اللحظات الثورية المضحكة / محمد ولد عبدو

النشيد الوطني بالنسبة للدول هو ضرب من ضروب الهوية التي تميز البلدان كالعلم والمبادئ التي تتأسس عليها الدول والتي تأتي في مقاوم فوق الأشخاص مهما كان وصفهم (رئيس ، قاضي قضاة ، حكيم ... لا يهم )، لكنه أيضا ليس مقدسا لدرجة أن يكون غير قابل للتغيير هو فقط من ثوابت الهوية

التي أحيانا قد تتغير لتستبدل بثوابت أخرى، ليست هناك مشكلة في ذلك اطلاقا، فقط يحتاج من يريد تغيير هذه الثوابت ان يحصل على جو عام من التوافق حول الأمر ـ أولا ـ ولكي يحصل ذلك الجو يجب أن يتوفر قبله وقت ما قابل للاستخدام في رفاهية التفكير والذي أظن أن الغالبية الساحقة من المواطنين لا يملكونه أصلا لكن قد يكون متجاوزا ـــ بمعنى ما ـــ إذا كان هناك اتفاق مسبق على المشاكل التي تعاني منها موريتانيا فربما حينها يحتل العلم والنشيد تصنيفا في طابور المشاكل و سنكون حينها أناسا منظمين نتعرف على المشاكل أولا ثم نقوم على حلها وهذا مربط فرس مهم ـ بالمناسبة ـ ، وليس لحظة ثورية لشخص ما .

2

هناك أمهات فقدت عيونهن النظر الى قرة أعين لم يبلغوا بعد العامين في احدى السرقات الكبيرة التي تحوي الكثير من الجوانب سواء سرقة ثمن الحقن السليمة أو ثمن صيانتها أو السرقة الأكبر وهي سرقة الأرواح البريئة تلك ، حين علمت اليوم بصحوة الضمير التي أتت متأخرة بالتحقيق في القضية بعد أكثر من شهر على الحادثة تذكرت بعض حقيقة مهمة ــــ التي لم أقتنع بعكسها يوما ـــ :

• أن مبدأ التحقيق ليس سياسة أصيلة في مؤسسات (المستعمرة العسكرية) أي أن التحقيق هو قرار يصدر من الجنرال حين يمسح أماكن معينة من بدنه ، ويتذكر كم يمكنه أن يكون ثوريا وجادا في قراراته ثم يصدر الأمر بالتحقيق ولو بعد فوات الأوان ، وحين يغض الطرف عن ذلك فليمت أطفال موريتانيا عن بكرة أبيهم ولن يحرك أحد ساكنا ولن يهتم أحد لأمرهم ولن يحصل أي تحقيق حتى بعد فوات الأوان رغم أنها مشكلة محددة ومعروفة أصلا وجميع الشرائع والأعراف في العالم تعرفها بما في ذلك نحن .

3

لا أظن أن هناك من لا يدرك أن المواد البلاستيكية مضرة بالبيئة لدرجة كبيرة خصوصا في بلد ومجتمع بعيد كل البعد من ثقافة النظافة يمكنه أن يرمي أي شيء في أي مكان ، ليست هناك اماكن نظيفة عصية على قطعة بلاستيك او كرتونة أو حاوية من نوع ما ، هذه مشكلة حقيقية وعويصة وتحتاج حلولا ثورية ومن النوع الأصيل الذي يوجد فيه ضرب الطاولة ورفع الأصبع والتمتمة الحازمة "لن نقبل بعد اليوم أية حاوية بلاستيكية في الحما " هذا جيد لكن ذلك أيضا يحتاج بعض الدراسة للبديل الذي سيحول دون انتشار التجارة السوداء لمادة "زازو" ، وربما ينتج عن ذلك افتتاح ادارة جديدة في الجمارك ومصلحة أخرى في شرطة مسقارو للتنقيب عن البلاستيك .. هذه هي كارثة عدم الدراسة وعدم إنتاج البديل قبل الضرب الثوري على الطاولة واتخاذ القرار .

4

حين يكون هناك آلية لتحقيق تلقائي لكل التجاوزات لا ينتظر قرارات ثورية من جنرال ما أو "رئيس" ما ، وحين تبنى كل القرارات (ثورية كانت أو غير ثورية) على الدراسة التي تجعل البديل متاحا ويغطي كامل الاحتياجات بما فيها ملاك مصانع البلاستيك والعمال مهددين بالبطالة ، فأظن قضية تغيير النشيد والعلم لا تحتاج إلا لإجراءات بسيطة :

أولا : تحديد المشكلة والاتفاق عليها

ثانيا : حلها (سواء بتغيير النشيد والعلم أو بالبقاء دون نشيد وعلم) .

5. يناير 2013 - 16:40

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا