير وفاسد وسارق ومجرم  يحق لك أَنْ تَذهَب فِي عطلة صيْفِية إلى أوروبا او تركيا ، لقد تعبت كثيرا يهذا من اجل ان تسرق وتختلس الوطن وتنافق بخطابات امام الشعب المغيب عن الحقيقه وينظر إليك كمنقذ ومفكر ويرى فيك مستقبله .

وهذا النوع من السياسيين غالبا ما يكون من المأدلجين والحقوقيين.

ومهمتهم  في بلادنا،هي أسوأ مهمه في الوظائف البشريه , إنهم يوزعون أفكار التدمير والتفرقه والتلاعب بالوحده الوطنيه والدين وجعلو من هذه الأفكار  سلما للوصول الاشباع رغباتهم المادية علي حساب هذا الشعب وتدميره وعند فشلهم او وقوع مشاكل في البلاد يسافرون للخارج ويسكنون افخم الفنادق بأموال الشعب التي سرقوها ويتركونه يعاني الجوع والمرض والجهل .....

  إلي جانب بث خطاب الكراهيه المشروع لأفراد جماعتهم من طرف الدوله المحرم دوليا من طرف جميع القوانين المحليه والدوليه لكن بلدنا يشرعه للمحتالين وهو سلاحهم وخطابهم السياسي الوحيد ويلعب عليه كل النصابين والمحتالين الفاشلين سياسيا ومهمتهم زج  بالضعفاء والمهمشين العاجزين الذين وضعهم حظهم العاثر في طريق هذه المافيات المحتاله لتجعله حطب نيرانها وتساوم به محليا ودوليا مقابل مناصب في الدوله او مزايا ماديه ويبقي المواطن في مأساته بل زادت مأساته اكثر  خسر اصدقاء وجيران ومعارف ومعاملات .. ويوم الانتخابات عندما يحتاجونهم يقوم الحقوقيون والمؤدلجون بتبرير كل تلك الجرائم و تطهير ضمير ساداتهم و الجماعات التي يدعون الدفاع عنها وهذا النوع من المجرمين قد عبر عنهم المفكر الأمريكي بقوله( ان السياسي الفاسد المتمصلح المجرم تفكيره مشغول بالانتخابات القادمه والتنسيق لها ورسم الخطط والسياسي المتخصص يفكر في الأجيال القادمه ومستقبل البلد)

انطلاقا من هذه النقطه يعارض اهلك واصدقاءك والمقربين منك تخصص العلوم السياسيه بل يخافونه ويعتبرونه رمز الفساد والخيانه واول سؤال  لهم "ماذا أخترت هذا المجال؟  أم أنَّ التخصصات انتهت ولم يبقى غير هذه اللَّعنة لِتَّحل عليك، فأنت تُشكِّل خطراً ووباء  بالنسبة لهم وكأن السياسة من الكَبائر التي تجعلُك تعصي الله.

أَنْ تكُون سِياسياً متخصصا في بلدنا فأنت مشروع شباب فاشل مُهمَّش يُنظر إليْك بِعيْن الشَفقة وستتحوَّل تلك الشفقة إلى نظرة تصِفُك بالمسخ الذي يستحق الحرق، إلى مُجرَّد منافق  يُصفع بأقسى الكَلمات

اللوم يقع على مُروِّجي الأفكار التي استنشقها المُجتمع من "الأقاويل" المسبِّبة للفتنة، والمساس بالوحده الوطنيه ومروجي الايديولوجيات أو من الاعلام الذي وضع صُورة السياسي الذي (يلبس دراعه من ازبي ويركب v8)، ويرسم بسمة صفراء على وجهه المتجعد الماكر  من كثرة أكله للحرام وسرقته ونفاقه وحديثه عن البرامج الخيالية التي سَتدفن وَباء البطالة وتجلب السعادة للشعب وان الشعب سيحتل المركز الأول من حيث الرفاه والسعادة في العالم على المدى القريب والبعض يدلل الآيات القرآنية (اللذي اطعمهم من جوع وآمنهم  من خوف )أو تسيئ لرسول الله(غرس من العرب )في اجتماع ويبرره غلمانه المأدلجين ويؤوله فقهاؤهم......والكثير من التملق والتلون.

كانت لي أُمنية خجُولة حينما قرَّرت دُخول كلية العلوم السياسية، أنْ أكُون في مركزٍ مُؤثر يبعث بالإيجابية، في تلك النشوة البرِيئة حَلُمت أنْ أدافع عن حُقوق الانسان وعن الطبقات المهمشه كالقري ، والبوادي، وآدوابه، والكصور، والأطفال، وذوي الاحتياجات، الخاصه، والمرضى، والسجناء.... وان أساعد الجميع وان أقوم بتلقيح جميع الموريتانيين ضد الفيروسات السياسه الحقوقيه والايديولوجيه وان ارفع صوتي بالحق وضد الظلم والفساد وان لا أجامل في حق الشعب لم أَكُن أعلم أَنَّ الأمور مُختلفة جِداً عمَّا يدُور برأس مُراهق في عشرينيات عمره .

لكن، بعد أن ولجت التخصُص وتخرَّجت بشهادة ليسانس ، ثم تلتها شهادة الماستر ، وبعدها شهادة دكتوراه علاقات دوليه،ودورات في الدبلوماسيه والسياسه الخارجيه  هنا صفعتنِي حقيقة أنَّنا ندخل التخصُص لأجل أخذ دُروس نظرية فقط، ليْس هناك مجال لخوْض تجرُبة ما، وكيف نُمارسها يا ترى؟ نحنُ حقا لا نعلمُ شيئاً، كُلُّ الأمور تسير بالعكس، ولن تستطيع يا صديقي مهما كُنت أن تتحدَّث عن منطِق السياسة وأنت لم تُمارسها فأنت تعلم أنَّهم لن يسمحوا لك بذلك حتى تكُون مثلهم متملق منافق فاسد وتبحث عن اسلاليخ وتنادي بأموريه ثالثه ومملكه للرئيس الحاكم  ......

 للأسف من يُمارسون الكذب والمُراوغة تحت اسم السياسة هم من يتحكمون في المشهد في بلادنا، إذ لا يُوجد سياسي حقيقي ونحن الشباب الذي دخلَ المَجال حُبًّا في التغيير، كمحاولة للقضاء على الأفكار الشريرة التي تستغبي الشعب، وتجعله يُصفِّق على أتفه المسرحيات يبدو أن الطريق مسدود امامنا.

أَنْ تكُون سِياسياً في بلدنا فعليك ان تكون  زِنديق وحَليف للشيْطان، أَنْ تكُون سِياسياً في بلدي عليك ان تتخصص في الإجرام والنفاق والكذب والنصب والاحتيال...... ، أَنْ تكُون سِياسياً عليك ان تكون سارق وصاحب سوابق  تجتاحه اللَّعنات من كل صوْب، أَنْ تكُون سِياسياً متخصصا في المجال فأنت مشروع شباب فاشل مُهمَّش يُنظر إليْك بِعيْن الشَفقة ، وستتحوَّل تلك الشفقة إلى نظرة تصِفُك بالمسخ الذي يستحق الحرق، إلى مُجرَّد منافق يُصفع بأقسى الكَلمات، يُرجم بِأبشعِ الأوْصاف.

أنا أقُول كُن سِياسياً رُغم مَرارةِ الأَعداء، لا تأخُذ كثِيراً بمقولة "البقاء للأقوى" فلا قُوة تفُوق قُوة الله، ازرع بُذور أَفكارك الإيجابية في كُلِّ أَرضٍ يَطؤها عقلُك لأَنَّها ستنمُو ولو في صحراء قاحله، وانشُر الربيع في عُقول أرهقتها المعاناة، أَنْ تكُون سِياسياً فأنت مُميز، شُجاع خَاض التَحدِّي فالسياسة كعِلم بِحاجة إلى التحديث، والعُقول بِحاجة إلى حَذف وإعادة بَرمجة، أقُول كُن سِياسياً تكُن أَجملْ.

وفي الاخير بماذا تنصحونني انا كسياسي بالتخصص وليس بالممارسه هل تريدونني ان اكون مستقلا ام انضم الي احزاب الفساد والخراب لآخذ بعض الدروس من علم وفلسفة الفساد والسرقه وتدمير العقول ام أدخل في غابة واد الذئاب وسوق النخاسه وانضم الي عصابات الحقوق لعلي احصل علي رتبة مسوق  خارج البلد او صانع خطابات الكراهيه وخبير في اللغه الديماغوجيه اعطوني رأيكم 

 

5. ديسمبر 2020 - 17:54

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا