إن أرض فلسطين أرض عربية إسلامية حاول الأوروبيون على مدى قرون الاستيلاء عليها عبر حملات صليبية اشتركت فيها جميع شعوب أوروبا وقادها أكبر ملوك الممالك الأوروبية... وقالوا أنها باعتبارها مهد المسيح وهي أرض الميعاد المقدسة لا يمكن أن تبقى لدى المسلمين الذين يعتبرونهم كفرة حسب أقوال رجال دينهم، ولقد كان رجال الدين المسيحيين في مقدم الحملات واشتهر العشرات منهم بالترحال داخل أوروبا محرضين على الحرب المقدسة ومبشرين الغزات بالفوز في الآخرة بعد التمتع في الدنيا بحياة الرفاه و بمباهج حياة الشرق المنعكسة في اذهانهم من قصص ألف ليلة وليلة الأسطورية!!!!
لقد استطاع الصليبيون عبر سلسلة من الحملات الضخمة المنسقة احتلال مناطق واسعة من الشام وأجزاء من مصر رغم المقاومة الأسطورية للممالك الإسلامية المختلفة ومع ضعف الروابط بينها وكثرة الأختلاف وانشغال الأكثرية من تلك الممالك الإسلامية بالصراع بينها وحبك المقالب كل للآخر والتنافس والتآمر رغم كل الظروف غير المناسبة لم تنطفئ شعلة النضال والمقاومة ولعب العلماء دورهم البارز في إنارة الطريق وتوجيه الجميع نحو التوحد والجهاد واثمرت تلك الجهود المباركة وعبر سلسلة معارك مظفرة قادها قادة افذاذ شجعان ومخلصون استعادت فلسطين والشام كله حريتهم وطرد الأغراب !!!!
ولم ينسى الأوروبيون ماتعرضوا له من هزيمة وطرد وإذلال فقاموا في أول فرصة سنحت لهم لإسترجاع السيطرة على فلسطين بالتخطيط لسيطرة استيطانية بها يتم حل مشكلة اليهود غير المنسجمين في مجتمعات الغرب فيجمعونهم في المشرق العربي في فلسطين في تجمع استيطاني يشكل رأس جسر لأوروبا الصليبية -الاستعمارية وفي نفس الوقت يخففون به وجود اليهود في القارة العجوز التي لم تكن يوما مرحبة بهم ولا متسامحة معهم كما فعل الإسلام والمسلمون بهم خلال التاريخ كله...
لقد توفرت للغربيين شروط مثالية لزرع كيان استيطاني في أرض فلسطين عندما كانت السيطرة للأستعمار الإنجليزي والفرنسي على المشرق فتمت الترتيبات بالاستعانة بأمراء متعاونين وعملاء تابعين للأستعمار وتم تشريع تطور الأمور بالمنظمات الدولية التي تسيطر عليها القوة الأستعمارية... واستمر بناء دولة الاحتلال يرتفع ويكتمل خطوة بعد خطوة حتى بلغ الغاية ورتبت أوضاعه بالشكل الذي يمكن من التغلب على الصعاب التي أمكنهم تصورها والتفكير فيها !!! فظلت الحكومات الملكية الموالية للاستعمار تدعم وتساند الكيان المزروع و ظلت الحكومات التي لا توافق على سياسة الاستعمار تحارب وتوضع الأشواك في طريقها ..ولقد اتفق الغرب كله على مد الكيان الجديد بأسباب القوة والمنعة وفرضوا تفوقه على الجميع وسمحوا له بامتلاك السلاح النووي و أعطوه جميع ما انتجته مصانعهم وسمحوا له بارتكاب مايشاء دون ملامة أوإدانة أو تبعة وعملوا لتدمير كل من يشكل خطرا عليه فكل الأنظمة الوطنية بين من تمت تصفيته ومن وضع في حصار لايستطيع معه التحرك لايمنة ولايسرة وشيئا فشيئا لم يبقى في المنطقة إلا نظامهم المبجل ومن يقبل به ويدعمه وأنشؤوا سياسة تطبيع عابرة للقارات لا ملجأ منها ولا منجى ..كل ذلك لتأمين ماخططوا له وما اعتقدوا أنهم حققوه أو في طور وضعه على سكة التحقيق !!!!
لكنهم مع كل ذلك العمل الجبار الذي حققوا لم يعلموا أن هناك ثلاثة أمورا بسيطة لكنها حاسمة لم تكن في تفكيرهم وليست خاضعة لتخطيطهم أو سيطرتهم!!!!
أولا: إن حالة "الطبوغرافيا " حالة السكان ونموهم وتزايدهم وحجم تواجدهم يشكل عاملا حاسما ويجعل المستقبل للأكثرية مهما كان وليس لأحد القدرة على التحكم في ذالك فالتطور الطوبوغرافي لن يستأذن أحدا !!!!
ثانيا: كما أن الإيمان بالله وبأحقية السكان في أرضهم تعتبر قوة قاهرة لايمكن الوقوف في وجهها فبدون إنهاء هذا الإيمان المترسخ في العقول وغسل الأدمغة فلن يمكن ترتيب الأمور كما يراد على الباطل...
ثالثا: إن إرادة المقاومة والقدرة على إنتاج أدواتها القتالية المؤثرة أصبحت حالة واقعية متيسرة وليس لها علاج إلا إحقاق الحق وتحقيق السلام المبني على العدل والمقبول من السكان أهل الأرض أهل القضية !!
هذه الأمور الثلاثة التي لم يفكر فيها كثير من الناس تجعل كلما عمل وكل ما يعمل لن يمنع من استرداد الفلسطينيين لأرضهم وحقهم وإن التعايش بعد ذلك بين المسلمين واليهود لن يكون مشكلة إذا توفر لأهل الحق حقهم فشعوب الديانات السماوية لن يكون بينهم إلا السلام المبني على الحق والعدل وإلى الوئام المبنى على حاجة الجميع للسلام والتقدم والازدهار ..
أما أفكار الإنجيليين الباحثين عن الظلم والحروب والشرور فلن يكون لها في فلسطين والشام والمشرق كله إلا الفشل والنبذ والطرد ولن يفيدهم عملاؤهم ولن يفيدوا هم عملاؤهم وسيعلم الذين ظلمو أي منقلب ينقلبون !!!!!!